الخميس، 11 يوليو 2024

مثل صبيٌ يبكي زمن الحصار شعر: جلال باباي(تونس)

 مثل صبيٌ يبكي زمن الحصار


         شعر: جلال باباي(تونس)


أمام فُوٌَهَةِ غروب مزمن

أحتسي ملح الوقت

أقترب قليلا من اريكة

 بيت مقطوع من الظلّ،

أبدو مثل  السجناءُ،

عاطلا عن الأمل

هناك مرتفعات الدّخان، على درَج 

لا وقتَ لي لأصعد تلٌة السطح

لأشدٌ يسراي الى حبلَ الغسيل

وأعلق مثل غمامة بهذه الرايات

ثمٌ أصلُي حبٌا في الله

حتى ارفع مكر هذا الدخان

كان لا بُدّ من فرح

خفيف على صدري

حتٌى أضحك ولو لبضع دقائق

انا المؤمن المغدور 

قد لُدِغتُ بسمٌ الوجع صيفا

 انا وجهَ الضحيّة

أحاول ان استعيدها هويٌتي

قد بيعت في المزادات

بُعيد الخريف الرابع 

بتٌ رهين حُزن مُتيبٌسِِ

مثل صبيٌ يبكي زمن الحصار

أو رضيع يشتهي صدر أمٌه

لا وقت للأحزان 

حتى تمطر 

وتثمر شجرة المشمش في الأقاصي 

و أحشرني كالفرزدق

في هجاء جرير

صرتَْ الآن كهلا  أرملا 

وحفيدي بات شيخ  يتمه 

كيف تلين وجنتي بالفرح 

وقد أصابتني النوائب؟

سأكون الصفصافة الخصبة

تَنكُتُ شذاها على  المقبرة 

سأبدٌلُ حجر الرخام 

وسائد بنفسج

سأكون قمراً 

فوق أقبية الصالحين 

لن أُعزّي والد الشهيد

لن اقلب زغاريد أمه إلى مأتم

وبعد برهة ، نهنّئ البيت  بوليدٍ جديد

لا وقت للأحزان 

سادعها لأزلام  الشيطان  

لا بهمٌني سوى ما يسري بدمي

فرحا هشا بطعم الطين القديم

أُسنِدً يدي للجدار البارد

حتى أفهم سرٌ الولادة ولو لبرهة

من الهزيع الأخير من الليل،

مضى الساهرون في المقاهي

ثم استكملت طقوسَ الملهاة

فركضت غير مبال

  مع آخر المغادرين لخمٌارة المدينة

 غنيت صحبتهم " الأوٌل في الغرام "

سانهيها لا محالة ،عزلتي

وأرتجل هذا الحصار

أجني ضجري واقفا 

هنا على صهوة النشيد الجديد 

برغم اختلافي مع  النساء

وتشابه الفصول

سأكون رجلا صالحا 

متصالحا مع الكتابة 

وكلٌ الكلام الباكي

لا وقت لي

كي يُحاصرُني الوجع بمخدعي

وأنا الفقير تطالني

 المجاملات بلا حساب

ارمق هلالاً على إصبعي

يباعد بيني وبين لؤلؤها 

بنت الشهيدة وشقيقة الشهيد 

لم يبق إلاٌ تمرٌدي في المفترقات 

لأعيد الأسماء إلى الخريطة الأولى

أنا الجندي المجهول 

أقتسم مع حمام الأقصى غربتي

أتناوب مع المتسكٌعين

 فوق الرصيف ،ضجرْي

فسلامُ على ألمُحِبّيْن

 يغتسلون بماء الصبابة

سلام الخطى الخفيفة 

لا تعادي الطيٌبين

هذا طيف القتيلْ يوزع موشح

غيثارته النازفة آهة  تلو آهة 

لن ارثيك .. أيٌها الحزن 

لن أبكيك..

 أيتها المرأة الخالية من القُبل

لم يبق لي متسع من الوقت

حتى أعدٌل أوتار السنبلة النائمة

واخلد مع آخر الأخلاٌء

أنشودةَغضَبِِ في الجليل ، 

 ثم بطاقة خلاص غزة

 من براثن الدخيل..

..بمقدوري أن أصحو قليلا

انزِلُ إلى الساحات الساخنة

مدجٌجا بضجر الأمٌة .. 

..رغم الدمار 

أردٌد ِملأ َحُنجرتي الرثٌة..

...فلسطين... فلسطين عربيٌة

وأمضي جامحا 

برايات الحرٌية في الزحام .


                    خريف ٢٠٢٢


----- اللوحة للفنان التشكيلي : إكرام الغربي.-------



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق