الجمعة، 26 يوليو 2024

قامات إبداعية شاهقة..رحلت في صمت..وأخرى تتوجع تحت وطأة المرض..ووزارة الثقافة منشغلة بمهرجاناتها..!! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 قامات إبداعية شاهقة..رحلت في صمت..وأخرى تتوجع تحت وطأة المرض..ووزارة الثقافة منشغلة بمهرجاناتها..!!

         

            (المبدع المسرحي عيسى حراث-نموذجا)


قد لا يحيد القول عن جادة الصواب إذا قلت،أن دور الإعلام يصبح مركزيا حين يُغيّب الموت كُتّابا أو مبدعين أو فنانين كبارا،لهم بصمتهم في مجالات مختلفة،ولا يعرف الناس عنهم الشيء الكثير، خصوصا حين يعيشون وينجزون ويبدعون ثم يموتون في صمت. وتحت وطأة الأحداث المتسارعة،رحل تباعا رجال كبار،وكأنهم يتسللون خلسة إلى قبورهم،منهم من ظفر بوداع يليق به،ومنهم من رحل في صمت،في حين أن مهرجاناتنا وملتقياتنا منشغلة بغيرهم ومن دونهم مكانة وحضورا !! .

صحيح أن مصيرنا جميعا الرحيل إلى دار الفناء،لكن رحيل كل واحد منا يختلف عن رحيل الآخرين.فإن كان إكرام الميت دفنه، فإكرام المفكر والباحث والفنان هو إخراج أعماله وتداولها بين الناس،وبث الحياة في جسده المعنوي الذي لا يموت أبدا.

وإذا فاتنا وداعهم بما يليق وقاماتهم ودورهم،نرجو ألا يفوتنا أيضا الاحتفاء بهم من خلال إعادة نشر مؤلفاتهم وإبداعاتهم.فتكريم المبدع لا يتوقف عند طقوس وداع موسمية،بل يتخطى ذلك إلى إحياء تراثه ونشره على نطاق واسع تكريسا لثقافة الاعتراف بالعطاء.

تحدثت هنا عن القامات الأدبية التي رحلت في صمت،على غرار علي العزلوك،أحمد بوطبة،رضوان الكوني،أبو زيان السعدي،محمد بن رجب..والقائمة أطول من أن يتسع لها المقال..

أما بخصوص المبدعين الذين هم على قيد الحياة،لكنهم يعانون أوزار المرض،ويستغيثون بصمت بسلط الإشراف بوزارة الثقافة علها تمد لهم يد العون وتنتشلهم من براثن المواجع،لكن اسغاثاتهم كصيحة في واد غير ذي زرع..!

أتحدث هنا عن المبدع المسرحي عيسى حراث*الذي نالت منه المواجع في نخاع العظم،وأشاحت وزارة الثقافة " بوجهها" عنه..!

فبالرغم من تلك الهالة الإعلامية التي كانت تحيط باسمه يوماً ما، إلا أنه ربما لو عاد به الزمان للوراء قليلاً، لما تخيل أن هذا الاسم يمكن أن تتضمنه قائمة الإهمال ويصبح نسياً منسيا في أحد الأيام،ولكن في بلادي دائماً ما يشفع للمبدع بريق نجوميته الذي ما أن يأفل حتى يختفي بعد ذلك من الأنظار،ويخرج من القلوب ليحتل موقعاً قصياً في ركن النسيان،وهذا ما يواجهه-كما أشرت- المسرحي عيسى حراث الذي أدبرت عنه الدنيا وأصبح وحيداً يجابه المرض والأحزان ونكران الجميل..!!

وليست مرارات الإهمال وحدها من وزارة الثقافة،هي ما يتجرعها المبدع فحسب،بل يؤلمه أيضاً إلى حد كبير،انطفاء ملامحه في ذاكرة رفقاء الشهرة ومتذوقي شهدها،الذين لم ينفكوا يتمتعون بها وهم يحيطون به،وهذا موضوع آخر يستدعي الحبر الغزير..

ختاما أهمس-بلطف شديد-في "أذن" وزارة الثقافة : المبدع المسرحي عيسى حراث ليس في حاجة إلى -باقة ورد-تهدى له وهو على فراش المرض،بل هو في أمس الحاجة لجرعة دواء بالمستشفى العسكري..

وأرجو..أن تصل رسالتي إلى عنوانها الصحيح..


محمد المحسن


*يمرّ الفنان التونسي عيسى حراث بأزمة صحية حرجة وزوجته تناشد وزارة الثقافة لإنقاذ حياته

لكنّ وزارة الثقافة لا تعير الموضوع أهمية على ما يبدو وقد سبق للمبدع التونسي عيسى حراث أن أطلق مثل هذا النداء لعدّة مرات لكن نفس الشي وعود من وزارة الثقافة للإهتمام به والتدخل لعلاجه بالمستشفى وتبقى هذه الوعود دون تطبيق.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق