الاثنين، 29 يوليو 2024

أيقونة هايكو (٣) الكاتبة ناهد الغزالي بقلم أحمد يحيى القيسي

 أيقونة هايكو (٣)

[ناهد الغزالي - تونس]

ناهد الغزالي 

.

.

في الهايكو إما أن تكون مبدعا أو لا تكون، والأديب الحقيقي يتهيب التورط فيما لا يمهُرُ في سبر أغواره. فهو يدرك تماما أن درايته المحيطة بمقومات الجنس الذي يجترحه، وتَمَكُّـنهُ منها تهيئان لإبداعه أرضاً خصبة؛ كي ينمو بِمَأمَنٍ من أسنة النقد التي تنبري للنيل منه.


ونص الهايكو بصرامته المعهودة  يُلقِي بمتسللي أسواره من أنصاف العارفين إلى فخاخ الحرجٍ، خاصة أمام القارئ الواعي، فحيزه النصي الضيق لا يتسعُ لفضلة الكلام وللمعاني الجوفاء، وإقحامهما رغماً عنه يودي بالنص إلى مواطن الابتذال، فالتكثيف والاقتصاد اللغوي سمتان من أبرز سماته.

تتداعى إلى ذهني تلك الأفكار وأنا أبحر في تجربة الأديبة التونسية الشابة/ ناهد الغزالي التي تفوق عمرها إبداعا، فهي - دون محاباة - من المبدعين العرب القلائل الذين أبلوا بلاء حسناً، ولمعوا في هذا المضمار.


إن ما يميز أسلوب ناهد الغزالي في ارتكاباتها الهايكوية مهارتها العالية في تحويل  المشهد العابر غير الملفت للانتباه إلى مشهد شعري يستحث نزعات التأمل الدفينة في أعماقنا، وكذلك قدرتها على حصر ذلك المشهد وصياغته في أقل قدر من الكلمات. 

لن أطيل عليكم، هلموا إلى هذه المختارات من إبداعها:


أعلى التلة

خلتُه أنتَ

الحجر الذي تدحرج!

* * *


نعناع جاف،

كل ما تبقى 

من بيتنا القديم!

* * *


فتاة اللوحة -

مثلي

لا أحد ينتظرها

* * *


لم يزرني أحد هذا الصباح

تكفيني رفرفة

فراشة!

* * *


زهرة الآس 

على التلة أضم

الهديل!

* * *


عاصفة ثلجية 

لم يتبق من الريحان

سوى العطر!

* * *


صنبور مياه قديم

قطرة قطرة

تذبل زهرة الخزامى!

* * *


‏لا رسائل اليوم

عند الباب تتجمع

أوراق الخريف!‏

* * *


يا للوحدة

طقطقة أعواد الحطب

في موقد العجوز!

* * *


تطير، تحط

على نباتات الشرفة

فراشة أخرى

* * *


غربة-

بلا ستائر

نوافذ البيت الجديد!

* * *


صفراء

أتخيل لها عطرا 

أزهارك الإلكترونية!

* * *


شاطئ اللوحة

لا نوارس أيضاً

* * *


حقول القطن البعيدة 

بلون السماء 

كنزة العجوز!

* * *


ليتني فراشة

في مرج بعيد

أغرتني زهرة!

* * *


رياح عاتية

يثقل الدالية

غصن الرمان المثمر!

_______________

وهنا رابط لديوانها الالكتروني (طواحين الهواء) لمن يريد الاستزادة:

https://www.calameo.com/read/005533476748f1e9402f8

بقلم أحمد يحيى القيسي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق