الجمعة، 31 يناير 2025

نَوّارة بقلم الكاتب أحمد بن إبراهيم

    " نَوّارة  "

    اليوم هو يوم الأحد، يوم عطلتها الأسبوعية بعد مراطون التسوق والفسحة، وقبل أن يأخذ فراشها لونه الوردي وينقلب إلى مِنصة عُرس. رأت أن تضحكَ قليلا، وهي المرأة الضحوك. استفزّت شيطانها وتمسّحت على أطرافه. لا بدّ أن توفّر لنفسها نومة هادئة. فأفراد عائلتها كلٌّ يمارس طقوس سهرته وترتيب سبُلَ راحته بإتقان، وذلك بالاعتماد على التلفاز والحواسيب.

مرّرت لسانها على شفتيها في حركة بطيئة ثمّ انبطحت بروب النوم فوق الفراش الوثير تدغدغ المخدّة بنهديها وساقاها تشاكسان الضوء الأصفر الخافت. وضعت بجانبها فنجان شاي أخضر بالنعناع وقطعة مرطبات في صحن صغير. خيالها وشيطانها يقاسمانها انبطاحها. رفرفت نواياها على أطراف الورقة البيضاء. وما إن أمسكتْ بالقلم، حتى بدأت هذه النوايا  تسيل على الورقة. هي نوايا لا يعي طريقها غيرها، كما النّار الراقصة في مقلتيها. هَمست في نفسها :

" أنا في ذِروة النجاح والانتشار ولا عزاء لمن صَهده لهبي. لقد تسلّحتُ بالأساطير والملاحم وكتب النحو والصرف..."

 أتمّت الكتابة بسرعة على الورقة، ثمّ انسلّت إلى تحت خفيفة. وجاءت بحاسوبها. ونقلت بسرعة مَا كتبته على الورقة بدقّة. لقد كتبت دون تلكؤ ما يلي: " لن تمرّي أيّتها المرأة (...) أنتِ أيّتها المشغولة بقشرتكِ المستوردة ستتبخرين مثل البَخور أو السيجارة أو حتى رائحة "الماقون".

كلّ مساء لي معكم يَا " أنتم " موعدٌ أعدِّدُ فيه لعناتي عليكم وشتائمي لكمْ، بينما أرواحكم المنكسرة تتزاحم ليلا نهارا متعلقة بأطراف صورتي المرشوقة بأعلى صفحتي بـ" الفايس" كنوّارة خمرية مسكّرة على مرّ الفصول. ثمّ يا" أنتن" لقد أجّلتُ موعدي معكن إلى وقت لاحق. سيكون ساعتها تركيزي أعظم.

ختاما... المطلوب منكم جميعا أن لا تكتفوا بالنبش بحثا عن سلالة هذا ال..ن..ص "

 دقائق قليلة وتزاحمت على صفحتها "  الابهام الزرقاء والقلوب الحمراء " وصور الورد بأنواعه،حتّى الدموع والآهات. لا أحد من جَماعة " أنتم " سألها مثلا :

 " من تقصدين بـ "أنتم"، بل تحرّكت صفحتها وكأنها تنفض ما علق بها من " بكائيات "

فجأة طرقتْ "مملكتها" أسماء جديدة. أحد هذه الأسماء  كتبَ لها قائلا :

 " هذا النصّ ليس سوى خاطرة "

وقال اسم آخر جديد : " لا. ليست خاطرة. هذه ق ق ج "

وثالث قال : " هذه قصيدة نثرية ."

  طلبت منها إحداهن  وهي الوحيدة التي تدخلت "منهن"  وسألتها:

 " هل لكِ الجرأة وتخبريننا عن هذه " النوارة " من تكون 

وأغلقتْ حَاسوبها متمتمة :"تصبحون على..."

  أحمد بن إبراهيم 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق