عودة .../ مجيدة محمدي
ترابً يراقص نسائم العودة ,
"يا أرضي،
كيف حفظتني؟"
كيف تذكرتني؟
كنتُ غريبًا في مدن الزجاج،
أبني بيتي من لهجةٍ ليست لي،
أقنع نفسي أن الخراب كان خيارًا،
لكن كلَّ مساءٍ كنت أحنُّ
لرائحة المطر على الإسفلت المتشقق،
للطرقات التي تعرف أقدام أجدادي.
هل الوطن رائحة؟
هل هو صوت المؤذن حين يتداخل مع صوت الباعة؟
أم هو جملة قصيرة قالها أبي:
"هذا بيتنا، هنا ولدتَ."
فهمت أن الوطن ليس مكانًا،
بل هو سؤالٌ يلازمك،
وإجابة تجدها حين تلامس كفّيك التراب.
عدتُ اليوم،
أحمل حقيبة صغيرة،
مليئة بالحكايات التي سردتها المدن البعيدة ، والمنافي ...
لكنني تركتها عند الباب،
لأن الأرض لا تحتاج رواية الغريب،
فهي تعرف كل شيء.
رأيت العصافير تنقر بذور الشمس،
رأيت الحقول تتنفس بلا قلق،
والريح كانت تشاغب أغصان الزيتون.
"لماذا تأخرتُ كل هذا الوقت؟"
فهمس لي التراب:
"الوطن لا يسألك متى تعود،
بل يحتضنك حين تعود."
وهنا،
في هذا المدى الممتد،
حيث الزعتر يهمس للأرض عن زمن مضى،
أعدت ترتيب أنفاسي.
أدركت أنني لا أحمل الوطن،
بل هو الذي يحملني،
في كل خطوة،
وفي كل صمت،
وفي كل رائحة ترابٍ،
تحفرُ في ذاكرتي جذور البدايات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق