الخميس، 30 يناير 2025

قراءة نقدية بقلم الناقدة جليلة المازني " الومضة الشعرية بين الكتمان والبوْح بالحب" قصيدة د. آمال بوحرب (تونس)

 قراءة  فنية لكلماتي بقلم المتميزة Jalila Mezniا

 القراءة النقدية:

" الومضة الشعرية بين الكتمان والبوْح بالحب"

الشاعرة آمال بوحرب (تونس)

القصيدة: " أكظم هواك.."

الناقدة جليلة المازني (تونس). 

==== الومضة الشعرية ===

أكظم هواك لا عيب ولا خجل

إن العيون بها ما يقال مرتجلا

والسعد يوم صرت لي قصيدا

والسعد أني لك موطنا وأملا.

================

القراءة النقدية: " الومضة الشعرية بين الكتمان والبوْح بالحب"

استهلت الشاعرة ومضتها الشعرية بفعل في صيغة المضارع المرفوع الدال على الدوام والاستمرارية (أكظم).

وكظم الشيء يعني كتمه وأخفاه .

فما الذي تداوم شاعرتنا "الحبيبة"على إخفائه وكتمانه؟

تقول الشاعرة آمال بوحرب: "أكظم هواك لا عيب ولا خجل".

إنها تتوجه لحبيبها لتخاطبه أنها تخفي هواه.

 والشاعرة هنا تتناص في معنى إخفاء الهوى مع الشاعر الأمير خالد بن سعود حين قال:

أخفي هواك عن العيون// فكيف مني يعرفون؟

إن الشاعرة تقرّ أنها تكظم هواه و حبّه لا عيب و لا خجل فهي لا تخجل من حبّه ولاتعتبر حبّه عيبا وهي بذلك تتحدى كل من تخفي عنه حبها.

فهي امرأة جريئة لا تخجل من حبها ولا تعتبره عيبا.

وهي من وجهة نظر حقوقية تمنح نفسها حقها في البوْح بالحب الذي ليس حقا حكْرا على الرجل فقط.

- لعلها تخفي حبه لأنها تريد أن تحْتكره لنفسها ولا تريد أحدا أن يشاركها هذا الحب غيرة عليه كأية امرأة عربية.

- لعلها تخفي هواها عن حبيبها ولا تستطيع البوْح به.

بيْد أنها تخفي هواه والعيون تبوح به فتقول:

"ان العيون بها ما يقال مرتجلا" 

انها تتناص هنا مع الشاعر نزار قباني حين قال :

أنا عنك ما أخبرتهم لكنهم //  لمحوك تغتسلين في أحداقي.

انها لغة العيون والجسد التي تعكس المشاعر الداخلية المخفية والتي تكظمها الشاعرة.

ولعل القارئ يستحضر لنا ما قيل في لغة العيون التي تعبر عن الحب:

"تمعن النظر بودّ وحبّ دون الالتفات لأي شيء آخر تُعدّ من علامات الحب وإشارة قوية من لغة الجسد عن اهتمام الشخص بالطرف الآخر كما أخبرت خبيرة لغة الجسد بان في الكثير من الوقت تكون النظرات أبلغ من الكلام كما أكدت أن العين المحبة تكون مبتسمة مثل الشفاه أثناء النظر لمن نحب مع المبادرة

بالإعجاب لما يقوله المحبوب"(1).

وهل أكثر من أن الحبيب أصبح لها القصيد؟ تقول:

"والسعد  يوم صرت لي قصيدا."

ان الشاعرة أصبحت مسكونة بحبّه, هذا الحب الذي أسْكنتْه في قصائدها وأصبح حديث مشاعرها السعيدة به.

وبالتالي ليست العيون هي التي تشي وحدها فحسب بحبّها له بل قصائدها أيضا تكشف هواها وتبوح به ككل الشعراء.

انها تتناص مع نزار قباني الذي يقول:

أنا عنك ما كلمتهم لكنهم// قرؤوك في حبري وفي أوراقي.

ان بوْح الشاعرة بحبّها في قصائدها يجعلها سعيدة سعادتها بابداعها فهي لا تخفي عنا تعلقها بابداعها حين جعلت حبيبها يرتقي الى القصيد وذلك مصدر سعادتها.

ان الجبيب والقصيد عشقان متوازيان :

- عشق عاطفي وجداني واقعي (الحبيب).

- عشق فكري ابداعي (القصيد).

وأكثر من ذلك فان الشاعرة باستخدام الكناية قد كنّت عن قلبها بالموطن فجعلت حبيبها يعتبر قلبها موطنا وأملا. 

والموطن حسب ما ورد في لسان العرب هو مكان الاقامة سواء ولد فيه الشخص ام لم يولد .انه كل مكان يقيم به الانسان لأمر ما.

ان الشاعرة سعيدة لأنها المكان الذي يُقيم فيه حبيبها بعبارة أخرى أنه يُقيم بقلبها ويسْكنه .ان هذا الحبيب يعتبر قلبها مقر سكناه ولن يتخلى عنه ففيه أمله في الحياة وعزته ولن يحيد عنه أو يتركه كما قال الشاعر:

اذا نبَا بكريم موطن فله// وراءه في بسيط الأرض أوطان.

ان قلب الشاعرة هو الموطن الوحيد لحبيبها فلا يمكن أن يهجر موطنا يتعلق به كل أمله في منحه كل حقوقه تماما كما يمنح الموطن الطبيعي للمواطن كل حقوقه المدنية وغيرها.

انها تجعله ُراهن على قلبها (موطن) الذي يمنحه حقوقه الوجدانية والعاطفية.

وبالتالي فلئن كان الحبيب قصيد الحبيبة وما في القصيدة من معاني المتعة والانتشاء فان الحبيبة هي للحبيب موطن وما في الموطن من سكينة واستقرار وأمن يطمئن كيانه أوهي القلب الذي يسكنه بما يغدق عليه من أحاسيس ومشاعر تغذي وجدانه.

وبين القصيدة والقلب علاقة وجدانية فما يشعر به القلب يجسّده القصيد ليخلد هذه العلاقة الأبدية التي هي مصدر سعادتها.

وخلاصة القول لئن أوهمت الشاعرة القارئ بكتمان هواها فسرعان ما باحت به ليكون لها قصيدا وتكون له موطنا وأملا.

سلم قلم الشاعرة آمال بوحرب كتمانا أو بوْحا بالحب قصيدا أو موْطنا وأمَلا .

بتاريخ 29/ 01/ 2025

المرجع:

https://www.youm7.com(1)

3اشارات من لغة الجسد تدل على الحب.." نظرة العين بتفرق"- اليوم السابع.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق