الاثنين، 24 مارس 2025

مقالات في رمضان الأمانة في القرآن بقلم الأديب عبد الكريم احمد الزيدي

 مقالات في رمضان

الأمانة في القرآن

...............................


ونحن نكتب في فضائل هذا الشهر المبارك حريصين أن نبين ما قد يرد في أذهان المتابعين من معاني وتفسير لبعض آيات الله سبحانه وتعالى ، ولعل الأمانة التي ورد لفظها نحو عشرة مواضع في القرآن الكريم جاءت بإسمها الظاهر المبين في ثلاث معاني :

أولها ، الأمانة على دين الله تعالى ، وهي الفرائض التي فرضها الله على عباده ومنه قوله تعالى "لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم" الأنفال  :72

ثانيها ، استخدام الأمانة بمعنى الوديعة ، ومنها قوله تعالى " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " النساء :58

ثالثها، بمعنى العفة وهو المعنى الذي فسره العلماء بقول الله تعالى " إن خير من استأجرت القوي الأمين " القصص :، أي القوى في بدنه والأمين في عفافه . 

26

ولعلي أولا أتطرق إلى تعريف الأمانة في اللغة وتعني الصدق والإخلاص في فعل الشيء ، والوفاء بالعهد ، والثبات عليه  وجمعها الأمانات ، وفي الإصطلاح هي كل ما يلزم على الإنسان أداؤه وحفظه وهي في الإسلام جميع ما نص عليه الدين وما شرعه من أوامر وتشريعات.. 

وما يهمنا من هذه المقدمة ، هو التوقف عند آية كريمة جاءت في سورة الأحزاب :72 ، وفيها قول الله تعالى " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان أنه كان ظلوما جهولا " وهنا جاء معنى الأمانة في حكمها العام وضوحاً لا يقبل الجدل أو الإنحراف في الفهم عن جوهره المقصود وهو التكليف ،  وقد قال بعض المفسرين ومنهم الإمام الزمخشري ، إنما أراد بالأمانة الطاعة فهي لازمة الأداء ، غير أن أجمل التفاسير التي علقت بذهني في تفسير الأمانة ما ورد في وجهين ، أحدهما الفرض كما جاء في قوله تعالى " أبى أن يكون مع الساجدين" وكان إنكارا من أبليس لهذا الفعل وثانيهما العرض الذي جاء في سير الآية الكريمة وهي إستصغارا لأنفسهن بدليل قول الله " وأشفقن منها " ولم تكن إستكبارا كما الحال في أمر الله لسجود الملائكة لسيدنا آدم ( عليه السلام ) وعلى هذا جاء تفسير ابن عباس ( رضي الله عنهما ) بأن الأمانة تعني الطاعة عرضها الله على المخلوقات قبل أن يعرضها على الإنسان فلم يطقها . 

فقال لآدم : إني قد عرضت الأمانة على السماوات والأرض والجبال فلم يطقنها، فهل أنت آخذ بما فيها ؟ قال : يا رب وما فيها ؟ 

قال : إن احسنت جوزيت وإن أسأت عوقبت ، فأخذها آدم ( عليه السلام ) فتحملها ، وعن ابن عباس ( رضي الله عنهما ) أيضا الأمانة الفرائض ، عرضها الله على السموات والأرض والجبال وهن من  خلقه إن ادوها أثابهم ، وإن ضيعوها عذبهم ، فكرهن ذلك وأشفقن من غير معصية ، ولكن تعظيما لدين الله إلا يقمن بها ، ثم عرضها على آدم ( عليه السلام ) فقبلها بما فيها .. وقوله تعالى  " إنه كان ظلوما جهولا " إعتراض وسط بين الجمل ، وغايته للإيذان  من أول الأمر بعدم وفائه بما عهده تحمله ، أي أنه كان مفرطا في الظلم مبالغا في الجهل . 

أقول قولي واستغفر الله لي ولكم ، وأحمده إذ علمني مما علمت وأعوذ به من شرور أنفسنا وسيء أعمالنا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. .. 


........................................................................

عبد الكريم احمد الزيدي

العراق / بغداد



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق