مقالات في رمضان
المشاعر والنسك في الدين
……………………………………..
ونحن نقرأ في كتاب الله الكريم ، كثيرا ما تستوقفنا في تدبر الآيات الكريمات عبارات والفاظ وأسماء وضعت في مواضع تستدعي قرائتها بتأمل وتبصر ، ولعل واحدة من هذه العبارات ما وضعنا عناوينها في صدر المقال هذا .
ولأن هذه المشاعر والمناسك كلاً لها توصيفها ومعانيها في كتب الله التي جاءت فيما سبق الأسلام
والدعوة النبوية الشريفة ، لهذا ولإيجاز المقال فأني سأكتفي بما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى في هذا الشأن ، ومن المفيد ان نبدأ بما ورد في سورة البقرة على لسان سيدنا ابراهيم وولده اسماعيل عليهما السلام ، قال تعالى " ربنا واجعلنا مسلمَين لك وأرنا مناسكنا وتب علينا أنك انت التواب الرحيم " وهذا الدعاء جاء بعد أن أوحى الله تعالى إلى ابراهيم وولده اسماعيل أن أقيما القواعد للبيت العتيق ، فلما أكملا البناء وآن لهما أن يشهدا ما لحرمة هذا البيت عند الله سبحانه وتعالى من حق على البشر سألا عن بينة وذريعة هذا المكان والبناء المحرم وعن آلية الشكر والإمتنان لله على هذا الهدي ، وأن يشهدا كيفية أداء تعبدهما وهو معنى المنسك في هذه الآية الكريمة .
وبالعودة إلى مقالنا ، فأن الشعائر هي العلم ، وليت شعري أي ليت علمي او ليتني علمت وسمي الشاعر شاعرا لانه يشعر بما لا يشعر به الآخرين ، والمشاعر هي مواضع المناسك وقوله تعالى " ليس عليك جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم فأذا أفضتم من عرفات فأذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم مَن قبله لمن الضالين " والمشعر الحرام تارة يراد به المكان المعين الذي وقف عنده النبي صل الله عليه وسلم وهو الجبل المعروف في المزدلفة وعليه بني المسجد ، وتارة يراد به جميع المزدلفة لأنها مشعر حرام ، وسميت بالمشعر الحرام لأن هناك "مشعراً حلالاً " وهو عرفة وهو حلال لأنه على بعد أميال خارج الحرم بخلاف المشعر الحرام الذي بمزدلفة الذي يقف الناس فيه وأنه حرام ، ولم تسمى منىً " مشعراً حراما " لأنه ليس بها وقوفاً مستقلاً .
وشعائر الله هي جميع المتعبدات التي جعلها الله لنا أعلاما فهي كل ما كان من موقف أو مسعى أو ذبح كالوقوف والطواف والسعي ورمي الجمرات ومنه الحديث الشريف أن جبريل أتى النبي صل الله عليه وسلم فقال : " مر أمتك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية فأنها من شعائر الحج " وللشعائر نوعين :
الشعائر الزمانية
وهي التي ترتبط بزمن معين لما يحصل فيها من الهداية والخير ومنها شهر رمضان والأيام العشر الأوائل من ذي الحجة التي أقسم الله بلياليها العشر تعظيما لها حيث قال " وليالٍ عشر " وأفضلها يوم عرفة وكذا من الشعائر الزمانية يوم الجمعة وهو خير أيام الأسبوع فيهِ تقوم الساعة وفيها ساعة يستجاب فيها الدعاء .
الشعائر المكانية
وهي الأماكن التي فضلها الله على غيرها ، مثل المسجد الحرام والمسجد الأقصى والمسجد النبوي ، قال المصطفى صل الله عليه وسلم " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة ، مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى " وهي أعظم بيوت الله جعل أجر الصلاة فيها أعظم مما في سواها وحرم على المسلمين أن يعصوا ربهم فيها ، ومن مظاهر الشعائر القران الكَرِيمِ ، الصلاة، الزكاة ، قال تعالى " ذلك ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب " .
وعلى العموم فأن الشعائر هي المشخصات المتعلقة في الحج والعمرة ، قال تعالى " إن الصفا والمروة من شعائر الله " و " إذا افضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام " و " البُدن جعلناها لكم من شعائر الله "، والنسك هو العمل على المشاعر ، البيت الحرام والصفا والمروة من الشعائر ، والطواف بهما من النسك ، عرفات من المشاعر ، والإفاضة من عرفات من النسك ، الهدي ( الأنعام ) التي تذبح في موسم الحج من الشعائر ، ذبح الهدي وتوزيعه على المحتاجين والفقراء من النسك ، ولهذا فالنسك هي العبادة والطاعة وكل ما تُقرب به إلى الله تعالى ، فالصوم يسمى منسكاً ، فالنسك ما أمرت به الشريعة ، والورع ما نهت عنه .
وقبل أن نختم مقالنا هذا فإن معنى المناسك وهي جمع منسك ، والتنسك هو التعبد والنسك هو العبادة ويطلق في لسان الشرع وأهل العلم على إنه أفعال الحج والعمرة ، قال تعالى في سورة البقرة " فأذا قضيتم مناسككم " ، والمناسك هنا هي أعمال الحج وأكثره على الذبح " قل إن صلاتي ونسكي " في سورة الأنعام ، ومن الحديث الشريف قال صل الله عليه وسلم لكعب " إنسك شاة " أي اذبح شاة فالمناسك اذاً هي أعمال الحج والعمرة والله أعلم .
الحمد لله الذي علمنا ما لم نكن نعلم ونفعنا وأياكم بما علمنا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
……………………………………………………………..
عَبدِ الكَرِيمِ أَحمَد الزيدي
العراق / بَغداد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق