الثلاثاء، 30 يناير 2024

بسم الله _ فاتن فوزي


 بسم الله

الله اكبر
ونفسي النصرة تكبر
والحب يرجع زي زمان
ويملي الشوارع والمكان
والحنان يفرد جناحة علي الحياة
والدنيا تبقي ربيع طول الحياة
ببركة بسم الله
والحمدلله
وندعي الله بكل ما نتمناة
وهي الدنيا تحلي غير بحب الله
تجرب كدة يحبك ربنا
وخليك فاكر ان حب الله
هو الحياة والسعادة
في الدنيا والآخرة
ويا بختك يلي
حبك ربنا
وفضلك علي خلقة
وكرمك ونعمك من فضلة
اوعي تياس من رحمة ربك
او حتي تفكر تغصب ربك
ودايما خليك صابر علي الأبتلاء
وخلي لسانك عامر بذكر الله
أوعاك تزعل علي شئ بتحبة
وربنا هبسة عنك
اكيد مش نصيبك
واللي من نصيبك هيصيبك
بقلمي فاتن فوزي

اللقاء ــــــــ عثمان زكريا


 اللقاء

بقلم/عثمان زكريا(رسول الإنسانيه)
_السودان
منذ الزمن الأول
وتفاصيل الأشياء
تدهشني وتشغلني
لم أستطع مرة أن أتجاوزها
ثم صارت تسحرني
تصنع اتجاهي وحركتي
ليس للرياح أو السكون أي تأثير
عرفت فيما بعد أن ليلى
كانت تمتلكني ولا تكتب
العناوين تطلق الحنين
وكنت لا أجهد نفسي كي أجدني
في رحاب نرجسة لا تذوي
لا تقف عند حدود الفصول
أو السهول
لا حضور ولا معنى للوقت دونها
كان الوقت بعض تفاصيل لا تُرى
كانت هي الإسم
والمسمى كانت أنا، كنت هي
هي أو أنا
أنا أو هي كنا
هي كل تفاصيل الحكاية
وأغنية حياتي
كتبت إسمها كأجمل
إسم رسمته أشكالاً مختلفة.

قالت من أنا عندك؟ ـــــــ الشاعر سامي حسن عامر


 قالت من أنا عندك؟

عطر يذوب في حنايا القلب
أجمل ما سارت خطوات الدرب
عشقا يهمس بالرياحين
قالت هل أحببت بعدي ؟
وكيف للقلب أن يغفو بعدك
وأنت الندى يبلل صباحات الحنين
وقمر يجوب في ليالي الساهرين
وسطرا من قصيدة لم يكتمل ولو بعد حين
قالت صف لي غرامك؟
آخر ما تبقى من حب العاشقين
وشهقة من خفق تذوب مع طلتك
ونهر يحمل أحلام المسافرين
يا وطنا عرفت معه طعم الحب
وأمنية تعبر سنوات العمر
تصدح بالغرام لو تعلمين
من أنا. الشاعر سامي حسن عامر

بِنْتُ الجِيرَان ــــــــ أشرف رسلان




 بِنْتُ الجِيرَان

مَـنْ مِـنَّا لَـمْ يَعّــشِقْ بِِنْـتَ الجِــيّرَان
أمَامِي تَكْـبُر تَتَـفَتح فَـوْقَ الأغْـصَان
أرْقُبُهَا مَنْ خَلْفَ الشُّرّفَة أمام المِـرّآة
تُنَــسِّقُ ثَــوبًا تَتَــزيَّنُ تُكّـحِلُ عَيـنان
تَــرُوحُ ذِهَـابًا وَإيَــاباً بَيـن الرُّدهَـات
وَعِيُوني بِشَوّقِ تُلازِمُهَا دُوّنَ اِستِئذَان
آهٍ حِــيّنَ أرَاهَـا . . تَسِـــيّرُ أمَــامـي
كُـلُّ حَـوَاسِي تَتَـجمَّد مِثل الأوَثـان
وتَتُـوهُ مَعَـالِمُ مَنّ حَـوّلِي إلا مَعَالِمَ
بِنْتِ الجِيّرَان
صَارَت أقْدَامي تَتّبَعُها ... تلاحقـها
تَـأمَـلُ مِنّــهَا ....... نَظّـرَةَ إِحّسَــان
فَيُـتَمْـتِمُ لِـسَــانِـي بِكَلِـــماتٍ
لِتُـجِيـبَ ... بِأعّــذَبِ ألْــحَان
هِـيَّ عِـشْــقِي الأوَلُ بالقَــلْبِ
هَل تُصّـبِحُ فِي طَي النِّسْيَان
مَنْ مِنا لَم يَذّكُرها بَعّدَ فُراقٍ
إنْ مَـرَّت عِــدَّةُ أزْمَــان
أوَّلُ قِصَّـةِ حُبٍّ نُدرِكُـها
تُسّعِدُنا بَعّـضَ الأحّـيَان
أوْ تَبّـقَـى قِصَّـتُنَا دَومًا
إنْ كَلَّلْـنَاها يَومًا بِعَـقّدِ قَرَان
فَتَطُــوّلُ فِصُــولُ رِوَايَتِـــنا
يَحّكِيـها الأهـلُ مَـع الخِـلان
بقلم_ أشرف رسلان

الأحد، 28 يناير 2024

ايها الثأر الملثم بقلم:الشاعرعبد الكريم محمد الهتاري

                يها الثأر الملثم

طوفانكم يمسح بؤس سنين العجاف
حريه نطمع ولو نعيش عيش الكفاف
فبؤس السنين بلا ضفاف
حريه نرتشفها ارتشاف
حريه وخبز حاف
فلا ولن نخاف
نمقت انصاف الحلول
ونمقت للحول انتصاف
يشهد الله وحنظله ناجى العلى
نحن لن نخاف
عبد الكريم محمد الهتاري

حكاية راحلتي بقلم:الشاعر علي مباركي

 حكاية راحلتي ** بقلم علي مباركي

كم ظللت أعاديك يا زمن
هيچاني وفي أيد مطارقي
انشودة صووغها قلمي
حين نكبت بمهرة المأزق
يممها غارق لا يفي مطلعي
غرقت أمنياتي ولم أفق
كان بحرا عديد الأطلس
خضت سبحا بلياله الأغدق
صرت طلا وظلي بلا ورق
اجافي طعم نوم وبي أرقي
كم صبت نبضتي تقلق راحتي
ما كفت مننيا مقلتي أرقي
صار سهدا يلازم نبهتي
مثلما ائتمرت ناقتي بالطرق
وتهاوت بمحض النفس يم النفق
عابها إفتعال بمن توثق
لقمة صايغة بفم البخر
لاك أطرفها لوكة الأبرق
خرقة رميت تندب حظها
وخلاق نفته يوم العتق
علي مباركي
تونس في 29 جانفي 24

على وقع خطاه بقلم:الشاعرة نعيمة مناعي

 على وقع خطاه

تغار القصائد
من وقع خطاه
وترفل أرصفة الشوارع
في بهو ضياه
وتزهر نسائم الصبح
فتنير مداه
و على وقع كلامه
يتورد الحرف
ويتبدد الغيم من مقلتيه
فتنقشع ظلماه
ويبرق الفرح
من وجنتيه
على وقع ابتسامته
يندثر الحزن ،فينبلج سناه
وتغرق المحابر
في حفيف لقياه
ويقفز الربيع
من جوف شتاه
على وقع صمته
يقطع الليقين مع الريب
وترفع التهم عن شكواه
على هديى سؤاله
يبرق الجواب ،من جوف الغموض
ينطق الأبكم من ريعان سباته
يصرح الأخرس ،بنظم وجدانه
ويختزل العالم في لب حضوره
بقلم نعيمة مناعي





ساكتب عنك بقلم:الشاعرة فاتن فوزي

 ساكتب عنك

قصيدة
أنثر فيها حكاية حب
أكتب عن عشقي للأشياء
للحياة للألوان
للفرحة
اكتب قصة عشق
ليتعلم منها العشاق
ولتكن قصتنا كنجم
يهتدي بيه جميع العاشقين
لنزيل عتمة الكرة
ويحل الحب
يحتل القلوب
بقلمي فاتن فوزي

عبور بقلم : الشاعرة سهام بن جويدة

 


حين يعزّ اللّقاء
تعبر إليك السّطور
محمّلة بأكاليل الشّوق
ببساتين الزّهور
تتلألأ الحروف
كنّجم ساطع
لا يروم الأفول
كشعاع ضوء
يخترق الذاكرة
يرسم أجنحة بألوان الطّيف
تبارك للنّسيم المرور
حين يعزّ اللّقاء
لا لوم على الرّوح
إن طارت إليك هائمة
إن قطعت في البعد
جبالا وفيافي
إن شقّت سبعة بحور
لتلقي عليك السّلام
وتعزف لك لحن غرام
وتنثر حولك
كلّ العطور
تضمّخك
بنفحات طيب
وترشف من حبّك
أرقى الفنون
سهام بن جويدة

جراح الفراق:بقلم الأديبة د كاساندرا الساحلي

 جراح الفراق:

كل من أحبه قلبي ذهب
وترك جرحا عميقاً بعد الرحيل
ترك أثراً كبيراً بعد المغادرة
ودمع لا يكفكف يجري كسيل
في ليالي الشتاء الباردات
تتجمع كل الذكريات
وتنهمر العيون باكيات
والدمع في جوف المقل صليل
يرتجف القلب مهزوز
يكاد من بين الضلوع ينخلع
وألم النوى آدمى حروف القصيدة
ومن الحرف ساح الدم وهذا دليل
يافراق مأقساك عذبتني
فكتبت الحروف من دواة مدمعي
ألا تختشي أيتها المصائب
القلب ذرف بدل الدموع دم
سلب منا كل جميل
وأنطفأااات شموع الأمل
وتمزق الورق بعد التبلل
والقلب المسكين ذاب
وذبل وصار عليل
أواه أواه يا دنيا دونية
أصبح فيك الحرف في زمان
البكاء رفيق وخليل
بقلمي
أنا الدكتورة كاساندرا الساحلي



الجمعة، 26 يناير 2024

نزيف الهجرة السرية : بقلم:الناقد محمد المحسن

 


التداعيات..والمعالجات الممكنة
«إما أن ترحل الثروات حيث يوجد البشر،وإما أن يرحل البشر حيث توجد الثروات».العالم الديموغرافي الفرنسي،ألفريد صوفي
سؤال لجوج يقض مضجعي وينخر شفيف الروح:
كيف تحوّلت تونس إلى دولة تصدّر وتتصدّر بأبنائها قائمة الدول الراعية للهجرة السريّة والارهاب والتهريب والتهرّب؟
ما الذي يحصل في وطني؟!
خرجوا بدافع من اليأس..بحثا عن الفردوس المفقود تَحدُوهُمْ أحلام العمل والثراء وتكوين أسرة مثل بقية عباد اللّه..خاطروا بأرواحهم وارتهنوا مستقبلهم برحلة على متن قوارب غالبا ما اتضح أنها غير مضمونة الوصول هربا من أوطان فقدوا فيها كل آمال العيش الكريم لتقصف مفاجآت الطقس وأهوال البحر أحلامهم وترمي بهم جثثا وأشلاء في قاع البحر..في وطن لم ينتظروه بالمرة.
تلك كانت نهاية آلاف الرجال والنساء الذين فرضت عليهم قسوة الحياة الفرار من أوطانهم لسبب أو لآخر لتكون النهاية المأساوية بين أسنان القروش أو بين طيات رمال البحر...إنها قصة المهاجرين غير الشرعيين الذين سطرت فواجعهم سجلا حافلا في مياه البحر الأبيض المتوسط..
على امتداد التاريخ البشري،ما فتئت الهجرة تشكل تعبيرا عن رغبة الفرد في التغلب على الظروف الصعبة،والهروب من الفقر،وبدء حياة جديدة قد توفر له الحق في العيش الكريم.إذ يلخص العالم الديموغرافي الفرنسي،ألفريد صوفي،إشكالية الهجرة بقوله: «إما أن ترحل الثروات حيث يوجد البشر،وإما أن يرحل البشر حيث توجد الثروات».
لا تؤثر الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ الصيف الماضي على المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فقط،ولكنها تتعدى ذلك حسب الخبراء لتمس نفسيتنا ودواخلنا..فالتونسي اليوم مريض بما مرضت به البلاد من احتقان وعنف تجاوز كل الحدود المتعارف عليها في مجتمعنا.
والمتتبع لما يكتب وما ينشر خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي التي أصبحت تشكل بلا منازع المرآة العاكسة لكل انفعالات التونسيين والتونسيات يلاحظ بسرعة علامات التشنج الواضحة في الخطابات وفي السلوكيات من كل الأطراف بدون استثناء..
بين واقع إجتماعي و إقتصادي صعب و سلطة تهب رياحها دون أن تسقي رحيق أحلام شباب الوطن وماء المتوسط الهادئ،آثر آلاف الشباب البحر و اختاروا الهجرة بحثا عن مرسى لأحلامهم التائهة،قبل أن يكتشفوا أن للكون حافة و للأرض منتهى يقود للهلاك أين إنقلبت مراكبهم و إنغمرت أمنياتهم بأمواج الموت التي حفظت مسارهم و إقتاتت مراكبهم لسنوات عديدة .
بعد أقل من يوم على فاجعة مركب قرقنة التي راح ضحيتها قرابة الستين (العدد كان زمنئذ كان مرشحا للإرتفاع)،رُفع الغموض على عديد التساؤلات التي كان أبرزها هويات الضحايا..تساؤلات طرحها الجميع إلا أمهات المهاجرين اللواتي إنشطرت قلوبهن بين أمل إنقاذ وهاجس فقدان و شبح إنتشال..عبارات لم يكنّ مخيرات في إنتقاء إحداها غير أن الواقع فرض عليهن الإنتظار بعين باكية و جسد مرتعش وقلب وجل
قبل أن يرفع بعض الستر-وقتئذ- حين أعلن مصدر طبي لمندوب -الصريح بتطاوين-أن أغلب الناجين ينحدرون من ولايات قابس و مدنين و المهدية و تطاوين و القيروان وسيدي بوزيد والقصرين ,ما يؤكد مجددا أن ولايات الوسط و الجنوب خاصة هي الخاسر الأكبر في فواجع غرق مراكب الموت في كل عملية هجرة غير نظامية لسنوات عديدة،فالحوادث المماثلة السابقة شهدت أيضا ضحايا كُثر من ولايات الجنوب التونسي..
وإذن..؟
المنسيون إذا الذين رحلوا عن الحياة كأنهم لم يعيشوا أصلا..نهم ضحايا الهجرة حول العالم.
هكذا يصفهم تقرير لأسوشيتد برس يوثق وفاة أو اختفاء أكثر من 56800 مهاجر في جميع أنحاء العالم منذ عام 2014،أي ضعف الرقم الرسمي الصادر عن منظمة الهجرة الدولية.
ضاع عدد كبير منهم في الصحارى أو سقطوا فريسة مهربي البشر،تاركين عائلاتهم تتساءل عما حل بهم!.
فيما تعج المقابر برفات مجهولين في مقاطعة غوتنغ في جنوب أفريقيا،أو في مدينة جرجيس الساحلية في تونس.وثمة مقابر مماثلة في إيطاليا واليونان وليبيا.
ومن المؤكد أن حصيلة أسوشيتد برس هي أيضا أقل من الحقيقة.
فثمة أجساد غير مكتشفة لا تزال في الصحراء أو في قاع البحر.ولا تشير العائلات دائما إلى أن احباء لها فقدوا،كون مغادرتهم كانت غير قانونية أو لأنهم غادروا من دون أن يحددوا بالضبط وجهتهم.
ونتيجة لذلك،فإن الكثير من الأسر عالقة بين الأمل والحداد،مثل السيدة ف.ز (طلبت منا عدم ذكر إسمها بالكامل).فولدها أ.ز غادر مدينة تطاوين في السابع من ماي2011 متوجها إلى أوروبا على متن قارب صغير من مدينة جرجيس الساحلية مع العشرات من المهاجرين..غرق القارب ولم يسمع من أ.منذ ذلك الحين.
وعلى أمل أن يكون على قيد الحياة،والداه ينتظران.
تقول والدة-أ-"أنا أنتظره فقط.أتخيله دائما واقفا خلفي،في البيت،في السوق،في كل مكان.عندما أسمع صوتا بالليل أعتقد أنه آت،عندما أسمع صوت دراجة نارية،أعتقد أن ابني عاد".
وتوثق الحصيلة الرسمية للأمم المتحدة إلى حد كبير حالات الوفاة في البحر المتوسط وأوروبا،لكن على الرغم من ذلك،هناك حالات أخرى تسقط من الحسابات.
على سبيل المثال،مات أكثر من 800 شخص في أفريل2015 أثناء تحطم قارب صغير قبالة أحد الشواطئ الإيطالية،فيما تم وصفه بالكارثة البحرية الأكثر فتكا في أوروبا،وتعهدت الحكومة الإيطالية آنذاك بتحديد هوية الضحايا والتوصل إلى عائلاتهم،لكن الآن بعد مرور أكثر من 4 سنوات،توقف تمويل هذا المشروع.
وخارج نطاق أوروبا،تعتبر المعلومات حول المهاجرين غير الشرعيين أكثر ندرة،وحتى في الولايات المتحدة حيث أصبحت الهجرة موضوعا شائكا،لا يوجد جهد منظم لتحديد أماكن اختفاء المهاجرين أو موتهم،أو حتى سياسة للتعرف على هوية القتلى وإخطار عائلاتهم،ولا يعرف إلا القليل عن ضحايا الهجرة غير الشرعية في أمريكا الجنوبية،حيث أصبحت الهجرة من فنزويلا هي الأكبر على مستوى العالم الآن،ونتيجة لذلك تسيء الحكومات تقدير حصيلة ضحايا الهجرة غير الشرعية التي تحولت إلى قضية سياسية واجتماعية هائلة على مستوى العالم.
على سبيل الخاتمة:
في السنوات الاخيرة،غلبت على السياسات الاوروبية،أكثر فأكثر المقاربة الامنية،لكن أمام تواصل تدفق المهاجرين،تسعى الان بكل الطرق للتخلص من ازمة تدفقهم عبر ترحيلهم الى بلد اخر من خلال ابرام صفقات مع الحكومات،مثلما وقع مع تركيا،وحسب المراقبين فان كلا الحلين،الامني أو الترحيل،غير ناجعين ما دامت هناك معضلات عميقة في جنوب المتوسط،منها الفقر والبطالة والقمع السياسي والحروب الاهلية.
وحتى اتفاق مراكش الاممي حول تحقيق"هجرة امنة ومنظمة ومنتظمة "التي صادقت عليه 164 دولة في العالم،خلال شهر ديسمبر 2018،فقد أظهر انقساما حادا ضمن دول الاتحاد الاوروبي،رغم صبغته غير الالزامية،حيث اثارت نقاط عديدة،منها "تحسين الخدمات الاساسية للمهاجرين" و"العمل على ان لا يشوب تقديم الخدمات اي تمييز ضدهم"حفيظة حكومات يمينية في اوروبا.
أمام فشل كل المحاولات ربما حان الوقت ان تنظر أوروبا الى الهجرة نظرة مغايرة وتواجهها عبر استراتيجيةبعيدة المدى استراتيجية تقلل من ردود الفعل الامنية،وتأخذ في الاعتبار مبادئ حقوق الانسان وتكرس التضامن الدولي،عند ذلك فقط يتحول المهاجرون،بكافة اصنافهم،من عبء الى عامل اثراء تستفيد منه دول المنشأ والدول المضيفة.
والخلاصة أن محددات الهجرة كثيرة ومتباينة وأن الإجراءات القانونية لدول الاستقبال لا يمكن أن تكون فاعلة إلا إذا واكبتها إجراءات مصاحبة للتأثيرعلى هذه العوامل في إطار مقاربة شاملة.
ويلخص العالم الديمغرافي الفرنسي الكبير ألفريد صوفي Alfred Sauvy إشكالية الهجرة بقوله "إما أن ترحل الثروات حيث يوجد البشر،وإما أن يرحل البشر حيث توجد الثروات".
وأنا أقول:إنّ التعامل مع الهجرة غير الشرعية باعتبارها متنفسًا لحلّ المشاكل الداخلية هي استراتيجية تسكّن الألم لكن لا تزيله ويبقى المشكل الأكبر هو في الوقاية التي هي خير من العلاج. وهو ما يجعلنا كتّابًا ومفكّرين نسعى جاهدين لتغيير الأسلوب الفكري في التعامل القضايا المتنوعة بحيث يجب الاهتمام بالدراسات أكثر للظواهر قبل استفحالها والتعامل مع الأمور بنظرة استباقيه وهذا والنجاح الحقيقي الذي سيجعلنا نمتطي سلّم المستقبل بثقة لا تزعزعها الرياح.
إنّ الهجرة غير الشرعية مشكلة عالمية مثلها مثل أيّ مشكلة أخرى،تقتضي دراسات عميقة للظاهرة وبدائل يمكن أن تخفف من وطأتها علما وأنّ تفكيكها يقع عندما يتم الترابط بين الأسلاك العلميّة حتّى تحاول بناء شخصيّة مستقبليّة لا تخضع بصفة آلية للثقافة السائدة.
الاتحاد الأوروبي لا يتوفر على إستراتيجية واضحة للتعامل مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية، جعلته يغلّب المقاربة الأمنية في التعامل مع المهاجرين في وضعية غير قانونية، التي ساهمت في تأجيج مشاعر العنصرية وكراهية الأجانب، فغالبية المشاريع الأوروبية التي طرحت لمكافحة هذه الظاهرة التي تقوم على الحلول الأمنية، أثبتت عدم فعاليتها و عدم نجاعتها، كونها تهمل الأسباب والظروف المحيطة بموضوع الهجرة غير الشرعية، كما إن هذا النوع من الحلول مكلف بالفعل،فعلى سبيل المثال،هناك اتفاقات ثنائية بين دول مثل إيطاليا وليبيا،وأخرى بين الاتحاد الأوروبي ومصر والمغرب والجزائر،يدفع الاتحاد بموجبها الملايين من أجل مشاريع مثل: رفع قدرات الحراسة على الحدود، والدعم اللوجيستي المتمثل في طائرات المراقبة،وبناء معسكرات الاحتجاز.فالاتحاد الأوروبي ينفق بالفعل أموالا طائلة ولكن في الطريق الخطأ، وبدلا من ذلك، فمن الأوفق التركيز على دعم مشاريع تنموية،يكون عمادها مؤسسات المجتمع المدني، خاصة في القرى والأرياف،أما الحل الأمني فقد أثبتت التجارب أنه لا يؤدي إلى نتائج إيجابية.كما أن هذه الإجراءات الأمنية المتشددة فشلت في تحقيق الهدف منها، وهو الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية. وقد أكد الباحث شتيفان ألشر من معهد دراسات الهجرة المقارنة،أنها لن تؤدي سوى إلى تغيير طرق الهجرة غير الشرعية وليس وقفها..
على سبيل الخاتمة:
يثير تصاعد وتيرة "الحرقة"في السنوات القليلة الماضية سيما بعد ثورة التحرير المجيدة وبشكل فجئي بعض الأسئلة قد تبدو غريبة ولكنها تحتاج الى إجابات دقيقة حتى يتم تفنيدها أو إثباتها فهل فتحت الأبواب عمدا أمام موجات الهجرة السرية لامتصاص الغضب الاحتجاجي وتوجيه اهتمام الرأي العام ؟
هل هناك"تواطؤ" (موضوعي ربما) بين شبكات التهريب ونزع فتيل الاحتجاجات لدى شبان المناطق الداخلية (من اجل إفراغ تلك البؤر الاحتجاجية من فاعليها؟
هل هناك أيادي خفية تريد النيل من صورة تونس ؟
هل لنا سياسة وطنية للهجرة عموما؟ هل تكفي المقاربة الأمنية / القانونية المكثفة و المتشددة لتقليص حجم"الحرقة"ومجابهة انعكاساتها وتداعياتها؟
أي تكلفة بشرية لكل ذلك ألا يخشى أن تكون على حساب حقوق الإنسان و ما نصت عليه المواثيق الدولية و الدستور التونسي ؟ و مع ذلك كيف يمكن حقيقة “معالجة ظاهرة الهجرة السرية “الحرقة” ولو على المستوى المتوسط والبعيد رغم يقيننا أن بلوغ الدرجة الصفر من الهجرة السرية سيظل في المدى القريب على الأقل ضربا من الاستحالة..؟
ما هي البدائل الممكنة للحد من هذه الهجرة استنادا الى السياسات العمومية و أجهزتها التنفيذية ( التعليم والتكوين،التشغيل،التنمية،تثمين قيم العمل و تجديد الحلم الفردي و الوطني ؟
لقد تحوّل البحر المتوسط إلى مقبرة مفتوحة بين الضفتين الأوروبية والإفريقية صار حقيقة وليس مجازاً شعرياً·والفاجعة الأخيرة جعلت من ظاهرة الهجرة غير الشرعية في اتجاه السواحل الإيطالية أكبر خطر يهدد أوروبا وينذر بعواقب اقتصادية واجتماعية وسياسية معقدة· بل إن هذه الظاهرة تعادل في درجة خطورتها التهديدات الإرهابية التي تمثّلها التنظيمات الجهادية،مع وجود فارق جوهري· فالأمر لا يتعلق بجماعات مسلحة في حرب ضد أوروبا بل بمأساة إنسانية تجعل مئات الآلاف من الأشخاص يعبرون في موجات ضخمة إلى الضفة الأخرى بأي ثمن،هرباً من جحيم الحروب والفقر والأمراض والبطالة،ويهلَكون في اتجاه قارة لم تعد تتحمل وزر استقبالهم.ويتحولون بالتالي إلى "وليمة لأعشاب البحر"
محمد المحسن




«

نؤسس لأدب جديد بقلم:الناقد محمد المحسن

 حتى نؤسس لأدب جديد..يدرك الحاضر ويتشكّل به،لكنّه يرى المستقبل ويعمل على تشكيله.

-إن الأدب في تجلياته المشرقة،عليه أن يكون أدب الرؤيا المضادة لجيل الهزيمة،الرؤيا التي تصوغ معادلة لا إنفصام فيها،تتلاءم مع الديمقراطية والتحرّر الوطني من ناحية والتحرير الإجتماعي من الناحية الأخرى (الكاتب)
-هل قُدِّر لنا نحن أبناء الخيبات المتراكمة أن نعيش مرحلة أخرى تتسم بالإنكفاء على الذات والإستبطان العميق دون أن-نراجع-الأسس المشكّلة لمنظومة القيم والمبادئ العربية ودون أن ندرك:أي العناصر في الثقافة العربية تتسم بالأصالة ؟ (الكاتب)
إنّ الوحدة القومية للأمّة العربية يدعمها تراث زاخر من القيم الروحية والأخلاقية،صيغت إبان إشراقات النهضة العربية،تلك القيم تشكّل رافدا روحيا تتوحّد في ظلّه الأمة العربية،فتراثنا الحضاري وأخلاقنا العربية وقيمنا العليا التي ورثناها عبر العصور،هي من أقوى الروافد للأمة العربية،وتشكّل في جوهرها مادة خصبة تصلح لأن تكون موضوع مادة دراسة يتناولها الأدب بأسلوب مستساغ ينبّّه فيه الميول لتلك القيم والمثل العليا،فصياغة مشاهد من حياة المجتمع العربي قديمه وحديثه،والتقاط حوادث مهمة من التاريخ وتقديمها بصيغة أدبية هادفة،تنقل بصورة لا شعورية الإحساس المشترك بوحدة التاريخ وتغذي الشعور الوحدوي،ذلك أنّ تاريخنا العربي حافل بالإبداع ومفعم بالإرهاصات الأولى لقوميتنا العربية وهو بالتالي معين لم يغرف منه الأدب مثلما نريد أو كما يجب أن يكون،ولعل ما استطاع أبو تمام أن ينقله للعرب جيلا بعد جيل من صور أدبية رائعة لقيم الشهامة والشجاعة والدفاع عن الوجود القومي في قصيدته عما فعله المعتصم في يوم عمورية* يشكّل مثالا جيدا لما نروم الإشارة إليه في هذا المجال..
إنّ النّفس البشرية عند الأديب تتماهى مع الواقع لتصوغه في شكل تجليات تعكس ما يمور داخل الوجدان العام من أحاسيس ومشاعر،ولهذا كان الأدب سبّاقا في سبر أغوار الأمة وفهم تداعياتها في حالتي الإنتصار والإنكسار بما من شأنه أن يشخّص الهموم ويحدّد ملامح المستقبل المنظور ويرتقي بمشاعر الإنسان إلى مرتبة الوعي والتحدي،ولذا كانت الثورات مسبوقة بنهضة أدبية وفكرية تستبصر آفاق الطريق وتؤسس للإنعتاق والتحرّر وتسمو بطموحات الأمة إلى الغد المنشود،مثلما حدث في الثورة الفرنسية والثورة الروسية،فلقد كانت مثلا روسيا القيصرية بلدا متخلّفا لكنّه أنجب في القرن عمالقة الرواية والمسرح والقصة القصيرة في العالم : دوستويفسكي،تولستوي،تشيكوف،غوغول..اخترقوا حصار التخلّف ونجحوا في صياغة الواقع : جدلا حيا مع الماضي والحاضر والمستقبل إقرارا منهم بأنّ أحدا لا يملك الحقيقة المطلقة،وأنّ آراءنا جميعها ليست أكثر من اجتهادات نسبية مهما استحوذنا على أدق أدوات التحليل،وبهذا استطاعوا كوكبة واحدة : نقادا وأدباء..-رغم أسوار التخلّف العالية-أن يكونوا طليعة الثورة الثقافية الروسية قبل فلاديمير لينيين،وكان ذلك عطاؤهم الحضاري للعالم الجديد،بالرغم-أكرّر من مطبات الركود والتخلّف..
فلمَ لا يكون لأدبنا في ظل أوضاعنا العربية الراهنة،الدور الفعّال في تثوير الواقع طالما أننا في أمس الحاجة إلى سبر أغوار النفس البشرية،ووصف ما يمور في خباياها من عواطف وأفكار تجسّد علاقة الإنسان بالأرض والوطن،ولنا في تاريخنا المثخن بالمواجع أمثلة غنية:فحياة اللاجئين الفلسطينيين وعواطفهم ومشاعرهم أثناء مغادرتهم قسرا لأرضهم أو أثناء عيشهم في الشتات،ثرية بالمادة التي تصلح للإبداع بما من شأنه أن يبلور تلك المشاعر وينقل تفاصيلها للمواطن العربي،وهذا يعني أن قضية الأرض والوطن يجب أن تكون من ضمن التيمات الأساسية في أدبنا الحديث كي يكون-هذا الأخير-صادقا ومؤديا للرسالة التي نرومها..
ومن هنا يجوز القول أنّ للأدب دورا فعالا في تغيير معالم الحياة التي نعيشها من خلال إعتماد رؤية شاملة تستشرف آفاق المدى المنظور وتعتمد في مقاربتها للواقع : الكشف الجارح،التحريض العميق..وبالتالي فإنه يهيئ امكانية لعملية التغيير تفوق امكانيات وسائل التغيير الأخرى..فمن أبرز سمات عصرنا،وبخاصة في المنطقة العربية،هي المحاولات التي لا تتوقّف من أجل تدمير الإنسان،وإهانته،وإلغاء دوره،ونفيه ماديا إذا اقتضى الأمر،تضاف إلى ذلك حالات الإستيلاب الإجتماعي والفكري،في الوقت الذي تفيض فيه ثروات النفط لتطغى على المؤسسات المالية في الغرب،ولتشكّل بطريقة إنفاقها مثلا صارخا على الإنحطاط والتردي وكل ما يرد من أفكار سوداء يروّج لها خصومنا.فماذا يمكن أن نفعل إزاء هذا الكم الهائل من التحديات،وإزاء هذه الموجة الصارخة من اللاعقلانية التي تسود الواقع العربي في المرحلة الحالية؟
أليس من ضمن مهام الأدب المؤثر المساهمة في وضع حد لهذه التجاوزات التي تجري بشكل صارخ في طول الوطن العربي وعرضه؟!
ألم يكن الإرتباط العاطفي والقومي الحميم بين الثورة والجماهير هو الذي شدّ في البداية قطاعات عريضة من النّاس لشعر محمود درويش وسميح القاسم ومعين بسيسو ومظفر النواب..وهو نفسه الأمر الذي تكرّر في الحرب اللبنانية،حيث انعكس هذا الإرتباط في شعرشوقي بازيغ وغيره..
ألم يتمكّن الراحل نزار قباني بشعره من تحرير مساحات لا بأس بها من أرض الوجدان العربي المحتل بالأمية والخوف والقهر،وهناك كثيرون غير نزار،ولكنه الأكثر شعبية..
أليس بإمكان أدبنا المعاصر واعتمادا على المناخ الذي أفرزته الإنتفاضة صياغة معادلة جديدة،من شأنها منع الإنغلاق أو التسيب،وتحديد الصيغ والعلاقات بين ما هو خاص وقطري،وما هو عام وقومي،وكيف يجب التصرّف في هذه الحالة أو تلك !.
وفي الأخير،هل قُدِّر لنا نحن أبناء الخيبات المتراكمة أن نعيش مرحلة أخرى تتسم بالإنكفاء على الذات والإستبطان العميق دون أن-نراجع-الأسس المشكّلة لمنظومة القيم والمبادئ العربية ودون أن ندرك:أي العناصر في الثقافة العربية تتسم بالأصالة ؟ وما الذي يحتويه التراث العربي الإسلامي من دروس وعبر قد تصلح للحاضر ويمكن توظيفها في شكل إشراقات إبداعية تنفض عنا غبار الإنكسارات وتؤسس لغد مشرق في المدى المنظور!؟
إننا من خلال هذه الأسئلة نروم استجلاء أفق جديد لأدب جديد يدرك الحاضر ويتشكّل به،لكنّه يرى المستقبل ويعمل على تشكيله،ذلك أن دور الفرد في الأدب يضاهي دوره في التاريخ: فبمقدار ما يعي الفرد الظرف التاريخي ويتجاوب مع منحاه يكون ممثلا ومحصلة لمجمل الظروف الإجتماعية.ولذلك،فبمقدار ما يعي الكاتب واقعه،أي ظرفه الإجتماعي،يكون محصلة لهذه الظروف،في الوقت نفسه معبّرا عنها،وممثّلا لها في الحقل الثقافي،يساهم في حركتها مثلما ساهمت هي-الظروف-في إيجاده.فالأدب الواقعي العظيم منذ هوميروسو مرورا بشكسبير وبلزاك وغوته ومكسيم غوركي.وعبر مساره،كان يضع في أولويات توجهه الدفاع عن مشاعر الإنسان،وعن القيم الفاضلة للإنسانية،وذلك عن طريق تعرية الواقع وفضح الجوانب الظالمة،وإدانة قواه الغاشمة في هجمتها الشرسة والرعناء لتحطيم البناء الداخلي السامي للإنسان..
ما أريد أن أقول:
أردت القول أنّ الأدب الجيّد هو الذي يكون في جوهره رافدا لدعم صمود القومية وحساسية الإنتماء وضمانا لتوجّه المجتمع العربي نحو التحرّر والإنعتاق،فالذائقة الفنية للمتلقي العربي نزّاعة إلى التطوّر وتجاوز النموذج التراثي وهي بالتالي تستعجل الوصول إلى المحمول الدلالي والتأثر الجمالي لأسباب لها علاقة وطيدة بطبيعة المرحلة السياسية إن على المستوى القطري أو على المستوى العربي،لذا فإنّ الأدب في منحاه-الواقعي-عليه أن يتحدى الأمر الواقع ويصارع تيار الهزيمة ويتجاوز واقعها المستمر والمستجد،دون أن يكون“أدب“ النصر الشعاري،بل أدب الجدل المثمر بين الهزيمة والمقاومة،لا يكتفي بالإدانة والهتاف لثورة حتى النصر،بل يتوغّل في أدغال الهزيمة وشعيراتها الدقيقة وجذورها الدفينة،يعري انعكاساتها على الفرد والجماعة والوطن والعقيدة تعرية قاسية،ويكشف لنور الشمس كل الخطايا والحقائق الخافية تحت أدران من الأراجيف والإفتراءات،وبذلك يقابل التحدي التاريخي بإستجابة تاريخية ويصبح في حلبة صراع الأقدار في المنطقة،البطل الإيجابي للمرحلة بمدها وجزرها معا :
لنقرأ لأحمد فؤاد نججم”اصحي يا مصر “و“ايران“وغيرهما..نجد هذا الشاعر الذي يكتب بالعامية المصرية-خارج قاعات الفنادق الفاخرة-ينجح في تحويل كلماته إلى فعل وانفعال بحركة النّاس العاديين البسطاء ورؤاهم،طموحاتهم واحباطاتهم،أحلامهم وأشواقهم،ويصبح شعره خروجا من أسوار الذات الفردية ودخولا ما في دائرة-الوجدان العام-دون أن يكون انفصالا بين الذات والمجموع،بل نوعا من التقارب وأحيانا الإلتحام وفي أغلب الأحيان الحوار مع النفس والجماهير والثورة أو القلق الإجتماعي الدافق،وبذلك أمسى جزءا لا ينفصل عن تيار الثورة القومية وطابعها الإجتماعي المتقدّم..
ألم يجسّد الشاعر العراقي الراحل مظفر النواب..هذا الشاعر المهموم بقضايا أمته في نخاع العظم في أشعاره هموم الشارع العربي والتحم بكلماته بالوجدان العام للشعب وتمكّن بالتالي من توظيف المعجم السياسي للشعر في ارتباط وثيق بقضية الثورة العربية،وفي المقدمة منها المقاومة الفلسطينية منطلقا من أغوار الذات ودهاليزها السرية إلى معروضات الحياة وشواهدها الظاهرة الحية.وبذلك استطاع أن يحرّر أجزاء واسعة من الوجدان العربي،خلقا وتذوقا،من الرواسب الثقيلة الوطأة في تراث المديح والهجاء والفخر والرثاء..
وإذن؟
هل يكون الأمر إذا مبالغة منّي إذا قلت أنّ الأدب في تجلياته المشرقة،عليه أن يكون أدب الرؤيا المضادة لجيل الهزيمة،الرؤيا التي تصوغ معادلة لا إنفصام فيها،تتلاءم مع الديمقراطية والتحرّر الوطني من ناحية والتحرير الإجتماعي من الناحية الأخرى،وتغدو بالتالي الإستيعاب التاريخي لتداعيات هذه الأمة،ذلك بعد أن أصبح الإنسان العربي يعيش لحظة كونية موسومة بكل ما يناقض الكلمة وينقضها في ظل عالم يشي بفساد الضمائر وسقوط القيم الجمالية بفعل سطوة-القاهر-ولهذا فهو يحمل في وجدانه هموم القومية وانكساراتها،واهتزاز الهوية واهترائها،وفقد تبعا لذلك،ومنذ مسيرة الثورة المضادة عام 79(معاهدة كامب ديفييد) المكونات الأساسية لشخصيته القومية الجمعية وهو الثأر واباء الضيم،إلا أنّه لم ينفصل قط عن تصعيد الدعوة الراديكالية لتغيير اجتماعي جذري،ولم ينفصل لحظة عن البحث الدامي الدؤوب عن الديمقراطية والإنفتاح والتطور..
فهل يُحقّ لنا في الأخير أن نتساءل : هل للأدب دور حاسم في تفعيل الوعي القومي ؟
والسؤال في الأغلب هو نصف الجواب..
محمد المحسن
*معركة عمورية كانت بين الخلافة العباسية والإمبراطورية البيزنطية في رمضان من عام 223 هـ الموافق لأغسطس من عام 838م.كانت هذه المعركة من أهم المعارك الإسلامية البيزنطية،وكان الجيش العباسي يُقَاد شخصيًا من قبل الخليفة المعتصم بالله الذي حكم فيما بين (218 هـ-227 هـ) الموافق (833 م-842 م) و كذلك كان الجيش البيزنطي بقيادة توفيل بن ميخائيل سليل الأسرة العمورية وثاني أباطرتها.



الخميس، 25 يناير 2024

إشراقات نضالية بقلم المبدع محمد المحسن

 


الإهداء : إلى الشهداء أكرم ما في الدنيا وأنبل بني البشر،وإلى الشرفاء الأحرار وزينة الحياة،وبناة المستقبل،وإلى حملة الأقلام الذين ارتقوا في الكتابة الحرة المقاومة.
«إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية،فالأجدر بنا أن نغير المدافعين..لا أن نغير القضية». (غسان كنفاني)
-فلسطينية العينين والإسم/فلسطينية الأحلام والهم/فلسطينية الميلاد والموت (محمود درويش)
-قلما تجد شاعرًا عربيًّا غابت القدس أو القضية الفلسطينية عن أعماله،وقد كانت القضية الفلسطينية-وما زالت-مصدرَ إلهامٍ لكثير من الأدباء والشعراء في مختلف الأزمان والعصور.(الكاتب)
من منّا لايعرف عبر التاريخ أهمية الأدب المقاوم في مواجهة الاحتلال،وأهمية الشعراء الذين صدح صوتهم فاختلطت المعاناة بمشاعر التمرد،لمواجهة الاحتلال والظلم والاستبداد والتسمك بالهوية والأرض.
وكما هو معروف بأن الأدب المقاوم مصطلح وضعه الأديب الفلسطيني غسّان كنفاني،ليصف الأدب الذي بدأ يُكتب في فلسطين المحتلّة عام 1948،بعد حرب النكبة حيث نادى بالوصول للحرية والاستقلال.
نعم،المقاومة بهذا الفعل واجب وضرورة لأنه مفروض على كل إنسان إعلاء القيمة الحقيقية بالمقاومة والتعبير عن الوفاء للوطن.
الحياة مقاومة للموت ولكل ما يشكل موتاً في الحياة من فساد وانحلال وضمور قيم وضمائر ومسؤوليات وملكات.
الحياة مقاومة مستمرة،والفكر والأدب،في بعض الأوقات والحالات،نسغ تلك المقاومة الذي يسري في شعاب القلب والروح ليبعث الحيوية ويجدد الحياة ويحرّض على فعل المقاومة.
وحين يتعرى القلب،وتتشقق جذوع الروح،وتقف هيكلاً عظمياً باهتاً مرمدّاً يقاوم الهلاك والتهالك والتهافت والسقوط،يسري سحر كلمة صادقة منقذة ليبدع الحياة ويبعثها إرادة حرة متوثبة،ولينعش هيكل الروح فيخضرّ ويخضَلّ ويزدهر ويقبِل على ما في الكأس من بقية،حتى وهو يغالب ترسبات الحنظل فيها.
والأدب روح تمرد،وامتداد مقاومة من ضفة الثورة على الجمود والتخلف والظلم والقهر إلى ضفة الاستشهاد تمرداً ومقاومة واستشهاداً من أجل العقيدة والهوية والانتماء والحرية والكرامة والعيش في ظل أمن من جوع وخوف.
ولو تلمّسنا في الأدب الرفيع والإبداع الذي يستحق اسمه،معالم الأهداف والمعاني والدلالات، لما وجدنا إلا مواقع القيم ومقوماتها مما يسترعي الاهتمام ويشكل خريطة الإبداع الحق.
ومنظومات القيم في الأدب تكاد تشكل أهم مقوماته،من قيم الخير والحق والعدل والحرية إلى قيم الجمال والبديع والبيان الساحر والمنطق المسكوب حكمة وتعقلاً،وما تمثله المتعة العالية من حضور في قلب وعقل وروح تشكل السعادة لها هاجساً وتطلعاً وأملاً.
ما أريد أن أقول ؟
أردت القول أن المقاومة ليست ورقة تذروها الرياح،بقدر ما هي شجرةٌ تضرب جذورها في الأرض عميقًا،ومهما اختلفت أشكال المقاومة إلا أنها بالنهاية تقود إلى هدف واحد،ولذا كان الشكل الثقافي في المقاومة بمثل أهمية المقاومة المسلحة،وهما عاملان مُترافقان يكمل أحدهما الآخر،وشكَّل أدب المقاومة على وجه الخصوص حلقة جديدة في سلسلة التاريخ بتطوُّره السريع الذي واكب متطلبات الوضع،ولكن الذي ميَّز الأدب المقاوم هو ظروفه القاسية بالغة الشراسة التي واجهها وتحداها.
إن تناثر الكلمات الفلسطينية في الكتب عبر أرفف مكتبات العالم هي ليست حالة شتات الشعب الفلسطيني ذاتها لما بعد النكبة،وفي الواقع تعمل الحالة الأولى للكلمات كأنها قوى مضادة للحالة اللاحقة للشتات من خلال التأكيد على قوة تحمل الفلسطينيين والتعبير عنها.
لقد تواتر الحديث عن الهوية الفلسطينية وضرورة الحفاظ عليها في ظل الاحتلال الإسرائيلي مع تزايد وتيرة أدب المقاومة والتوكيد عليه،علمًا أنه تشكَّل في الفترة ما بين نزوح الفلسطينيين عام 1948 وحرب الأيام الستة عام 1967،ما ميَّز الهوية الفلسطينية بطابع فريد منذ ذاك الحين،واستمر حتى الوقت الحالي.والرائع في أدب المقاومة هو التعبير بحرية دون خوف عن الأهوال والجرائم التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني من قبل المحتل الصه..يوني.وكان الكاتب الفلسطيني غسان كنفان-كما أشرنا-هو من قام بسبك مصطلح "أدب المقاومة"»وعرّفه بأنه الأدب الذي يقاوم القمع والاحتلال الإسرائيلي وينادي بالحرية والاستقلال،على الرغم من وقوع البلاد تحت طائلة المحتل.وفي كتابه «أدب المقاومة في فلسطين المحتلة»يؤكد غسان كنفاني أن أدب المقاومة في فلسطين يمكن اعتباره إلى حد ما ضربا من ضروب المقاومة المسلحة،وهو بمثابة حلقة في سلسلة تاريخ متواصل،لم يستطع أحدهم قطعه طوال نصف قرن من حياة الفلسطينيين،إلا أن نصف القرن هذا في عصر غسان كنفاني قارب في الوقت الحالي القرن من الزمان.
وإذن؟
أن الأدب المقاوم إذا،يرتقي في معراج القيم إلى كل ما هو صاف ونبيل وسام لتحقيق كرامة الإنسان وحريته وطمأنيته،وفي ضوء ذلك فإن الناس قديماً وحديثاً شغفوا بأدب المقاومة وظهرت تجلياته بأنماط شتى ومضامين عدة،وما زالت عبقرية المبدعين تبتكر أنواعاً ومضامين جديدة تساير ارتقاء الحياة والحضارة،فهم يتوقون إلى هذا النمط الذي يؤكد التزامهم الثابت بقضايا مجتمعاتهم وهمومها وطنياً وقومياً وإنسانياً،وبهذا فإن الأدب المقاوم على الرغم انه ركَّز على المقاومة الفلسطينية المعاصرة يحمل في ذاته ملامح العام والخاص فضلاً عن أن طبيعته تتألق بروح الجذب والإثارة،ويتصف مضمونه بروح الجوهر المشرق والمثير للدهشة والمتعة، ويتصف بالثورة والتمرد على كل أشكال التقهر والظلم والاستبداد والاحتلال..
لقد قال الشاعر الراحل محمود درويش:”ما أعظم الفكرة وما أصغر الدولة”.والاديب هو حامل الفكرة والمدافع عنها ومبدؤها الاول.وقد اتسعت رؤيا الأدباء الفلسطينيين بفعل انتمائهم،وبلغة الإبداع،لتحمل فيض التعبير عن الوفاء للأرض،وشكلت عباراتها وتعابيرها الخاصة الوجود الحتمي والفني،كما نرى في إبداعات الرعيل الاول،إبراهيم طوقان،عبد الرحيم محمود،حنا ابو حنا،هارون هاشم رشيد،يوسف الخطيب وغيرهم.وتجلت صوفية العلاقة التوحدية في معالم الوجود الفلسطيني،حتى غدت إشارتها الترميزية آفاقاً لحق التعبير عن الارض
والإنسان،بإبداعات معاني الحالات في رحلة روحية تتلخص فيها تجربة الحلول.
واذا كانت الثورة في جوهرها ايمان بامكانية تحقيق العدل في هذا العالم كما يقول رجاء النقاش،فإن الثورة الفلسطينية عمقت تجربة الابداع بشمولية الفعل التراجيدي،ووحدته،مرتكزة حول الانا في مبدأ الوحدة،ليصبح حضور الكاتب الملتزم معادلا لموقف فني.
على سبيل الخاتمة:
الأدب شعراً ونثراً ابن الذات المبدعة شعوراً ورؤية وخيالاً،فهو إلماعة ذهنيـة مـضمخة بالانفعـال الـذي يـرف علـى الـشجن الـدافئ..ويتربـع الأدب المقاوم على عرش هذا الأدب في كل زمان ومكان،لِما يتصف به من الانـدماج في كينونـة الجماعـة والأرض،ولاسـيما عنـدما تطـوف اللحظـة الزمانيـة في تمجيــد القــيم الأصــيلة الـتي يتواضــع عليهــا المجتمــع أو
تتعهدها الرسالات السماوية بالحفاوة توقيفاً وتوفيقاً كما هو حال المفهوم الإسلامي للشهادة أو النصر بوصفهما إحدى الحسنيين..
فـإذا كـان الأدب عامـة فنـاً جمـيلا،فـإن الأدب المقـاوم يـصطبغ بهـذا الجمال في الوقت الذي يحمل رسالته ووظيفته في طبيعته الفنية.
لهذا فإن إشراقات الأدب المقاوم ترتقي معراج القيم إلى مصافي التعبير عن كل ما هو نبيل وسامٍ لتحقيق كرامة الإنسان وحريته وطمأنينته،ما يعني أنها استكناه لأسرار الحياة الخيّرة وخلودها كل زمان ومكان لأنها تنبثق من مفهوم العزة والحرية والاستقلال والسيادة .
وبهـذا فـإن الأدب المقـاوم-علـى الـرغم مـن أنـه ركـز علـى المقاومـة الفلسطينية المعاصرة- يحمل ذاته ملامح العـام والخـاص؛ فـضلا عـن أن طبيعته تتألق بروح الجذب والإثـارة، ويتـصف مـضمونه بـروح الجـوهر المشرق والمثير للدهشة والمتعة،لأنه يتصف بالثورة والتمرد على كل أشكال القهر والظلم والاستبداد والاحتلال و..
وأخيراً أقول: حسبي أنني حاولت الاستجابة لصوت الواجب النضالي إذ ناداني إلى ساحة الأدب المقاوم رغبة تقرير مواقف الكرامة والبطولة خدمة للأجيال وللوطن والأمة،وحباً بهذا النمط من الأدب الصادق والرفيع.
والله من وراء القصد.
محمد المحسن