الأربعاء، 24 يناير 2024

نحن فاشلون في التواصل بقلم: الباحث د.بوخالفة كريم

 


اننا كافراد وكمجتمع وكأسرة خصوصا فاشلين في التواصل وهذا سبب تعاستنا وسبب تعرض الكثير منا لمشاكل نفسية خطيرة قد تتسبب في ضياع مستقبله.
تأكد ياصديقي انه لا أحَد سيفهمُ مَا تكتمهُ فِي قلبك دائماً، لَا أحَد سيخمِّن مَا يدورُ بعقلك، بطريقةٍ سحريَّة أنتَ نفسُك لَا تؤمنُ بهَا، ولَا أحَد علىٰ هَذا القدرِ الذِي تظنهُ مِن الوقاحةِ أَو افتقارِ الحبِّ أَو شدَّة الغباءِ إِن لَم يفهَم صمتك
كلُّ مَا فِي الأمرِ أنكَ لَم تعُد طفلاً رضيعاً سيفهمكَ الآخرُون دُون كلامٍ، كنتَ تصرُخ، أَو تعبسُ بوجهِك، أَو تمدُّ ذراعَيك، ويفهموكَ بطريقةٍ مَا، هُم لَم يكُونوا عباقِرة فِي الفهمِ، قَد خمَّنوا بشَكل صحِيح لأنهُ -ببسَاطة- كانَ سهلاً، لأنَّ احتياجكَ كانَ مقتصِراً علىٰ الطعامِ، أَو النظافةِ، أَو الهدهدةِ، أَو النومِ.
نحنُ فاشِلون فِي التواصُل لأَننا نتوهَّم أنَّ صَون كرامتِنا وكبريائِنا آمنٌ فِي كهفِ الكتمَان، نعِيش وسطَ الآخرِين بمشاكِلنا وتعقيداتِنا وتقلباتِ أمزجتِنا ومتطلباتِنا الكثيرةِ والمُختلفة، مُتوقعين أَن نكُون مفهومِين تلقائياً كالأَطفال.
الحيَاة أبسطُ مَا تكُون عندمَا تتكلمُ عن حالَ قلبكَ، وتضعُ كومَة مشاعركَ وأفكاركَ بَين يدَي المُصارحة والشفافيَّة إزاءَ الآخرِين.
يقول علماء النفس من المهم أن تتحدَّث عن ألَمِك للشَّخص الذي آلَمَك حتى تتشافَى مِنْه خُصوصًا لو كان المُتسبِّب بهذا الألَم هِيَ الأُسرة كالأُم اوالأَب اوالإخْوَة ، لكن ما يجعل الكثير من الافراد منا لا يُقْدِمُون على هذا العلاج البسيط والمجَّاني هو غياب لُغة الحوار لَدَى الأُسرة وعدم وجود مساحة آمنة للتعبير عن الذَّات ولِشَرح مَدى تضرُّرك من أخطاءٍ اقترفوها بِحقِّك لانهم لن يناقشوك في الامر فإمَّا أنهُم سيَحكمون عليْك بالضعف والحساسية المُفرطة وأنك شخص مُدلَّل ، أو أنْ يَأْخُذوا وَضعِيّة الدفاع ويَبدؤُوا بتعديد عيُوبك وأخطائك لِيُوصِلُوا لك رسالة مَفادها أنّك لَسْت أفضل منهم ولا أقلّ سُوءً منهم رغْم أنه لَم يَكُن مِن أهدافك أنْ تُخبِرهم بأنهم سيِّئُون ، كُل ما تُريده هُو إخبارهم بِما سبَّبُوهُ لك مِن ألَم حتى تتعافَى لا أكثر ؛ والسيِّء في الأمر أنّ هذه الأساليب إن اِستُخْدِمَت ضِدّك فإنّها كَفيلة بجعلك تتجنَّب الحوار والمُصارحة ثُمَّ مِن هُنا تَنْشَأ الحواجزالَّتي تجعلك بعيدًا عنهم . لهذا يقال إن العائلة إما أن تصنع إنساناً أو كومة عقد.. صحيح انك تعيش معهم في البيت مجاناً و لكنك تدفع الإيجار نفسيا!!!
قَد تَكُون تضحك كَثيرًا ولكنّك لا تستطيع الضَّحك معهم ، قَد تَكُون شخصًا مَرِحًا مع الجميع لكنك لا تستطيع أن تكُون مَرِحًا معهم ، قَد تَكُون شَخصًا شَفَّافًا ومُريحًا لِكُل مَن يتعامَل معك لكنّك لا تستطيع أن تَكُون شَفَّافًا معهُم ، وقَد تَكُون شَخصًا خَيِّرًا ومِعطاءً تبذل الخيْر للجميع وبطِيبِ نَفْس ولكن حين يتطلَّب مِنك أنْ تُقدِّم عطاءً لهُم يكون شيئًا ثَقِيلًا على نفسك وسَتُقدِّمه لأنهم أُسْرتك وليس لأنّك تُحبُّهم ، بالإضافة إلى أنّك لَن تَشعر بِسعادة البَذْل والعطاء معهم كَما تشعر بها مع الآخرين هذا طَرْح البُذور الَّتي زرعوها بِك ، ولَو أنهم تَخَيَّرُوا مِن البُذور والنَّباتات أزكاها وأطيَبها لَمَا آلَت الأُمور إلَى ما آلَت إلَيْه ، ولَكِنّها اختياراتهم الَّتي لا ذَنْبَ لَك فيها .. وَلا أَجِدُ خَيارًا لهذه المُشْكِلة أفضل مِن أنْ تَعمل بأَصلِك الطيِّب وتَعمل مَا يُملِيه عليْك وهُو الوَصل والبِر والإحسان رغم الحواجز الَّتي تَحُول بيْنك وبيْنهُم ، ليْس شرطًا أنْ تكُون معهم كَما تَكُون مع أُولئِك الَّذين تُحبُّهم وتنسَجِم معهُم ، المُهم أَن تَفعل الواجِب اتجاههُم .. هُم لَيْسُوا إلَّا ابتلاءً مِن ابتلاءات الحياة ؛ والغَرَض مِن ابتلاءات الحياة هُوَ تَمْيِيزنا أَيُّنا أحسَنُ عمَلا، ان المجروح من عائلته لا يشفى أبدا ، لان
‏الألم الذي يبدأ من العائلة ، لا ينتهي أبداً .
احيانا العائلة تدمرنا اكثر من المرض ومن ‏ الحرب ومن الحكومة، حتى أكثر من الحب ومن الفقر، العائلة في وقتنا الحالي اصبحت هي سبب أساسي لكُل الإضطرابات النفسية بالنسبة للكثير هي سبب الإكتئاب والإنعزال و المشاكل هي سبب كون الإنسان بلا أصدقاء وبلا علاقات هي سبب الأمراض النفسية وهي ما يقيد المرء ويجعله غير واثق في نفسه ان العائلة هي المدمر الأول للبعض ولكنه يخجل من قول ذلك،ما لاتعلمه ياصديقي اننا نعيش زمن الفردانية والماديات وفي هذا الزمن الاسرة لم تعد مصدر الامان، فمكانتك في اسرتك محددة بما تملكه من مال وماديات وان لم تملك فسيرفضك حتى احبائك! وبهذا
ستصبح شخصا لا تحب الناس ، أو على الأصح سيصبح وجودهم يثقل على صدرك وتضيق به نفسك.
و انا اعلم انه قد شقّ عليَّك أحياناً في لحظات صفائك ، أنك لا تستطيع البوح للقريبين منك بما يزخر في قلبك ، بل قل إنني كنت أستطيع ذلك ولكن لا أريده" "
وفي الاخير تمنيت ان اقول لك ياصديقي اعتزل مايؤذيك لكنني اعلم انك ستقول لي لايمكنني ترك البيت!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق