الأحد، 25 سبتمبر 2022

شهرزاد بقلم الأديبة جميلة بلطي عطوي

 ............ شهرزاد ...........

شهرزاد ، صانعة الحكايا ، وقفت عند رأس الحكي وقد أضناها العيّ. ما عاد الخيال يجاريها ، ما عاد الحرف يطاوعها  بعد أن رأت بأمّ عينها  باحة الحلم تغرق في السّواد . بعد أن ابتلع القلم لسانه وما عاد يغريه المداد . شهرزاد ما اكتحلت مذ فقأ القهر عين الحقيقة .مذ باع الصّبح إشراقته   وتخلّى الفجر عن بريقه .
شهرزاد الحكاية   عنوان الصّمود من أجل الوضوح، من أجل الحرّيّة  والأمان  .كيف لها أن تخنق العتمة ، أن تغري الحكي كي يبوح .
تاه منها الحرف ذات حيرة ، أربكها طفيليّ  مناور أطلّ مرتديا جبّة الحلّاج  ولمّا تحدث سقط  قناعه ، هزت الريح سواد جناحيه  .شهقت شهرزاد ،  تلمّست عصاها تروم هروبا . رمتها في البحر  فما انفلق . هاج ،  ماج وهو يحضن العاصفة .يا للطّوفان يبلع صبرها ، يا للعياء يقسم ظهرها .شهرزاد ما صرخت فقط لملمت شالها . خبّأت فيه تعويذة . عاندت الموج حدّ الغرق. ظلّت تكابر ضعفها تستدرج الصّوت من عمقها ، تسعى إلى احتضان الحوت القادم نحوها  على مهل  والريح تعوي. ما نسيت شهرزاد  الحكاية ، ما نسيت عيون الأمل.
في بطن الحوت تدثّرت برؤاها . بخّرته بتعويذتها وبادرت بنداها .أفاقت على شاطئ من عجب والغاب قربها على دوحه يصدح الوقت  ، يردد على مسامعها مأثور الطرب .
شهرزاد والشال بين يديها يمتد سهولا ، حقولا تسحر مقلتيها . يرن صدى في أذنيها :
هيّا ياذات البهاء   أنيري الشّموع ليزهو السّمر . الحكاية ولهى  وصوتك رنين عود أو عزف قيثار .
غني يا شهرزاد . عني كي تعمر  الأرض ، كي يعود الفرح المسافر من جديد  فيقهر لحن النّاي ويرسي بهاء النّهار .

 تونس.... 25/ 9/ 2022
بقلمي ... جميلة بلطي عطوي


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق