السبت، 17 سبتمبر 2022

 قراءة في  بعض أشعار أبي القاسم الشابي عدد 3 بقلم الكاتبة رفيقة بن زينب تونس الخضراء

 قراءتي في  بعض أشعار أبي القاسم الشابي عدد 3


لقد كان لألم الشابي  من جهة والام شعبه  من جهة أخرى نبعان غزيران  لا ينضبان في قلبه المسكين فتدفقت من أوتاره و بين سطور  شعره صرخات توجع وأنين وألحان ثورة جامحة جارفة في كل حين فاندفع بإرادة الشباب و إيمان الفتيان الأفذاذ  الى الصفوف الأولى مناضلا بقلمه لخير وطنه وقومه مخاطبا اياه بأسلوب لم يألفه فقوبل بالسخرية والاعراض مما ضاعف ألمه وعمق جراحه وأجج نيران سخطه و ثورته على الجمود الأخرس والجهل المتأصل و الغباء المقنع ...


وشاءت الأقدار أن يتضاعف ألمه بما أرهق جسمه النحيل وقلبه المكلوم العليل واي ألم أشد على مثل هذا القلب من وفاة والده مع إصابته  بداء لا دواء له انذاك وهنا تتجلى قوة إيمانه وبطولة نفسه الخالدة فلم يستسلم لحتمية القضاء بل صارع الظلم مهيبا بقومه فجاء شعره في قصيدة نشيد الجبار في شكل قذائف شعرية كاسحة وعج بأنغام صاخبة رغم الامه للانطلاق من أغلال الواقع واشرار الورى و اثام المجتمع بامال براقة خالدة خلود الطبيعة الساحرة  في معبد الحياة  الحالمة  الى قمم الثائرين الطامحين الى المجد الخالد الأبدي ...

ولعل أهم العوامل المؤثرة  في تفكير الشابي وشعره ثلاثة وهي :

1 - الأدب الغربي المترجم خاصة جوتة الألماني ولامرتين الفرنسي 

2 -أسلوب النقاد كطه حسين والعقاد .

3 - الأدب العربي القديم كالمعري وابن الفارض وابن الرومي والخيام ... مع متانة الأسلوب  وسعة اللغة المتمثلة في روعة التشابيه والاستعارات  و متانة التراكيب... و قوة الخيال مما استحق أن يمجده في صفوف كبار أدبائنا القليلين  .


وان قصيدتي ارادة الحياة و الى طغاة العالم لأوضح دليل على ما كان يتردد في صدر شاعرنا الفذ  من طموح وإيمان صادق بأن النصر حليف الطامحين وهكذا أثبت لنا دون منازع  قداسة الشعر وقدسية اتخاذه كسلاح  بتار للدفاع عن وطنه دفاع الأخيار فارتفع به عن أغراضه المتعارفة  فالشاعر عنده قوة خلاقة مبدعة و شعره مزيج من العبقرية والالهام وهو بمثابة قطعة من فؤاده وشعلة من روحه  فكل بيت فيه  يشبه نبضة من نبضات قلبه المختلج من شدة الأسى على أوضاع  مجتمعه المسكين المستكين  .

لذلك لا مجال للعجب من الدماء المتفجرة والمشاعر الملتهبة والأحاسيس الفياضة بضروب الإبداع وروعة الجمال في شعر  شاعرنا المستميت في الدفاع المقدس على وطنه وان بيتا واحدا من شعره لكاف لأن يجعله نبي قومه وقبلة جيله و أجيال خلفه الصالح سرمديا .


رفيقة بن زينب     ***    تونس الخضراء


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق