الجمعة، 16 سبتمبر 2022

وقعت *كنت غبيٌا* بقلم الأديبة حبيبة محرزي 

 وقعت 

     *كنت غبيٌا*

تتخبّط ،تموء ،تقترب مني، أزيح الغطاء. أدعوها إلى أحضاني ككلّ ليلة. أصمٌ أذنيّ عن تقريع والدي:

_ابعدها عنك. هي تتسكّع في الشارع كامل النهار. ستنقل لك الأمراض..

 تنتفض. تتملّص منّي. تقفز إلى الأرض. تبتعد عنّي.  تجري في الرّواق الطّويل. أغرق  في النٌوم من جديد. تعود إليً .تهرش الغطاء. تريد أن تعرّي وجهي، أن تكلّمني. أتقلب في الفراش أشيح عنها يبدي غيضا. أتوسّل إليها :

_أرجوك اتركيني ميمي ...ارجوك...

  تموء مواء مرعبا.. آمرها بالخروج.

 أطنان تجثم على جسمي المرهق. الامتحانات قريبة و لم أستوف المراجعة بعد. أدفعها خارج الغرفة. ارتمي في الفراش أضع رأسي تحت الوسادة كي لا يهرش سمعي مواؤها وخدشها الباب بضراوة.

أكاد أجزم أنّ أبي كان على حقّ حين وضعك ذات يوم في كيس وألقى بك بعيدا عن الحي.. يومها لم أنم .امي بكتك بحرقة. تخاصمت معه. أضربت عن الطّعام..

لو تدرين كيف قفزت حافية لما سمعت صوتك في الشارع .

كم فرحت حين تسرّب مواؤك إلى سمعي .

تركت الكتب والأوراق وجريت اليك حافيا، كنت مرهقة جائعة عطشى. لكن الان دعيني أنم. بعد الامتحانات سالاعبك كامل النهار والليل.

المواء يتحوّل عويلا ونواحا. لا بدّ من إجلائها بعيدا. صرخت:

_أمّي ..أخرجيها ..أريد أن أنام... أخرجي هذه المجنونة ..

لكن لا أمّ تحضر ولا احد يجيب. 

أكرّر الصّراخ بنبرة بكاء معجون بغضب شديد. أقرٌر الصٌعود إلى الطابق العلويٌ. أجرّ غطائي محتضنا وسادتي. 

تنطّ أمامي. تدور حول نفسها في حركات هستيرية. ترتمي في بيت الاستحمام وبصرها يراوح النّظر بيني وبين  أمّي الملقاة على الأرض  دون حراك ولا حياة.

حبيبة محرزي 

تونس



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق