تراجيديا الوداع عند شكسبير(النظرة العميقة).
تعتبر تراجيديا الوداع عند شكسبير ،أحد أبرز السمات التي تميزت بها أعماله، حيث تتحول لحظات الفراق إلى لحظات حاسمة، تكشف عن أعماق الشخصيات، وتدفع الأحداث نحو نهايتها الدرامية، تتجلى هاته التراجيديات في العديد من مسرحياته ، كل منها بطريقتها الخاصة ، بحيث تعكس عمق المعاناة الإنسانية و حتمية الفراق.
من أبرز أمثلة التراجيديا الوداع في أعمال شكسبير:
**قد يكون أو ربما أشهر مثال على تراجيديا الوداع في الأدب العالمي، روميو و جولييت ، حيث يضطر العاشقان إلى الفراق بسبب عداوة العائلتين ، وينتهي بهما الأمر إلى الموت بعد ليلة واحدة فقط من الزواج.
** وهناك أيضا فراق الملك لير عن بناته، إذ يتخلى عنه ابنتاه الكبيرتان، و يضل وحيدا مع ابنة واحدة وفية له.
** وتراجيديا الوداع التي تنتهي بانتحار أنتونيوس حين يضطر إلى الإختيار بين حبه كليوباترا و واجبه كقائد
**ويأتي هاملت الذي عاش في صراع داخلي عميق بعد مقتل والده، و في الأخير يضطر إلى التخلي عن حلمه بالإنتقام و الزواج من أوبيليا.
إن أبعاد تراجيديا الوداع في مسرحيات شكسبير ، عكست الألم و المعاناة التي يسببها الفراق سواء كان فراق الأحبة أو الفراق عن الحياة، و أبرزت الوعي بالزمن و حتمية الموت، إذ تدفع الشخصيات إلى التفكير في معنى الحياة، وهو غالبا ما يؤذي هذا الفراق إلى النمو الشخصي و التغيير الجدري في شخصية الفرد و في نفسه و على نفسيته، فهو يثير تلك التساؤلات العميقة حول الحب و الموت و القدر.
لقد كان لنجاح شكسبير في تصوير تراجيديا الوداع عدة أسباب منها: عمق الشخصيات لقد صور شكسبير لتلك الشخصيات صورا معقدة و متعددة الأبعاد،مما جعل المتلقي يشعر بالتعاطف العميق مع معاناتهم، وكذلك إستعماله للغة شاعرية قوية و وصفية ، وهذا ما عزز من تأثير المشاهد الدرامية ببناء درامي متقن بالأحدات التي تخلق دوما التوثر و التشويق ، الذي يدفع إلى المشاهدة حتى النهاية.
بهذا ظلت تراجيديا الوداع ، أحد أهم السمات التي ميزت أعمال شكسبير ، و هو ما كان مصدر إلهام للكتاب و الفنانين على مر العصور، تجسيدا لكل المشاعر الإنسانية الكامنة و الجامحة و الجامعة.
أبو سلمى
مصطفى حدادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق