(عبرة على بغداد) - (محمد رشاد محمود)
في العاشر من إبريل عام 2003 سكبتُ أبياتًا تحت عنوان “عبرةٌ على بغداد” وكان الجُرحُ لا يزالُ يَفهَقُ ، وتَمَثّل البلاء الذي حاقَ بالعرب بعد تاريخ ذلك الغَزو يَدُبُّ دبيبَه في القريحة ، وهو ما أثبَتَت الأيامُ سَدادَ دواعيِه ؛ فشأن العرب قبلَ سقوطِها شَيءٌ وشأنهم بعده شيءٌ آخَر ، ولا يزالون منذ ذلك الحين في سفول – وكانَ من تلك الأبيات التي أذيعَ بعضها في إذاعَة (صوت العرَب) :
وَهَّـــــــاجَـةٌ أنتِ لا قَيـــــدٌ ولا صَفَـــــدُ
يـــا وردَةً في رِحـابِ الـخصبِ نـافِحَـــةً
أنفاسُــهـــــا الشِّــعرُ والأنـغـامُ والغَيَــــدُ
أبكـيــكِ أبكيـــكِ وَجـدًا لَــو زَخَرْتُ لـــهُ
دَوَّارَةَ الــقَطــــرِ لا يُــرجَى بـــــهِ خمَـــدُ
كَــــــم دَمَّــروكِ فمـا أبـقَـوا علَـى رَبَــضٍ
لَـــم يَـسْـــتَــعِرْ وذِمَـــارٍ راحَ يُفـتَـــــقَـدُ
إنْ أورَدوكِ سِــيــــاقَ الـحَتــــفِ رُبَّتَــمـا
أشــفَيْتِ لِلخُـلــدِ فانجـابوا وما خَـلَـدوا
قَـــــدْ يُمْــرِعُ الــمَـحْـلُ إلا أنَّــهُ زَبَـــــــدٌ
أو يُــقْـفِــــرُ الـــمَــرجُ إلا أنَّــــــهُ نَـضَــدُ
ولِـلـــتَّتــــارِ عَـثَـــــارٌ إنْ ضــراكِ قَـضًـى
عِنــْــدَ الـكَـريهَـــــةِ مَرصــودٌ وَمُقتَــصَدُ
لَــمْ يَألُ دِجْلَــةُ موصولَ الـجَنَى غَـــرِدًا
في راحَتَيْــكِ سَـكـوبًــــــا فَيضُهُ مَـــدَدُ
هَـل كَـدَّروهُ قَضَوْا يَـا طالَــمـــا ارتَقَبَـتْ
فُلــــــكَ الأمـيـــنِ رَخَــــاةٌ فَــــوقَهُ وَدَدُ
وادَّارَكَ الـحِكــــمَةَ الـمأمـونُ فانْبَــعثَـتْ
مَـرجُوَّةَ الــرَّوْحِ مأمـونٌ بِهـــــا الـنَّـــفَـدُ
واسْـتَرفَدَتْ مِنْ قَصِيِّ الكَـــوْنِ مـاطِرَةً
طَوعَ الـرَّشـيــدِ رَبَابٌ ساقَهـا الــرَّشَـــدُ
أخزاكِ راعوكِ بالــهَـــيــْجاءِ وانْتَـصَبَـتْ
في مَطلَـــعِ الــغَـيِّ أغرابٌ لَــهُ رَعَـــدوا
جُـــلُّ القَريبيــنَ أنكَــأسٌ مَتَى سُئِــلـوا
بَـــذلَ الــعوانِ وبَعضُ الأبعَـــدينَ يَـــدُ
الــــرَّاتِعـونَ هُـــــمُُ في كُـــلِّ مُخزِيَـــةٍ
والنَّـاكِـصونَ إذا مــا لَـــــوَّحَ الـجَــلَـــدُ
خَلَّـــــوكِ لِـلضَّيـْـمِ واسـتَعْدَوا طَواعِيَةً
مِنَ الـشَّــقـاءِ صَغَــــــارًا آدَهُ الـبَــــــدَدُ
والَّلَـــهُ دَبَّــــرَ أقـْــدارَ الشُّــعوبِ فَـمِـنْ
طَـــــافٍ يَغُـــورُ ومَـغمـورٌ لَــهُ نَهَــــــدُ
ومَــــا يَفُــلُّ سَـــراةَ المَجْــــدِ شِـرذِمَةٌ
مِـنْ مُثْلَــةِ الأرضِ مـنـْبـوذٌ ومُضطَهَــدُ
ولِــلـبَـــــلاءِ رِجَــــــــالٌ إنَّ داجِيَــــــةً
مِنَ البَــــــــلاءِ حَســورٌ أينَمــا صَمَدوا
ومَنـْــــزعُ الـحَـقِّ مَرهُــــونٌ بِطُلـبَـــتِهِ
لا يُــدرَكُ الــحقُّ ما لَم يَنصَبِ الجَسَـدُ
وأنْتِ أنتِ على الضَّرَّاءِ يــــا شَـــمَمًـــا
أفنَى البُــــغاةَ على أعتــــابِـهِ الصَّيَــدُ
يــــا قُـدوَةَ الرَّكـْـبِ لِلعَليَـــــأءِ يا أمَدًا
أعيَـــــا المُغِــذِّينَ لُقيَــــاهُ وما قَصَدوا
تَمضِي السُّـنـونَ وأمجـادُ الــوَرَى دُبُـرٌ
نَحـوَ الأُفولِ وأنتِ الــعَـزمُ والـــصَّعَـدُ
مِلءُ الفُـــــؤادِ وإنْ هَـدَّتْــكِ جائِــــحَةٌ
مِنَ الـلَّهــيــبِ تحامَى سُعْـــرَها الـوَقَدُ
(محمد رشاد محمود)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق