قراءة بقلم مشترك للاستاذ الشاعر محمد الوداني والشاعرة الأديبة غزلان حمدي من تونس
قصيدة "لهفة غضب" للشاعر طاهر مشي هي نص أدبي مفعم بالحياة، يعبر عن مشاعر متداخلة تجمع بين العاطفة الجياشة والغضب المتأجج. العنوان بحد ذاته يشكل مدخلًا مثيرًا يربط بين شدة اللهفة وقوة الغضب، مما يمهد لقصيدة غنية بالتوتر العاطفي والتجربة الإنسانية العميقة.
الصور الشعرية في النص تأتي متلاحقة بقوة وحيوية، حيث يقول: "طوفان يجرف ما تبقى من شتات عام منقضٍ". هذه الصورة تعبر عن الانجراف الكلي للماضي وما يحمله من أعباء، في إحالة إلى بداية جديدة أو تجديد الذات. وفي "ذاك النبض المفتون بالبحر لحد الغرق"، نجد البحر رمزًا للانغماس الكامل في العاطفة، مما يعكس انصهار الذات في التجربة الشعورية. أما "يدوي صوته مثل فزاعة في تلك التلال"، فهو تصوير رائع يعكس التوتر والخوف، حيث تصبح الفزاعة رمزًا للوحدة أو الشعور بالعزلة.
التكرار في عبارات مثل "حين الغروب، وحين الفجر، وعند تجلي الشفق" يضيف عمقًا شعوريًا وزمنيًا، حيث يوحي باستمرارية المشاعر وتكرارها عبر الزمن، مما يجعل القارئ يعيش حالة شعورية متواصلة. كما أن البركان في "هيا دعي ذلك البركان يهذي" يصبح رمزًا للقوة الكامنة والانفعالات المكبوتة التي تحتاج إلى الانطلاق، بينما القمر وضفائر البراري يعكسان جمال الطبيعة وصفاء الروح.
اللغة المستخدمة في النص مشبعة بالعاطفة، حيث تتحرك بين القسوة واللين، مما يخلق تناغمًا رائعًا بين الحدة والهدوء. الأفعال الحثيثة مثل "دعي، نداعب، نمشط، نبتسم" تضفي على النص حيوية خاصة، وكأنها دعوة للقارئ للانغماس في هذا العالم الشعري الغني.
الشاعر طاهر مشي يبرز قدرته الفريدة على صياغة صور شعرية مبتكرة ومؤثرة، حيث تفيض قصيدته بالرمزية التي تمنح النص عمقًا أكبر. كما أنه ينجح في خلق توازن فني بين الغضب واللهفة، بين الشدة والجمال، مما يجعل النص أشبه بسيمفونية شعرية.
في ختام التحليل، يمكن القول إن قصيدة "لهفة غضب" تمثل عملًا أدبيًا راقيًا ينبض بالحياة والتوترات الشعورية المتناقضة. الشاعر طاهر مشي يتمتع بقدرة أدبية مميزة في توظيف اللغة والرموز لخلق تجربة شعرية آسرة. نص كهذا لا يمكن إلا أن يُقرأ بإعجاب وتأمل عميق، وهو شهادة حية على عبقرية قلمه وتألقه الإبداعي.
مع تحيات ادارة مجلة غزلان للأدب والشعر والابداع الفني العربي للنشر والقراءة الأدبية التحليلية الثقافية العربية
ااااااااااااا
لهفة غضب
ااااااااااااا
طوفان يجرف ما تبقى من شتات عام منقضٍ
وذاك النبض المفتون بالبحر
لحد الغرق
يدوي صوته
مثل فزاعة في تلك التلال
ترى طيفها حين الغروب
وحين الفجر
وعند تجلّي الشفق
هيا دعي ذلك البركان يهذي
ودعينا نداعب القمر طويلا
ونمشط كل الضفائر الملقاة في البراري
ونبتسم حد الهذيان
ولا نفارق نبض العشق المنبثق
ااااااااااااا
طاهر مشي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق