همسة في أذن الفنان القدير رؤوف ماهر : الفن رسالة نبيلة. تسمو عن الإسفاف والرداءة..
قد لا يحيد القول عن جادة الصواب إذا قلت أن تأثير الفن بكل اصنافه يحدث متعة وسحرا لدى المتلقي،لكن الحديث عنه أصبح-اليوم في تقديري- مؤلما ومحزنا في الوقت الراهن ان لم نقل عقيما.
ومن هنا،فالفن بدون رسالة وبدون أخلاقيات وبدون قيم إنسانية نبيلة هو عمل هابط ولا معنى له وبالتالي فهو يؤثر سلبا على المتلقي..
على هذا الأساس أرى أن الفن نشاط ابداعي ينتجه الانسان مخالفا للمألوف اذ يخاطب الوجدان بسحره قبل أن يخاطب البصيرة،وهو أيضا اثارة لكينونة الذات،وإعادة ربط الاتصال باللاوعي للتخفيف من معاناة خلفتها آثار سلبية على النفس فيزيحها الفن ويحولها الى طاقات إيجابية،بمعنى أن الفن علاج نفسي يريح الروح ويعيد إليها سكينتها .
والفنان لايرقى بفنه إلا إذا كانت ابداعاته تحمل بين طياتها اخلاقيات الصنعة،فهو يولد من رحم المعاناة حيث ينقلنا الى عالم يسوده الخير والحب والسلام ويقطع بالتالي مع الإسفاف والرداءة..فالفنان الحقيقي يجب أن يتحلى بالأخلاق الرفيعة،فهي أساس التعامل الإنساني،وحجر الزاوية في بناء شخصية مؤثرة تتناغم مع رغبات الجمهور المتلقي،وبدون أخلاق يفقد الفن قيمته الحقيقية ويصبح بالتالي مجرد أداء مفرغ من المعنى..
قلت هذا،بعد أن تابعت الحوار المثير بين الفنان رؤوف ماهر و"الكرونكير" مقداد السهيلي،خلال برنامج "الوحش بروماكس" الذي بثته قناة الحوار التونسي مؤخرا..هذا الحوار لم يرق إلى مستوى إنتظارات المشاهدين بعد أن طغت عليه حالة من التشنجات إن لم أقل " الشعبوية"،إذ بدأ الفنان رؤوف ماهر ولكأنه يدافع بإستماتة عن " عرشه الفني المحافظ" في وجه مقداد السهيلي الذي يحاول اختراقه عبر توجيه جملة من " الإنتقادات الناعمة "..ولعل مازاد الطين بلة-كما يقال-هبوط الحوار إلى مستوى الشعبيوية إذ لم يعد بين فنان "محافظ" وكرونكير " استفزازي" بل أصبح بين-مدين ودائن..إذ يقول رؤوف ماهر بأنه جمعته مع مقداد السهيلي أغنية ودفع لهذا الأخير مستحقاته ( النقود) الأمر الذي أثار حفيظة "مقداد" ونفى بشدة هذا الإدعاء-حسب تعبيره،مؤكدا أنه لا يأخذ مالا على غير وجه حق،وإن حصل خلاف في الإطار الفني ( سوء تفاهم حول أغنية-مثلا-) يرد المال لصاحبه..
قلت هذا،وأنا أتحسر على ما تشهده ساحتنا الفنية بين الحين والآخر من اتهامات متبادلة بين بعض الفنانين،لا طائل من ورائها سواء تغليب الفتق على الرتق،والنقل على العقل..
أقول هذا-أيضا-حرصا مني على نقاوة مشهدنا الفني من كل الشوائب وسعيا حثيثا للارتقاء بمستوى وعينا الإبداعي بمختلف تجلياته الخلاقة لأعرض شريحة من الجمهور المتلقي،الأمر الذي يحتم علينا جميعا إيلاء هذا المشهد ( الساحة الفنية) ما يستحق من ابداع فني واعد من شأنه ترك بصمات واضحة على حركتنا الفنية برمتها،بمنأى عن التراشق بالاتهامات الزائفة.
وأرجو..أن يستسيغ الفنان- المحافظ جدا-رؤوف ماهر رسالتي جيدا،وأن لا يخرجها أيضا المبدع مقداد السهيلي عن سياقها الموضوعي..
محمد المحسن
*الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لمؤسسة الوجدان الثقافية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق