قصة قصيرة
بين العصرين
للكاتب المصري م محمود عبد الفضيل
في المرحلة الابتدائيه في المدينه الهادئه ترعرعت علي انتصارات حرب اكتوبر و سفر الآباء إلي الخليج لجمع الأموال أما والدي فضل الاقامه و العمل بوظيفته الحكوميه و انبهاره بالتجربة الناصريه التي منحته التعليم المجاني و الوظيفه المريحة .كل شئ يتطور حولنا إلا أسرتنا تسير بخطى منتظمه في الحياه و انا اراقب زملائي في المدرسه الذين تبدل حالهم من الفقى إلي الثراء في سنوات معدوده أما بسبب الخليج و ليبيا و أما بسبب الانفتاح الاقتصادي الذي عم البلاد.
ولكني مع صغر سني عشقت السادات وكنت أتعجب لتعصب والدي للتجربه الناصريه رغم ما ساد وقتها من افلام مثل الكرنك و الحديث عن اهوال مراكز القوي و السجون و أحوالها و نكسه ٦٧ و لكني التمست له العذر فكل جيل و له فكره و حيثياته و قناعاته ولما لا وصور السادات تملأ الجدران و اسماء الشوارع تسمي علي اسم سيدة مصر الاولي و معظم الفتيات معي بالفصل اسمهم جيهان تيمنأ بأسم سيده مصر الاولي ورغم كل ما قيل عن مبادرة السلام لم اهتم بالجدل الذي دار حولها من الكبار و الذي كنت استمع إليه دون اهتمام لانبهاري بشخصيه و كريزما السادات ذلك الرجل الذي آتي من خلف الصفوف ليصبح في المقدمه لا يملك الوسامه و لكنه يملك الدماغ و العقل فهذا كل ما لديه . ربما استفاد الكثيرون من ذلك العصر و خاصه من سافر و من أصبح عضو في الحزب الوطني و من استغل فتره الانفتاح و لكنني علي المستوي الشخصي كطفل في تلك المرحله لم استفد من كل هذه التغييرات ربما لاصرار الوالد علي الوظيفه و خوفه من السفر للحفاظ علي الاسره و عدم درايته بالتجاره و حبه للوظيفه كما أن العصر الناصري علمه إلا يتكلم في السياسه و لا ينتمي لحزب حتي لو كان الحزب برئاسه السادات
******
لحظه اغتيال السادات في الغرض العسكري أصابت الشعب بصدمه ربما لأن الموت مفاجئ و في ظروف غير متوقعه
و هنا اتي عصر جديد و لكن من نفس المدرسه و تلميذ نجيب للاستاذ الذي لا افهم وقتها لم قتل و پأي ذنب اغتيل و علي يد جماعه تنتسب للدين
تلك الصدمه و المشهد الدموي جعلني اراجع موقفي من الجماعات فالإسلام دين و الجماعه فهم ربما يكون خاطئ لصحيح الدين و لما لا و الخوارج كانوا أكثر عباده و قراءه للقران ولكن بعدم فهم دي بهم إلي الكفر و من هنا أدركت في بداية المراهقه أن الدين ليس فقط اركان و حفظ قران
و لكن مفهوم الدين و معاملاته و تطبيقه هي البدايه الصحيحه للالتزام و في هذا العصر رفع شعار الكل يستفيد
حسب قدراته . ففتح ادراج المكاتب الحكوميه و أصبحت الواسطه و المحسوبية و الرشوه أساس التعامل مع تبادل المصالح. و لخدمات المتبادله و لم يستفد والدي من ذلك العصر أيضا فهو يرفض الواسطه و يمقت الرشوه
و لكن بالنسبه لي كان املي الوحيد الحصول علي شهاده متميزه في الثانويه العامه لدخول كليه من كليات القمه و بالفعل استطعت دخول كليه مرموقه و تعليم مجاني علي اعلي مستوي حتي تخرجت من الجامعه وانتقلت بين الشركات المختلفه فالعمل متاح لكليات القمه خاصه في المحال الطبي و المجال الهندسي مع بدايه فتح المدن الجديده و المدن الصناعيه
ولكن مشكله شاب يبدأ من الصفر في ظل ازمه اسكان و تكاليف زواج في ظل احداث عاصفه تشهدها المنطقه بدايه من حرب الخليج و عاصفه الصحراء و ظهور القاعده و احداث سبتمبر كلها احداث قللت فرص العمل في الخارج و أصبح العمل في الداخل هو الحل الوحيد لاستمرارك علي قيد الحياه حتي أتت فرصه العمل مع الشركات الاجنبيه الوافده إلي مصر و التي تختار موظفيها بناء علي الكفاءة
بغض النظر عن أي شئ اخر و بالفعل مع الأيام بدأت الأمور الماليه تتحسن و كأن ما يحدث سنه حياه
حتي أتت الثورات العربيه و التي تتابعت و بصورة مكرره و كأنها نسخه بالكربون بدايه من تونس حتي وصلت إلي مصر و لعلكي مع كل يوم يمر اسال نفسي سؤال هل تكرار الثورات في البلاد العربيه في وقت واحد و بشكل متشابهه صدفه أم أنه خطه مدبره و هل عقليه الغرب بهذا الذكاء ام نحن بهذا الغباء حتي تتشابهه تلك الثورات في وقت متلاحق و اتذكر الخطه التي أعلنتها كونداليزا رايس وزيره خارجيه امريكا عن عزم واشنطن تقسيم المنطقه
و لماذا لم ينتبه وقتها العالم العربي لهذا التصريح و الاحتياط أو علي الاقل أخذه مأخذ الجد
و لماذا يتم التنفيذ بكل هذه السلاسلة و المرونه بدون اي عقل
انقسم الشعب إلي قسمين قسم لم يستفد من هذا العصر او علي الاقل لم يرضي بالاستفادة التي حصل عليها و قسم اخر يدافع بشراهه لأنه نال نصيب الأسد من ذلك العصر
و في النهايه أنتهي العصر و لكن ما بين العصرين لم يختلف المشهد عندما ذهبت لاول مره مع والدي لمشاهده الاهلي و هو يلاعب المنصوره وحينها امتلاءت المدرجات بالجماهير التي اتت من جميع أنحاء المحافظه و حينها تعجبت أن كل هذه الجماهير تشجع الاهلي بنجومه الخطيب و مصطفي عبده و ليس المنصوره و أعربت عن استيائي لوالدي من ذلك الوضع و لم اصمت الا عندما وجدت والدي ينتفض مع كل هجمه للأهلي و يقول الله مع كل تمريره للخطيب
و بعد عشرون عام ذهبت لمشاهده الاهلي مع اخي الأصغر الصيدلي و هو يلاعب المنصوره أيضا وظللت انا و اخي طوال المباراه نشجع الاهلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق