السبت، 4 يناير 2025

رحلة الوداع مع دوستويفسكي. بقلم الكاتب مصطفى حدادي.

 رحلة الوداع مع دوستويفسكي.

تعد مسألة الوداع واحدة من أعمق الثيمات التي استكشفها دوستويفسكي في رواياته ،فهي لا تقتصر على الفراق المادي بين الأحبة، بل تجاوز ذلك لتصل إلى أعماق النفس البشرية، مستكشفة معاني الخسارة و الحزن و الأسئلة الوجودية التي ترافق الإنسان في رحلته الحياتية.

غالبا ما يرتبط الوداع في روايات دوستويفسكي بفقدان الإيمان بالله و الإنسان،مما يؤدي إلى شعور عميق بالوحدة و العزلة، فهو يعكس ذلك الوداع في رواياته التصدعات الإجتماعية و السياسية التي كانت سائدة آنذاك في عصره، و كيف تؤثر هذه التصدعات على العلاقات الإنسانية ، فيصور الوداع كصراع داخلي يعيشه الشخص بين رغبته في التمسك بما يحب و بين الحاجة إلى التحرر من الألم و الحزن و المعاناة.

الوداع كبوابة للتنوير، على الرغم من الألم الذي يسببه الوداع، إلا أنه قد يكون أيضا للنمو الروحي و التطور الشخصي، مما يدفعه إلى اكتشاف أعماق نفسه و مواجهة مخاوفه و أوجاعه ، فيعيد بذلك تقييم حياته و أولوياته، مما قد يؤذي إلى تغييرات جوهرية في شخصه و شخصيته.

وهنا بعض الأمثلة الوداع وتلك الرحلة من روايات دوستويفسكي ، *« يعاني راسكولينكوف من عذاب الضمير بعد ارتكابه الجريمة، فيشعر بالوحدة و العزلة مما يدفعه إلى البحث عن المغفرة و الخلاص*» كان هذا في روايته الجريمة و العقاب.

أما في روايته الإخوة كارامازوف*« فتعدد أشكال الوداع في هذه الرواية من فراق الأب عن  أبنائه إلى ذلك الصراع بين الإيمان و اللاإيمان ،

في حين في روايته المقامر، فيعيش بازاروف حياة مليئة بالاضطرابات و الفشل فينتهي به المطاف إلى الوفاة وحيدا.

الوداع عند دوستويفسكي ، يعتبر جزءا لا يتحزأ من تجربته الإنسانية و الفنية،عكست فهمه العميق للطبيعة البشرية و معاناتها، و دعته إلى التفكر في معنى الحياة والموت و الخسارة و الفشل و المعاناة بشكل أعمق.

أبو سلمى 

مصطفى حدادي.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق