"الإسلام دين التزام، لا دين انتماء"؛
عبارة أراها مربط فرس،
وليس يدل جموح البعض ممن هم داخل دائرة الاسلام إلا على انفلاتهم من هذا المربط..
فأنت حين ابتعدت عن القرآن _مثلا_،
وهجرته مكتفيا ببعض التلاوات المترددة المحتشمة،
بحيث لم يخول لك ذلك إقامة علاقة جدية مع كتاب الله،
أتتك ضربات الأعداء من هذا الباب،
فلا عجب أن تسقط في فخ شبهاتهم!
إني أراك تدافع عن القرآن، وأنت تجهل الكثير من معاني آياته،
غير ملم بأبجديات لغته،
فأفسدت من حيث ظننت أنك تصلح،
وألحقت الضرر من حيث ظننت أنك تجلب المصلحة..
وكل ذلك لأنك ظننت أنه بدفاعك عن كتاب الله إنما دافعت عن شيء تنتمي إليه وينتمي إليك،
وهذا مكمن دائك..
إذ أن الدفاع عن الشيء يقتضي استيعابه أولا.
وهذه مسألة أولى..
أما الثانية والتي تدعم سابقتها؛
فإن عدم خوضك غمار القرآن من خلال حفظه _مثلا_
جعلك تظلم حفظته جهلا!
مدعيا أن اهتمامهم بحفظه وتعلم أحكام تلاوته كان على حساب تدبرهم لمعاني آياته!
ولست أدري من أقنعك بأن حملة القرآن لا يفقهون معاني القرآن جملة وتفصيلا؟!
ولو أنك التحقت بكُتّاب، وتعاهدت الذهاب إليه،
لذقت من فواكه الحفظ وأحكام التلاوة والتفسير والتفقه... على يد الشيخ المقرئ،
ولأدركت فداحة صنيعك!!
ولكنه جهل المتكبر وتكبر الجاهل!!
ولعلك لاحظت أن كلتا المسألتين تصبان في الوادي نفسه؛
وهو ظنك بأنك تتكلم داخل الشيء،
وأنت في واقع الحال بجهلك تتكلم خارجه!
ظلمت حملة القرآن، لأنك حين تناولتهم ظننت أنك تتناول أمر إخوان لك تعرفهم،
ما داموا مسلمين مثلك،
ما دام يجمعكم نفس الانتماء..
وظلمت نفسك حين دافعت عن القرآن جهلا لنفس السبب..
ولست هاهنا أنفي أو ألغي انتماءك للإسلام _لا سمح الله_،
ولكن المنطق السليم يقتضي بأن تلتزم بما تنتمي إليه،
والالتزام بالشيء بدوره يقتضي تعلمه،
والاجتهاد في ذلك،
والتحلي بقيم الصبر والتواضع في سبيل ذلك،
مما يقطع الطريق على أعدائك،
الذين يستعينون على الدوام بجهلك وتكبرك عليك..
فالالتزام بالإسلام،
بما يقتضيه من تبصر وتفقه فيه،
كفيل بإذن الله بأن يترجم انتماءك له إلى انتماء حقيقي يرضاه الرحمان،
ويباعد بينك وبين ذلك الانتماء المزيف،
الذي لا يرضي أحدا إلا الشيطان، وأعوان الشيطان.
هذا، والله أعلم.
أبابيل
يحيى_المزابيت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق