يا " خُرونْجْ " ( * )
أشُكّ في أنّنا ننتمي لهذا القرن
مع أننا منذ البدايات
كنا أكثر الخلق ولاء للقرون الخمسة عشر
لا نُفرّق بين أحد منهم
أنثى كان أم ذكرا
كانت لنا في كُتب التّاريخ والسّيّر مطالع ومنازل
وكان لنا بيت معمور هناك في أقصى التّأويل
أربعة عشر قرن ونحن ننبشُ في القبور
نبحثُ في كُتب الفقه والحديث عن وظيفة لنا في هذا الوجود
خمسة عشر قرن ونحن نُحاوِل فكّ لُغزهمُ العجيب :
إنما الأعمال بالنيّات ولكلّ إمرء ما نوى
كان لنا السّبق إذن
فما علينا إلّا أن ننوي
أن ننوي فقط
حتّى نعرُج ونبلُغَ عنان السّماء
التّقوى ها هُنا
ها هُنا التّقوى يا فتى !
قلتُ :
- أين ؟
قال :
- في قلب الرّحى
فمِن دون نوايا مُعلّبةٍ لا قيمة لأعمالك الصّالحة
لا تُضيّعِ العمرَ هباء و أَصْغِ جيّدا لما يُوحى
يبلغ المرء بنيّتِه ما لا يبلغ بعمله
فابنِ لكَ
- بما تيسّرَ من النّوايا الحسنة -
جنّات وقصورا وأنهارا
واتركِ الدنيا وزخرفها للمغرورين من عُمّارها
هكذا أنهى موعِظتَه الأخيرة
سعادةُ الفقيهِ المَسْخرهْ !
(*) كلمة عاميّة تداولها ابناء الحارات المصرّية ويُقصد بها " العبيط "
عنْوتُ بها النصّ لدلالتها أوّّلا ولتوثيق هذا التّراث الشعبيّ الهزليْ الغنيّ بالرموز والتورية.
محمد الناصر شيخاوي
تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق