في ذكرى وفاة امّي:
☆《و أعرِفُ انّك لنْ تَرجعِي》☆
يَعُودُ الشِّتاءُ إلَى مَرْبَعِي
لِعَشْرٍ مَضَيْنَ ولَسْتِ مَعِي
وَفي كُلِّ عَامٍ يَعُودُ الشِّتاءُ
وأعْرِفُ أنّكِ لَنْ تَرْجعِي
وفِي كلِِّ حِينٍ يَرِفُّ الحَنِينُ
ليَحتَلَّ مَهْدِي ومُنْتَجَعِي
فَتَصْحُو المَواجِعُ فَوْقَ وِسَادي
وتَغْفُو ثُلُوجٌ عَلَى مَضْجَعِي
وأفْتَرِشُ البَرْدَ تَحتِي لِحَافًا
لَظاهُ یُعَشِّشُ فِي مَخْدَعِي
وَفَوْقِي خَيالاتُ ماضٍ سَحِيقٍ
تُشاكِسُنِي بالطَّوَى المُدْقَعِ
وطيْفٌ يُراوِدُ شَوْقَ عُيُونِي
وذِكرَى تُعَرِّشُ فِي مَدْمَعِي
وصَوْتُ نَشِيج يَطِنُّ بِصَدرِي
کَنَوْحِ المَزارِیبِ فِي مَسْمَعِي
بِوَجْدٍ دَفِینٍ ودَمْعٍ هَتُونٍ
و شَكوَى تُعَربِدُ في أضْلُعِي
وشَوْقٍ يَتِيمٍ أضَاعَ خُطاهُ
كَشَوْقِ الجَدَاوِلِ للمَنْبَعِ
يُنَادِي وقَد تاهَ منْهُ المَسِيلُ
ويَعرفُ أنّكِ لَنْ تَسْمَعِي
يَعُودُ الخَريفُ..يَعُودُ الشّتاءُ
يَعُودُ الرَّبيعُ ولمْ تيْنَعِي
وأزْرعُ في حَقْلِ عُمْري قُمُوحًا
فأُلفِيهِ بالجَدبِ لمْ يُزْرَعِ
وأهْرَعُ للصّيْفِ أشْحَذُ شَمْسًا
فَيَحتَلُّ بَردُكِ مُنْتَجَعِي
و كَيْف أَرْومُ شُمُوسًا ودفْئًا
وانْتِ بِلَحدِكِ فِي بُرقُعِ؟
☆☆☆
يَعُودُ الشِّتاءُ إلَى مَرْبَعِي
ونَعرِفُ أنّكِ لَنْ تَرْجعِي
فهلْ تَعرِفينَ بأنّ الأمانِي
أبَتْ أنْ تُصَدِّقَ أوْ أنْ تعِي
وأنّ القَصَائدَ تأبَى خُضُوعًا
للُعبةِ كَفِّ الرَّدَى المُوجِعِ
وتَكتُبَ بالجَمْرِ لهْبَ حَنِينِي
وشَوْقي إلى الزَّمنِ المُتْرَعِ
بنَظْرَةِ عيْنَيْن مَلْأى سَلامًا
وضِحكةِ ثَغْرِ الهَوى المُونِعِ
حَنانًا يَنَامُ علَى سَاعِديْكِ
ودِفْءًا يَرِفُّ مِنَ الأذْرُعِ
تَعُودُ القوافِي عَلَى عَقِبَيْها
تنَامُ و تَصحُو عَلَى وَجَعي
وكُلُّ البُحُورِ تَفِيضُ بِدَمْعِي
وكُلُّ المَجَازاتِ تَبْكِي مَعِي
وأكتُبُ أكتُبُ.. لا حَرف يُجْدي
ودَمْعُ المَحَابرِ لمْ يَنْفَعِ
وكُلُّ الأمَاكِنِ تَنْشُجُ ولْهَى
ومِنْ عَتَبِ البَابِ للْمَخْدَعِ
أُجَدِّفُ فِي الكَوْن وحْدِي جزافًا
ورَكْبِي مِنَ الشَّطِّ لمْ يُقْلِعِ
وهَذَا العُبابُ المُخَضَّبُ ثَلْجًا
سَيَجْرِفُنا للمَدَى البَلْقَعِ
ليُلقِي بِأعمَارِنا فِي خِضَمٍّ
تَشَبّعَ موْتًا ولمْ يَشْبَعِ
ويُلْبِسُنا مِنْ أسَانا قَميصًا
خَلوقًا مِنْ الحُزْنِ لَمْ يُخْلَعِ
☆☆☆
يَعُودُ الشّتاءُ إلى مَضْجَعي
وأنْتِ تَنامينَ في أضْلُعِي
وفِي كُلِّ خَفْقٍ تَرِفُّ القَوافِي
لتَسْرُدَ قِصّةَ حُزْنِي مَعِي
تَجُولينَ نُورًا بِدَمِّ وَتِينِي
كَشَهْدٍ بِدَنّ الهَوَى مُنْقَعِ
تَجُولين شِعرًا بِنَسْج لَهَاتِي
وحِبرِ يَراعِ الجَوَى المُبْدِعِ
فكيْفَ أقُولُ بأنّكِ مُتِّ
وأنّكِ في الرَّمْسِ لنْ تسْمَعي
وكيْفَ تُغادِرُنا الأمَّهاتُ
وهُنّ كنَقْشٍ علَى الأضْلُعِ
و وَشْمٍ يُحَلِّي مَسَامَ الجُلودِ
يُطرّزُ ذاكِرَةَ المَضْجَعِ
فَنامِي قَريرةَ عيْنِ السَّلامِ
و شَوْكَ الجوَى منْ دَمِي اقْتلِعِي
ليَبْقَى دُعاءُ حَنيني وشَوْقي
يَسيلُ سَلامًا معَ الأدمُعِ ☆
《سعيدة باش طبجي☆تونس》
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق