《على مزْلَج الأيّام》
وعَامٌ عَجُوزٌ غَاضَ فِي العَتْمِ واَضْمَحَلْ
ولَمْلَمَ أسْمَالاً مِن العُمْر وارتَحَلْ
يَسِيرُ إلَى الأفْقِ المُكَفَّنِ بالرَّدَى
كَمَنْ جَرَّدُوهُ مِنْ عَبَاءةِ سَتْرِهِ
وأطرِدَ مَقْرُورًا فذَابَ مِنَ الخَجَلْ
وآخَرُ غَضٌّ جَاءَ مِنْ بُهْرةِ المَدَى
عَلَى زَوْرقِ الأنْوارِ يَهْفُو عَلَى مَهَلْ
وقَدْ وشَّحَ الأكْتافَ شَالًا مِنَ الرُّؤى
وصَبَّ كُؤوسَ العَزْمِ في القلْبِ والمُقَلْ
وفِي كَفّهِ زَهْرٌ يَهُشُّ بِهِ الأذَى
وخُفًّا مِنَ التِّبْرِ المُقَصَّبِ يَنْتَعِلْ
يَسِيرُ عَلى الأَرضِ الهَشِيمِ فتَزْدَهِي
وتَلبَسُ ألوانًا مِنَ الحَلْيِ والحُلَلْ
ويَحمِلُ في الجَيْبِ الأمَاني هَدِيَّةً
وفي القَلْبِ بَاقَاتِ المَحَبّةِ والقُبَلْ
سِلَالًا مِنَ الوَعدِ المُخَضَّبِ بالمُنَى
دِنَانًا مِنَ الأنْوارِ والخَمْرِ والعَسَلَ
☆☆☆
أصَخْتُ إلَى الأفْقِ المُسَجَّى هُنَيهَةً
سَمِعتُ نَشِيجًا جَاءَ مِنْ هُوَّةِ الأزَلْ
عَرفْتُ بهِ العَامَ الطّريدَ معَ الدُّجَى
يَقُولُ ودَمْعُ القَهْرِ مِنْ عيْنِهِ انْهَمَلْ :
”ألَم أكُ يَوْمًا بُهْرةَ الأفْقِ والمَدَى؟
وإشْرَاقةَ الأجْفَانِ في صَحوَةِ الأمَلْ؟
أمَا كُلِّلَتْ هَامِي بِتَاجٍ مِنَ الرُّؤى؟
أمَا كُنْتُ يَوْمًا في أمانِيكُمْ البَطلْ؟
وحَمَّلتُمُوني اليَوْمَ وِزْرَ ذُنُوبِكمْ
ومَا بدَّدَ الأوطانَ مِنْ سَوْأة الزَّللْ
ومَا اقْترَفَتْ كَفُّ المَظالمِ منْ أذًى
بأرضٍ بَراها اللهُ بالحُبِّ لا الخَلَلْ
☆☆☆
”ألَا أيَّهَا العَامُ المُزَمّلُ بِالرَّدَی
صَدَقْتَ وصِدقُ القوْلِ منْ حكمةِ الأزَلْ
ألَا إنَّما الإنْسَانُ يَنْحَتُ صَخْرَهُ
ولَا ذَنْبَ للأيَّامِ فيمَا الوَرَى فَعلْ
ألَا أيُّهَا العَامُ البَدِيدُ...وقَد أفَلْ
ويَا أيُّها العَامُ الوَليدُ وقَد رَفَلْ
كَذَا سُنَّةُ الكَوْنِ المُعَمّدِ بالفَنَا
حَيَاةٌ ومَوتٌ والبَقاءُ لِمَنْ عَدَلْ
سَتَقْذِفُنَا الأزمَانُ فِي هُوَّةِ المَدَى
وتَرتَحِلُ الأيَّامُ والعُمْرُ يَرتَحِلْ
فطُوبَى لِمَن بالحُبِّ يَعتَصِرُ الثَّرَى
سَلَامًا وعَدلًا.. ثَمْرَةً مِن جَنَى الأمَلْ
ألَا إنَّمَا الإنْسَانُ في غَمْرةِ البِلَى
غَريقٌ و{هَل يَخْشَى الغريقُ منَ البَللْ؟}
لنَسْبَحْ ..فهذَا العُمْرُ بَحرٌ مِنَ الضّنَى
ولَا عُمْرَ إلَّا لِلّذِي عُمْرَهُ انْتَشَلْ
مِنَ الذُّلِّ والأوْهَامِ والجُبْنِ والكَرَى
ودَمْعِ المَاَقِي فَوْقَ تَغْرِيبةِ الطَّلَلْ
كَعَنْقَاءَ فَرَّتْ مِنْ رَمَادِ رُفاتِها
لتَحيَا..وإنْ كانَتْ سَتَفْنَى علَى عَجَلْ
كَسِيزِيفَ..إنْ لَمْ يَبْلُغَنْ صَخْرُهُ الذُّرَى
فقَد مَنَحَتْهُ الشَّمْسُ تَأشِيرَةَ البَطلْ
☆☆☆
فَیَا غَزّةَ الصَّبْرِ المُعَفَّرِ في الضَّنَی
ویا غَزّةَ الصّْدرِ الّذِي قُدَّ مِنْ قُبُلْ
عسَى صَوْلةُ الطّغْيانِ تَهْوِي إلى الثَّرَى
عَسَی فَجْرُ هَذَا العَامِ یَربُو عَلَی الفَشلْ
فیَنْتَصِرُ الصَّبْرُ المُعَمَّدُ بالمُنَی
علَی لَوْثةِ الأنْجاسِ..والجَوْرُ يَنْخَذِلْ
وتَكْرِي خَفافیشٌ الظّلامِ بِکهْفِها
وتَرسُفُ أوْصَالُ المَظالمِ في الشَّللْ
وعُذْرًا إذَا قَصَّرتُ...لا حَوْلَ لِي
سِوَی مَا یَجُودُ النّبْضُ مِن قاحِلِ الجُمَلْ
ومِنْ عَاشِقِ الأشْعارِ في جَذْوةِ الرُّٶی
تُحَارِبُ عَتْمَ الیَأسِ بالحَرفِ والأَمَلْ
تَجُودُ لِرَکْبِ العُمْرِ بالعِشْقِ والمُنَی
لِکَيْ لا تَخِرَّ الرُّوحُ في هُوّةِ العِللْ☆
《☆سعيدة باش طبجي☆ions
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق