عاتِبٌ عليكَ يا وطني
عاتبٌ عليك أنا يا وطني
فأنا احبكَ وأنت لست تحميني!
في صغري كان حلمي أن اشتريَ حذاءً جديداً وسروالاً فما كنتَ تحقق رغبتي؛ ما كنتَ تعطيني!
لا ولم تُؤمن لي مقعداً في جامعاتك فأجبرتني على الهجرة طلباً للعلم فاحتل البلدُ المضيفُ جزءً من عمري ومن حبي وحنيني.
وفي حياتي سلطتَّ عليَّ من أهانوني ومن أغلقوا فمي.
وعندما بلغتُ سن رشدي تركتني عُرضة للحرب، أحتمي بالصدفة وليس لي سواها من قد يحميني، فمنعتني من أن اسكبَ عصارة فكري كتابات قد تفيد غيري.
عاتبٌ عليك أنا يا وطني فلا تتبرّء من دمي!.
عاتب على قُصر نظرك وأنت الذي الغيتَ رضاعةَ الاطفالِ من أثداء الأمهات واستبدلتَ حليبَ الأم بحليب البقر فصار الثيران أخواناً لنا في الرضاعة لنكتسب من عنادهم بالوراثة عِناداً يُضاف إلى عناد الفطرة!
عاتبٌ عليك يا وطني لأنك لم تعدل في حب ابنائك فدفعتَ البعض إلى البحث عن عاطفة تعوض عن الحرمان في العاطفة، وعاتب أنام على لغة الضاد التي استبدلت العواطف بالعواصف على امتداد عمري.
عاتبٌ أنا لكنني لا أبغي اعتذاراً قد لا يصل قبل أن يمضي ما تبقى من عمري!
فها هو عمريَ اليوم يودع ما كنتُ أظنهُ عمري، اليوم اكتشفت أننا لم نُعْطَ فيك أعماراً بل إقامات مؤقتة في فاسدِ الزمن.
الكاتب والباحث الإجتماعي والحقوقي/عثمان زكريا
_السودان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق