__رهــــــانــــــات مــفــتوحــــة
رهــــــان أول
عندما عرضت قصيدتي الأولى
على شاعر ذائع الصيت
نظر
كشّر
مطّ شفتيه
فكّر
أقبل
أدبر
حذف وشطب
كان عنوان قصيدتي
أنـــا شاعرة
كل ما تبقّى من قصيدتي
ثلاثة حروف وكلمة
من(أنا) حافظ على
الالف الأولى وحرف النون
وحذف ألف المدّ الأخيرة
وعوّضها بتاء مكسورة
فبات الضمير (أنتِ)
ضمير المخاطبة
وأبقى بكل كرم على
لفظة شاعرة
تنفّستُ الصعداء
رفع رأسه فكر ودبّر
وفي ملامحي أمعن النظر
وبكل بساطة
فصل بين أنتِ وشاعرة
بعبارة (لستِ) المحبِطة
فكانت القفلة مدهشة
وقرأت
(أنتِ لست شاعرة )
شاعر كبير
سحق شاعرة
كان يراها في بستان الشعر
حشرة
ومن (لستِ) هذه وبكل تحدٍ
وُلِدت شاعرة
رهــــــان ثانٍ
انطفأ بريق جاذبيتك
فقدتُ نكهة الاهتمام بك
فأنت هواء بلا طعم ولا رائحة
تتشكّل بشكل كل امرأة
من أمامك عابرة
تبتسم لها عبثا وهي لغيرك ضاحكة
أنت تشبه كل الكاسات الباهتة
فأنت بت طعم كأس شاي
باردة
أو قهوة في قاع فنجان راكدة
أو كأس جعة بلا رغوة
مسكوبة من البارحة
أو قنينة عطر
من أريجها مفرغة
أو قطعة أثرية مهشمة
ترميمها حكاية ومعجزة
وسيم كزهرة بلاستيك
بلا روح بلا رائحة
في مزهرية على قبر
في جبانة دير مهملة
راهنت عليك
وكنت الورقة الخاسرة
رهــــــان ثـــالــث
ما الذي بوسعي
فعله؟
إذا علمت أن الزمن لا يمكن إيقافه ولا يعود إلى الوراء
وأنت رجل زئبقي لا يمكن نيل رضاه
يوم شيّدت بيتا لحبك
احتجت اختلاق أعذار
لأضمن حيادية السماء
ما الذي بوسعي أن أفعله
حين أُذبح بخنجر
كلمة ثقيلة العيار
وحين أمشي بسرعة الضوء
وحين أرفع صوتي بأغنية
وأنا في مدينة الغرباء
وحين أرى لمعة مستعارة
في عينين عاشقتين
تشعّان براءة ونقاء
ما الذّي بوسعي أن أفعله
لترضى
أنتَ رجل مستحيل الإرضاء
وأنا امرأة
بسيطة جدا سقطت سهوا
من أبجدية الهوى
امرأة عاشقة جدا
وأحبك جدا وبلا ريـاء
رهــــــان رابـــع
على امتداد حياتي
لم أجد وقتا كافيا لإتمام
كل مهماتي
وكان بوسع الرب
أن يبعث رسالة بالبريد
أو رسالة قصيرة
ليعلمني بتاريخ وفاتي
وهكذا أستعدّ
وأمارس أبسط حق
أحرّر وصيتي على نار هادئة
وأُودِع الأمانة
لدى محام محلّف
من زمرة الأمناء
وبحضرة من يهمّه الأمر
على الملأ يفتحها
سأوصي بقلمي لصحفي ثرثار
علّه يردّ الجميل ويكتب عني
بعد فوات الأوان مقالة حارقة
في خانة-في مثل هذا اليوم-
ومن شقوق القبر
أرى عنقود عنب يتدلّى
أو حتى عريش دالية
أنا من بحياتي تمنيت(عنبه)
أمَـا وحظي عظيم مع الموت
حضر لقبض روحي مستعجلا
طلبت وقتا مستقطعا
استأذنته في أخذ قلم وأوراق
معي
لأن هناك سيكون لي متَّسعا من الوقت لأكتب ما أشاء
سأنهي قصيدتي المبتورة
وأجد خاتمة سعيدة
لرواية (وصايا هارب
من الموت )
وقع فريسة للـفَـناء
وأرسل رسالة اعتذار
إلى الورثاء
الذين ظلوا عند رأسي
يدعون بالويل والثبور
فأنا حرمتهم من ثرواتي
وبكل مقت يردّدون
ترى أين ذهبت بمالها
هذي التي عاشت التقتير
وكان لها جاه وتقدير
ليتهم يعلمون
أنني عشت فقيرة
فقر الشعراء
عفيفة عفة الأنبياء
وليتهم يعلمون
أنني رحلت وفي نفسي
شيء من قصيد رثاء …
فائزه بنمسعود
Ottawa 21/1/2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق