الجمعة، 17 يناير 2025

"رجل من شقوق الحلم "/ بقلم الكاتبة مجيدة محمدي

 "رجل من شقوق الحلم "/ مجيدة محمدي 


كنتُ أرسمكَ ظلاً على جدران الروح،

خطوطاً غامضة، ألواناً مبهمة،

أراكَ في خيوط الشمس حين تسقطُ على نوافذي،

وفي ارتعاشةِ قهوتي حين تسافرُ رائحتها....


كنتَ حلما جميلاً،

تُشبه المدن التي لم تُخلق بعد،

والطرقات التي لم تمشِ عليها أقدام البشر.

أراكَ في اللازمن، في اللامكان،

تختبئُ بين السطور، بين الصدى، بين السؤال الذي لم يُسأل.


وحين أتيت،

كأنّ الكون توقّف للحظةٍ لينظر إليكَ،

كأنّ الزمن انحنى ليُحيي خطواتك الأولى نحوي.

كنتَ كالعاصفة ،

تقتلع الصمت من جذوره،

تزرعني شجرةً جديدةً على أرضٍ كنتُ أظنّها قاحلة.


في عينيكَ خرائط لا تنتهي،

مدنٌ تضيع فيها الطرق،

وبحارٌ تُغرقني كلّما حاولتُ السباحة فيها.

كنتُ أهربُ منكَ إليكَ،

وكأنّ المسافات بيننا حكايةٌ بلا نهاية.


يا رجلاً صنعتهُ الأحلام من نسيج المستحيل،

علّمني كيف أكونُ مرآةً لصوتك،

كيف أُعيد ترتيب قلبي ليصبح بيتاً يسعُك،

كيف أُطارد خُطاكَ دون أن أتعثرَ بخوفي.


في حضوركَ،

تتبدل الأشياء، تُولد الكلمات بلا ألم،

تُعيد الشمس رسم وجهها كلّ صباحٍ لتليق بك،

تتعلّم الرياح أن تكون هادئة حين تُداعبُ أطراف معطفك.


يا رجلاً كان خيالاً، فأصبح وطناً،

حين اقتربت، أدركتُ أنّ المسافات كانت لعبةً سخيفة.

حين همستَ، أدركتُ أنّ الصمت كانَ أكذوبةً عابرة.

وحين أحببتك، أدركتُ أنّ الحب ليس فكرةً،

بل حقيقةً تُشبهكَ تماماً،

غامضة، مشرقة، وكاملة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق