الاثنين، 6 يناير 2025

"قوس مشدود ، فوق هاوية"/ بقلم الكاتبة مجيدة محمدي

 "قوس مشدود ، فوق هاوية"/ مجيدة محمدي 


الحياةُ، يا غريبَ الروح، ليست خطًا مستقيمًا،

إنها قوسٌ مشدودٌ فوق هاوية،

مشهدٌ غائمٌ في مرآةٍ متشققة.

تلك التي نتعلَّق بها كمن يتشبّثُ بأطرافِ الدخان،

هي المعنى الذي يتكسرُ في أفواهنا،

والمجهولُ الذي يركضُ نحوَنا بخطىً صامتة.


الحياةُ شجرةٌ مقلوبة،

جذورها في السماء،

وأغصانُها تُغرِّقنا في وحلِ الأرض.

كلُّ ورقةٍ فيها حكاية،

لكن الريح تُبدِّدُ الكلمات،

فتصبح الحكايات صمتًا طويلًا

لا يفهمه إلا العابرون بين الفجر والغروب.


الحياةُ رمالُ ساعةٍ زجاجية،

تنهمرُ الحبيباتُ منها كأنها تهربُ

من ذاكرةِ الزمان،

لكن الساعةَ مكسورة،

والزجاجُ صار حدًّا

يجرحُ أيدينا ونحنُ نحاولُ استعادتها.


الحياةُ، يا صاحبَ الأحلامِ المُثقَلة،

ليست سوى ظلٍّ طويلٍ

لنجمٍ سقط منذ قرون،

نجمٍ ظنّ أنّه خالدٌ

بينما الحقيقةُ كانت تخطُّ

انقراضَه على صفحةِ العدم.


الحياةُ مرآةٌ ترفضُ أن تعكسَ صورتَك،

بل تمنحُكَ وجهًا غريبًا

يُشبهك ولا يشبهك،

تتحدَّثُ إليه

فيبتلعُ كلماتِك

ويردُّها صدىً من لغةٍ لا تفهمها.


الحياةُ …

ضوءٌ مُلتفٌّ حول ذاته،

يدورُ في دوامةِ السؤال،

يطرحُ عليكَ أسئلةً

ويأخذُ إجاباتِك دون اكتراث،

ثم يتركُك

كفارسٍ ضائعٍ بلا سيف،

ولا أرضٍ ليقاتلَ من أجلها.


الحياةُ ليست البداية،

ولا النهاية،

إنها المسافةُ المعلقةُ بينَهما،

الفراغُ الذي يُزهرُ فيه المعنى

ثم يذبلُ قبل أن تقطفَه.


أيها العابرُ في نفقٍ لا ينتهي،

لا تسأل عن الطريق،

فالحياةُ ليست وجهةً

ولا خريطة.

إنها الشوكُ الذي ينبتُ

في يدِ من يزرعُ الورود.


الحياةُ …

هذا كلُّ ما نملكه،

وكلُّ ما نخسره.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق