«(6)» الظلم والقهر والقمع «(6)»
بقلمي : د/علوي القاضي.
... وصلا بماسبق وفي رواية (البؤساء) للكاتب الفرنسي (فيكتور هوغو) ، تجمع أحداثها بين العمق النفسي ، والتحليل الإجتماعي ، والتأملات الفلسفية
... أحداث الرواية ، تعكس الصراعات الإجتماعية والإقتصادية التي تعيشها البلاد بعد الثورات
... بطل الرواية (جان فالجان) ، شخص فقير يُسجن 19 عامًا لأنه سرق رغيف خبز ، وبعد خروجه ، يُعامل بازدراء من المجتمع لأنه يحمل بطاقة (سجين سابق) ، الأسقف (ميريل) يسامحه على سرقته ويهديه شمعدانين ، ويقرر أن يصبح إنسانًا صالحًا ، فيُصبح صناعيًا ناجحًا وعمدة لمدينتة ، تتقاطع حياته مع امرأة ، يعدها فالجان بحماية إبنتها بعد وفاتها ، فالجان ينقذ الإبنة من عائلة (تنيناردييه) الرأسمالية الغنية الجشعة ، التي كانت تستغلها وتظلمها كعاملة
... يرتبط فالجان بالشباب الثوري وبالصراعات السياسية والإجتماعية في باريس ، ويتداخل (فالجان) مع أحداث الثورة
... من أبرز الشخصيات غير (فالجان) رمز قوة الإرادة في التغيير ، شخصية (المرأة التعيسة) فهي تعكس الظلم الذي يقع على الفقراء والنساء ، و(شخصية الشاب الثوري) الذي يعكس الصراع السياسي والإجتماعي قبل الثورة و (شخصية العائلة الغنية) الجشعة التي تستغل فقر الآخرين لتحقيق مكاسب مادية
... وتكشف الرواية الظروف القاسية التي يعيشها الفقراء والمهمشون في بلاد الظلم والقهر ، كما تكشف عن (شخصية الشاب الثوري) التي ترمز إلى تدمير الفقر لكرامة الإنسان ، بينما (شخصية فالجان) تجسد قدرة الإنسان على التغلب على هذه الظروف
... كما أن الرواية تؤكد أن الشعوب المقهورة في حاجة ماسة للثورة والتغيير الإجتماعي والسياسي لتحسين حياة الناس
... فالظلم الإجتماعي خطر على الإنسانية ، لذلك يجب أن يُصلح المجتمع ظروف الفقراء والمظلومين
... نهاية الرواية تترك رسالة عن الخلاص والإنسانية ، وتُظهر أن العمل الصالح متمثلا في العدل والحب قد يترك أثرًا أبديًا
... فالرواية تعتبر شهادة أدبية على الإنسانية بجوانبها المشرقة والمظلمة
... أما في فيلم (فبراير الأسود) ، فقد أبدع المؤلف في وصف وتحليل المجتمعات العربية ولخص القضية في هذه الجملة (علشان تعيش في أمان ، وتنام من غير ماتخاف حد يقرب لك ، لازم تكون مواطن وحاجة تانية : مواطن ولواء ، مواطن ومستشار ، مواطن ورجل أعمال ، أما الباقي حياخدوا بالجزمة) ، ثم اقترح الحلول ، أرفع القبعة لإبداع كاتب الفيلم والسيناريو
... من أفضل المشاهد والسيناريوهات في الفيلم :
★★ الحياة في البلد وصلت لمرحلة البي بي وإن أي كلام عن الأمل يبقي نوع من الوقاحة
*** و إنت جايبنا كلنا هنا نعمل إيه ، نشيل البي بي؟!
★★ دي خريطة للأوضاع الإجتماعية في (...) في ظل الظروف اللي بتعيشها البلد ، مفيش حد يقدر يعيش مطمن علي كرامته وحياته وأسرته إلا الأفراد في هذه المنظومات الثلاث :
(§) أولا ؛ منظومة الجهات السيادية (الحكومة ، أمن الدولة ، المخابرات) بأنواعها
(§) ثانيا ؛ منظومة العدالة (القضاء ، النيابة ، الشرطة)
(§) ثالثا ؛ منظومة (الثروة) ، والحقيقة إن المنظومة دي تتعامل وتكاد تشتري المنظومتين دول ، الناس دي بس ، هي اللي بتنام وهي مطمنة إن محدش هيقدر يأذيها ولايبوظلها حياتها ، ولذلك نقدر نسميهم الفئات الٱمنة إلي يوم الدين ، أما إللي زينا حيالله (علماء ، دكاترة ، مدرسين) فإحنا مرشحين في أي لحظة ناخد بالجزمة ، لاقيمة لنا في هذا الوطن إللي أصبح وطنهم هما وإحنا لاجئين عندهم وبناء علي ذلك إحنا ماعندناش غير حل من إتنين :
(¥) الحل الأول ؛ إننا نطفش من البلد دي بأقصي سرعة
*** هنروح فين يعني ؟!
★★ الدول المحترمة اللي الناس فيها متساويين
*** إنت جاي تقول كدة بعد ماالهجرة أصبحت مستحيلة ! ، خلاص بطلوا ياخدوا حد من العالم المتخلف بتاعنا
★★ و (¥) الحل التاني ياجماعة لو فشلنا في إننا نهاجر وإضطرينا نفضل في هذا الجحيم هو إننا نحاول ننتمي للفئات الٱمنة
*** إزاي بقي واحنا زي ماقلت مجرد علماء ودكاترة ؟! ، هننتمي للفئات العالية دي إزاي ؟!
★★ بإننا نناسبهم ، نتجوز منهم ولو ده حصل ، ساعتها هنقدر ندخل معاهم مظلة الأمان الخاصة بيهم
... بطل الفيلم (خالد صالح) يشرح حقيقة المنظومة الإجتماعية في معظم الدول العربية من خلال أفضل مشهد في تاريخ السينما في فيلم (فبراير الأسود)
... للتاريخ أيام ماكان المواطن قيمة وقامة ، رحم الله (جمال عبدالناصر) بكل ماله وماعليه الذي إستدعي ملك دولة عربية من أجل مواطن مصري أهانوه هناك في بلده
... وأخيرا أختم بما قاله (خوسيه ساراماغو) في كتابه (العمى) :
« لقد أصبحنا عميانًا ، لكننا كنا عميانًا بالفعل ، كنا نعيش في عالم يمتلئ بالقسوة والظلم ، لكننا إخترنا أن نغلق أعيننا عنه ، إخترنا ألا نرى ، لم نكن نرى (الفقر) ، لم نكن نرى (الألم) ، لم نكن نرى (الجوع) ، نحن لانريد أن نرى ، لأن رؤية الحقيقة تعني مواجهة أنفسنا ، ومواجهة الذات وهي أكثر الأمور صعوبة »
... تحياتي ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق