الاثنين، 16 ديسمبر 2024

مجازات بقلم الكاتب جلال باباي( تونس)

 مجازات


جلال باباي( تونس)


١-


أشبه برجل متفرٌغ للتفاصيل 

أتّكِئ على الفراغ

حتى لا تغتالني الغيمة الجافة  

أجدٌف بالكلمات سفينة جسدي

كي لا أسقط وأتوارى مع الغبار

لا أبتغي أن أقيم

 أعلى من مملكة النمل 

أو أن أتنمٌر على حقول الحصى

أو العشب، أو الصمت.

أريد أن أزرعني

عشبة في الصحراء

تزهر أحيانًا، 

تعانق ذراع الجدول

أريد أن أصوّب يدي للبؤساء 

لا أن أصوّب البندقية نحو ظالمهم 

أشتهي أن أقتلع حبال مرساتي

بين الزوارق المحبوسة في الميناء القديم 

أريد أن أقضم التفاحة الممنوعة 

حتى يتكاثر العشاق

 في البساتين القاحلة

أرغب في دفع الليل بضربة يمناي 

كطفل في شجار مدرسي

أريد ...

أن أوصل كرات الثلج

إلى ضفاف  صحراء منسية

وأن أنفخ بالونات العيد 

مع أقراني القدامى

أريد أن أحوٌل نبض المجرات

إلى ملحمة أغاني 

أريد الإصغاء إلى صوت الهارمونيكا، 

وبي شوق إلى صفارة المدير بهو المدرسة

ثم بعدها.. 

لم يبق سوى التماس الأبدية

في حفنة من التراب

تقيم منذ كهولتي

 لأجل غير مسمٌى

٢-

لم أرغب يوما

أن أكونَ نجما تائها

يتلاعب به سراب 

أو من جنس الأصفياء

صامتا يلتصق بجدار وحدته

مازلت فوق الأرض 

ولم تفقهني نجمة عزلتي

برغم الشجن

 أني ثابت بجسدي مثل ساق نبتة برٌية

أرتشفُ الرّيحَ والشّمسَ والماءَ

لأحيا

خصبا باللغة ..، بالألم

أنا مازلت ثابتا على الأرض 

سوف تُثني عليّ النجومُ

إثر عصارة العمر الأخيرة

ويهدهدني طيف النسيم

أرقبُه عبر بابٍ صغيرٍ

لا أبحثُ سوى

 عن أنين ناي يتضوٌر فرحا

أريد أن أنزع النحيبِ

من رغبةٍ نقيٌة

أن أشيد بهذا الصمتِ الساذَجِ

لا أبحثُ على سوسن جسدي

قد تركَ العابرون 

ذكرياتٍ قلب خربته السهام

ثم شمعة مُضطجعةٌ

و علامات أسفل وجهي 

شاحبة و حروف تلتبس بجنوني

لتبقى شفتي

على جدول الذكرى

تسألني :

لماذا إذن ترغبُ في إحراجي هذه النجمة ؟

إذا اعترفت أنها  أغنيتي

و لم تكن من قبلُ إلا كذلك.


-----------------------------------------------

¤اللوحة للرسام السوري: غسان السباعي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق