الإعلامي المتميز والشاعر السامق منير هلال..يرثي المبدع الراحل أحمد حاذق العرف" الإمبراطور"* بحبر الروح
سنن الحياة المتلاحقة تباين فصولها وتقلب أحداثها وبين المتضادات نعيش فرحاً و تارةً ترحاً،وقد جسد لنا أبو البقاء الرّندي هذا التباين في نونيته المشهورة والتي يقول في مطلعها:
لكل شيء إذا ماتم نقصان فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأمور كما شاهدتها دولُ من سرَّه زمنٌ ساءته أزمانُ
فقد تزج بنا صفعات القدر في وجه الألم وتسرق منا ضياء أرواحنا،لتترك لنا زمنًا كالحاً لا دِفء فيه ولا حياة.
تلك هي مواسم الفقد،ذلك الزائر الثَّقيل الذي يفاجئنا وفي معيته مراسم الحزن والبكاء،غير أَنَّ ما يحمد لهذا الزائر أَنَّه كان الملهم لكثيرٍمن الشعراء والأُدباء،ليسطروا لنا على صفحات الإبداع لوحاتٍ خالدةً شعراً ونثراً وفناً وكلمات منبجسة من خلف الشغاف تقطر وجعا،يميزها صدق الشجن وسمو العاطفة،وحيث أَنّ أَشد الفقدِ ما كان سببه الموت فقد أَبدع العرب في شعر الرثاءِ على مفقودِيهم.
ولنا أن نقرأ من لواعج الفقد حروفاً لا يجف مدادها ولا ينضب مخزونها لتحتضن أرواحنا وترتل الجمال على أذواقنا..على غرار الكلمات التالية التي صاغها الإعلامي المتميز والشاعر السامق منير هلال في رثاء المبدع الراحل أحمد حاذق العرف :
"احمد حاذق العرف..وداعا ايها الامبراطور
ليس "عرف" بل شجرة او غابة..معارف ومحبة وحياة
اخذ بيدي صغيرا في شوارع العاصمة بين مقاهيها ومسارحها ومنتدياتها وكشف لي من معارفه وشخصياتها..
الامبراطور ابن هذه الصحراء القاسية ابن القرى المنسية وأول منفي في تاريخ دولة الى الاستقلال
لمن نشكو غيابك سيدي
منير هلال
يرتبط الأدب في كل أحواله بالحس الإنساني،وتعد المشاعر من الدوافع الرئيسة له،إذ لا يمكن إنتاج أدب يخلو من التعبير عن الأحاسيس بشكل أو بآخر..
وما بين فقد وغربة،أو غربة وفقد،فنحن بين مطرقة الفقد وسندان الوجع،ذلك الإحساس الذي لا يفتأ أن يغزو روح الشعراء، فيغذوها بما تفيض به القرائح،وما تسطره القلوب،لتظل هذه المشاعر ملتهبة مستعرة،تحمل في طياتها من شواظ الألم ما يبرِّح الروح،ويوجع القلوب.
ويبقى أدب الفقد منتج إنساني مستمر ومتدفق على مر العصور.
وفي هذه الحالة،الكلام على الكلام صعب سيما أن الخطب جلل.فهذه الكلمات موجعة اجترحها الشاعر الكبير منير هلال من فضاء المواجع..
رحم الله المبدع/الناقد أحمد الحاذق العرف."الإمبراطور" راجيا من الله تعالى أن يتغمده برحمته الواسعة ويلهم غهله وذويه جميل الصبر والسلوان.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
تقديم محمد المحسن
*نعت وزارة الشؤون الثقافية،واتحاد الكتاب التونسيين النّاقد المسرحي والسينمائي والأدبي والصحفي الكبير أحمد حاذق العرف الذي وافته المنيّة اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر 2024.
كما نعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الفقيد،الذي أجاد الكتابة النّقدية في مختلف مجالات الإبداع من مسرح وسينما وأدب وشؤون سياسية ونقابية،كما عرف بسرعة البديهة وروح الدّعابة والذكاء في طرح المضامين النّقدية.
وأحمد حاذق العرف هو أحد روّاد حركة الطليعة الأدبية وأحد أبرز رموز الحركة الثّقافية والفكرية في تونس خلال الخمسين سنة الماضية.ولطالما عرف باستماتته في الدفاع عن أبرز الرّؤى والمفاهيم الجديدة في مختلف حقول الإبداع الفكري والأدبي.
والراحل الذي كان يلقبه أصدقاؤه بـ"الامبراطور" تقديرا لقلمه المتميز ومكانته في الأوساط الثقافية،كان يجيد بشكل كبير الكتابة النّقدية في مختلف مجالات الإبداع من مسرح وسينما وأدب و شؤون سياسية ونقابية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق