إشراقة شمس
= 4 =
"ما زلت أرصد لكم أيها الأحباب أحداث مظاهرة جامع الروضة بحلب عام /1979/ و الآثار السلبية و النفسية السيئة التي خلفتها عموم أحداث تلك الفترة على المجتمع السوري بشكل عام و على مدينة حلب بشكل خاص
قلت: بعد أن تم تطويق تلك المظاهرة من قبل عناصر المخابرات، تمكنت أنا من الفرار عائدا إلى البيت بسرعة قصوى، و حين استفسرت أمي مني عن إخوتي؟ قلت لعلهم الآن في الطريق إلى البيت، و بت أترقب مجيئهم و شيئا من قلق و توتر باد على محياي، و كنت أخرج بين ساعة و أخرى أستطلع الطريق عساي أرى إخوتي فيستكن قلبي و تهدأ روعي، و أسارع إلى أمي أخفف من غلوائها، لكن عيناي لم تكتحل ساعتئذ برؤيتهم، و إزدادت مخاوفي و شارفت على بكاء لولا خشيتي أن تلحظ أمي مني ذلك
عند صلاة العصر سألت أحد شباب المسجد ممن أعرفهم: ما إذا كان شاهد أحد أخوتي في المظاهرة أو بعدها - فقال متأسفا لا لا لم أراهم لكن الذي علمته أن حافلات نقل وصلت إلى المكان و تم حشر الناس فيها بما في ذلك المصابين منهم، يبدو أنه تم اعتقالهم
في مساء ذلك اليوم كنت على موعد للالتحاق بوحدتي العسكرية [ كنا أنا و أخي الأكبر مجندين في خدمة العلم و كانت إجازتي قد انتهت و أما إجازته فمستمرة ]
ها قد غدوت الآن أمام أزمة نفسية حقيقية، إذ كيف أسافر و أنا لا أعلم شيئا عن مصير إخوتي، و كيف أترك أمي على حالتها النفسية التي هي عليها الآن [ لم يكن لدينا آنذاك لا هاتف أرضي ولا خليوي ]
و كيف أخفي ملامح وجهي المثقل بهموم و إرهاق، و صوتي الذي بح جراء التكبيرات في المظاهرة، كيف أخفي ذلك كله عن عناصر و ضباط وحدتي العسكرية الذين يراقبون كل حركاتي و سكناتي باعتباري من حلب صاحبة المشاكل من جهة، و باعتباري ملتح و من المتمسكين بدينهم من جهة أخرى [ كنت الملتحي الوحيد في وحدتي العسكرية المكونة من ما يقرب من ألفي عنصر ]
و للحديث بقية بعون الله تعالى
- وكتب: يحيى محمد سمونة - سوريا.حلب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق