الخميس، 14 أبريل 2022

رواية في السيرة الذاتية للكاتب عبد القادر بن الحاج نصر "حديقة اللوكسمبور " تغطية الكاتب محمد بن رجب

 رواية في السيرة الذاتية للكاتب عبد القادر بن الحاج نصر

"حديقة اللوكسمبور "
........
لا يمكن أن ترى عنوانا لرواية تونسية مثل "حديقة اللوكسمبورغ"
دون أن يلفتك.فهذه الحديقة الباريسية الشهيرة لا يمكن أن لا تبعث على السؤال لدى كل الذين يحبون باريس..أو على الأقل لدى كل الذين يعرفون باريس جيدا ..والسؤال هو : ما علاقة الكاتب عبد القادر بن الحاج نصر صاحب الرواية بهذه الحديقة الجميلة ذات التاريخ العريق والتي تعلق بها كل الذين زاروها مرة أو مرات ..اعجبوا بها فاصبحت ملجأهم للراحة والتامل في الحياة والجمال ..وتذكر عظماء فرنسا الذين كتبوا عنها حبا فيها او لان قصة حبهم نشأت هناك وهل هناك حب اعظم من الحب الذي ينشأ في حديقة اللوكسمبور فاسالوا الشاعر الكبير لامرتين ..ويمكن ان نسال حتى جول بولساتر فكم مرة أمها ومرت من قلمه بشكل او بآخر ..وكذلك الشاعر أراغون عاشق الزا ..
عبد القادر بن الحاج نصر إذن أخرج لنا رواية جديدة بهذا الاسم ..قص علينا فيها مرحلة أساسية من حياته رغم قصرها فهي لم تتجاوز الثماني سنوات لكنها هي التي غيرت حياته تماما ونقلته من وضع ما كان ليرتضيه الى وضع أسعده وأخرجه من ضيق ذات اليد مع محدودية المستوى العلمي الى حياة مترفهة نسبيا مع شهائد عليا وآفاق علمية عالية معرفة ثقافية وأدبية شاهقة ومناصب عالية ومرتبة اجتماعية متميزة
..فقد سافر الى باريس
بعد أن تجاوز الثالثة والعشرين من العمر لتعويض ما افلت منه بلا بكالوريا وهو مقر العزم على مواصلة تعليمه ونيل ما يطمح إليه لإحداث تغيير كبير في حياته .
إذن أقحمنا عبد القادر بن الحاج نصر من جديد في خانة كتابة السيرة الذاتية روائيا وليس كتابة الذات تقريريا فالنص الذي بين أيدينا رواية متكاملة ذات لغة جميلة راقية
.وأبعاد درامية عميقة وروح انسانية متميزة
مع الانفتاح على عوالم لا يعرفها كل الذين لا يعرفون بعض تفاصيل ضافية من حياته بالإضافة الى التعرف على عوالم مهمة من فرنسا عامة و باريس خاصة بوصف فيه دقة دون أن يكون ما قدمه روبرتاجا صحفيا وايضا دون أن يكون اعلاميا استقصائيا يبحث عن خلفيات مشاكل باريس ومتاعب سكانها ودون أن يتوقف على تحليل الأسباب العميقة سياسيا واقتصادية وحضاريا لوجود الآلاف من السكان الغرباء عنها من الوافدين للدراسة بكل أنواعها في واحدة هي من أعظم جامعات العالم ألا وهي جامعة السربون أو هم وافدون للعمل والتجارة وهي أيضا ملجأ بعض الذين يناضلون سياسيا بشيء من الصدق باحثين عن الحرية والديمقراطية أو هم من الذين يتظاهرون بالنضال ليكون أسلوبهم في تحقيق مصالحهم فهربوا من بلدانهم خوفا من أنظمتهم التي عادة ما تكون إستبدادية وقمعية بما يجعلهم يحصلون على اللجوء السياسي والبداية تكون بالتمتع بما توفره لهم المنظمات الدولية من خدمات ومنح
لم يكن كاتبنا تسجيليا فهو يمر على هذه المسألة دون التعمق فيها فما يعنيه هو أن يكتب ذاته روائيا وقد توفق في ذلك فكانت حديقة اللوكسمبورغ
رواية جميلة ..وذلك ليس غريبا منه وهو الذي يمسك بناصية الرواية.. إذ بهذه الرواية يكون قد نشر 18 رواية فقد نشر روايته الأولى عام 1969 نال عنها جائزة أدبية وكان قد بدأ حياته بكتابة القصة القصيرة وملأ الساحة باسمه في النصف الثاني من الستينيات
و جمع قصصه الأولى في كتاب إسمه "صلعاء يا حبيبتي "وهو عنوان طريف وصادم جلب الانتباه لا فقط لطرافته إنما لأهمية القصص التي أطلقت في الأفق الأدبية التونسية إسم هذا الكاتب الذي لم ينل بعد الباكالوريا رغم تجاوزه العشرين بأربع سنوات ذلك أن مسيرته في التعليم الثانوي لم تكن عادية اذ تعثر فيها بسبب مرض ألم به طويلا وأدخله مستشفى أريانة حيث كان تحت رقابة طبيب هو من أفضل أطباء تونس الراحل العظيم الدكتور ابراهيم الغربي الذي تفطن الى موهبة هذا الفتى اليافع "ابن الحاج نصر" في الكتابة فأمر بمساعدته على القراءة والمطالعة و الكتابة أثناء إقامته للعلاج الذي شغل مدة طويلة بما عطل نيله شهادة الباكالوريا
كان كاتبنا الكبير واعيا بهذا النقص في تكوينه
فرغم أنه بدأ ينحت اسمه في الساحة الثقافية ..ورغم أنه بدأ يعمل مذيعا بالاذاعة التونسية وعمر شارع الحرية بحضوره البارز وأصدقائه وصديقاته فإنه كان واعيا بأن موهبة الكتابة الأدبية لا تكفي لتحقيق ذاته التي يطمح اليها و كان متأكدا أن العمل في الاعلام بلا شهائد لا يمكن أن يذهب به بعيدا لذا قرر مواصلة تعليمه ونيل شهائد جامعية والحصول على معرفة واسعة ..فكان الرحيل الى باريس ...
ولم تكن رحلته سهلة ولا أيامه في باريس عادية فقد عانى المرين من أجل أن ينال شهادة الالتحاق بجامعة السربون التي كان عليه ان يتردد من أجلها على المكتبات فلا اقامة قارة وصحية ولا مال ولم يكن قادرا حتى على شراء حذاء يقي قدميه من برودة الثلوج ولا معطف له يمنع عنه الارتجاف والتجمد ..ولا احد يمكن ان يقدم له مساعدة الا في السكن فمرة يبيت في دار تونس بمضايقة صديق او بدلار المغاربة ..او في شقة صغيرة فيها بضعة أمتار لصديقه وكان يعد فرنكاته كل يوم ليحافظ على مبلغ لينام في نزل صغير لما تأتي عشيقة الصديق لتقضي ليلتها معه..
ويعود الى تونس في البداية دون أن يحصل على شهادة الالتحاق بالسربون فيعود الى العمل مدة في الاذاعة
لكنه يقوى على نفسه ويعود..ويقضي سنة أخرى مع العذابات والبطن الفارغة فينالها
..وذلك يشجعه على مواصلة التعليم ..الى أن عاد حاملا شهادة الأستاذية في اللغة
والآداب العربية . وهنا يتوقف الروائي . بما يعني ان هناك جزءا آخر دون ان يعلن عليه . لانه فيما بعد نال شهادة الدكتوراه التي جعلته يشتغل في مناصب مهمة ثم يقتلع منصبا عاليا في جامعة الدول العربية بمقرها بتونس حيث عمل أكثر من ربع قرن كانت زاخرة بالعطاءات الأدبية السردية في القصة والرواية والكتابات النقدية والعلمية والاعلامية مع الكتابة للتلفزيون فهو غزير الانتاج الادبي بروح مفعمة بالتفاعل مع الواقعية في كل تجلياتها وأنواعها مع التمسك بالنقد في السرد .نقد المجتمع ونقد الفرد ونقد السلطة وفي طوايا سردياته تركيز على الحريات المفقودة مع سخرية مرة من سلوكيات النظام في التعامل مع المواطنين . ومع الخزب الحاكم ومع المعارضين في الداخل والخارج
وفي كل ذلك لم يترك مرحلة سياسية منذ الاستقلال الى اليوم دون أن يكتب عنها رواية . مع بث كل أفكاره في مجموعات قصصية ايضا
وللعلم أن الكاتب عبد القادر ابن الحاج نصر لم يكتب سيرته الذاتية لأول مرة بل كتب من قبل رواية عن عمله في الإذاعة الذي كان سببا لكتابة بعض مراحل من من شبابه الأول عنوانها "صاحبة الجلالة" كانت حدثا مميزاعندصدورها واذا ما تبينا الروايتين بدقة سنجد أنهما مترابطتين بشكل أو بآخر ..ونجد إحالات في الرواية الثانية على الرواية الأولى وتذكير ببعض الأسماء من المذيعين البارزين والصحفيبن الذين عمل معهم ..
ولا بد من أن نشير الى أن كاتبنا لم يختلق أسماء خيالية في "حديقة اللوكسمبور" فلئن كتب رواية وليست مذكرات أو يوميات مع تلاقيها جميعا في هذا النص فانه إعتمد على أسماء حقيقية لابناء مسقط رأسه "بير الحفي" من ولاية سيدي بوزيد هذه البلدة التي حظيت كثيرا بالاشادة والوصف الدقيق ونجد في الرواية اسماء لعدد كبير من الكتاب من أمثال محمد العروسي المطوي الذي وقف الى جانبه منذ كتاباته الاولى في القصة ..ووقف معه عن بعد لما يعود من باريس وآحتفى به على طريقته لما عاد فائزا بشهادته إذ أكرمه على طريقته الخاصة إذ أخذه في سيارته الى بير الحفي وحضر الاحتفال بمقدمه من باريس وسط عائلته وعاد الى العاصمة وهو ما لا يفعله معه أحد بهذا الشكل ..
وفي الرواية الشاعر أحمد اللغماني الذي فسح له الاذاعة ليعمل ونجد اسم صالح ولا أعتقد أنه غير صالح جغام ..
وفي باريس التقى بأحمد ممو وجلول عزونة ومحمد البلاجي واحمد الهرقام وعامر
بوترعة وسويلمي
بوجمعة..مع أسماء اخرى بدون لقب اذا ما تعمقنا في البحث فيها يمكن أن نتعرف عليها لكن لا يعني ذلك أنهم كانوا الى جانبه أو وفروا له ما ساعده على الإقامة الطيبة أو الدراسة المريحة كانوا جميعا بشكل أو بآخر يعاني الحياة الصعبة
وينطبق عليهم المثل الشعبي "كل حد لاهي في نوارو ".. أو القولة التونسية الاخرى "كل
شاة معلقة من كرعها"
الا ما لاحظناه من موقف الكاتب القصاص والناقد أحمد ممو الذي فسح غرفته الضيقة في دار تونس لصديقه في محنة الكتابة عبد القادر بن الحاج نصر
ونشير الى أن كاتبنا لم يتوقف طويلا عند حديقةاللوكسمبور ..وإن كان قد وصفها وصفا دقيقا ووضع صبعه على النواحي الكثيرة لجمالها الخلاب لكنها ليست هي الرواية. وأحداثها لا تجري في هذه الحديقة انما هو يهرع إليها ليريح نفسه من عذاباته اليومية أو للتأمل في جمالها وهو يقرأ كتابا أو يكتب نصا .. وربما قضى أوقات أطول في أنفاق مترو باريس لانها تحميه من لسعات البرد وقد توفر له مقاعدها قضاء ليلة اذا ما تعذر عليه إيجاد مكان ينام فيه...فهو دائم البحث عن فراش أو حتى كرسي ينام فيه في غرفة بحي جامعي أو في آخر طابق من عمارة عادة ما يكون مخصصا للخدم وقد يضحك فينام ليلة هادئة خارج باريس او في شقة خاصة بطالبة تعرف عليها..ودعته الى غرفتها ..و على فكرة حضور المرأة كبير في هذه الرواية ..حضور طالب محروم من الأنثى ..يتشممها عن بعد .ويقترب منها دون أن يحظى بلمسة فهي
أحيانا طالبة ..وأحيانا نادلة او هي عابرة سبيل ..إشتهى هذه وأحب تلك وحلم بأخرى . وتنمى تلك الجزائرية البيضاء او . تلك التونسية التي يراقبها زوجها عن كثب في غدوها ورواحها او تلك الاثيوبية الجميلة او تلك النيجيرية التي بلغت الخمسين ومازالت محافظة على جمالها او هكذا كان يرها شاب محروم من الجنس وكان يتصور أنه اذا ما دخل باريس سيجد حياة سهلة رائقة فيها العمل والمال والدراسة والنساء ..واذا به في عمق الماساة الدرامية والعذابات التي لا تحتمل ..اذن فإن الكاتب اختار هذا العنوان لانه يشير بوضوح الى أن الرواية تتحدث عن باريس أو عن حياته في باريس
لأنها رمز من رموزها وكان يمكن ان بختار لها عنوان آخر مثل مترو باريس..أو كنت في السربون ..أو المرور من برج ايفل أو التوريفال
او رحلتي الباريسية وكذلك قد يكون عنوانا على غرار الحي اللاتيني للكاتب اللبناني دريس .
وما لفت إنتباهي ان كاتبنا رغم انه سافر الى باريس وهو صاحب كتابين في الرواية والقصة ..وبدأ اسمه يروج في الساحة الأدبية انطلاقا من نادي القصة الذي يشرف عليه محمد العروسي المطوي ..او انطلاقا من الاذاعة حيث يعمل ..وكذلك كانت الجرائد ترحب بكتاباته وتفرد له صفحاتها دون انتظار وعناء ...ومع ذلك فانه لم يتحدث في بغريس عن هذا المجال
فلم يتعرض الى عالمه الادبي الا من خلال الأسماء التي أوردها في الرواية تؤكد انه من عالم الكتابة والثقافة والاعلام ..نعم فالامر غريب أن لا يخصص صفحات عن بداياته . وعن دخوله الى باريس يحمل بعض حضور وبعض شهرة والحقيقة أن المتاعب التي تعرض لها قبل التسجيل في الجامعة . واثناء الدراسة حانت كبيرة جدا أفقدته ذلك الإحساس الجميل بكونه معروف وصاخب حضور في تونس ..لقد نسي ذلك تماما . ولم يعد أمامه غير الدراسة والنجاح مهما كانت الظروف ..فقد تعود عليهاوأصبح العذاب الذي تجرع منه ألوانا والفقر الذي جعله يجوع و يكاد يقضى عليه من البرد..فقد عمل منظف الأرضيات والمراحيض
وعمل حارسا في مستودع يجمع كل المخاطر كما عمل في الاستقبال في بعض النزل ..وعمل موظفا في البريد ..لكنه لم يعرف فيها الا الاهانة والترذيل ..والعنصرية ..
تلك هي اذن بعض ملامح رواية "حديقة اللوكسمبور " ويمكن لنا أن نتعمق في تحليل أسلوبه في كتابة السيرة أو كتابة الذات مع دراسة خصوصيات هذا النوع من الكتابة السردية الروائية ..
تغطية الكاتب محمد بن رجب

الأربعاء، 13 أبريل 2022

ذِكرى ميلادِ الإبنة ريم مع هلالِ رمضان بقلم الأم الشاعرة عزيزة بشير

 ذِكرى ميلادِابنتي ريم مع هلالِ رمضان

رمضانَ المُبارك والإفراج عن أحمد مناصرة إن شاء الله!
ميلادُ بِنتي بشهْرِ الخيْرِ قدعَبَرَ
شهرُ الفضيلةِ شهرُ الخيْرِ والبَرَرَهْ
شهْرٌ يَهُلُّ وَ نورُ اللهِ يسبِقُهُ
ضاءَ الوُجودَ وغطّى الشّمسَ والقمَرَ
سُبحانَ ربّي فكلّ مِنّا مُنتَظِرٌ
شهرَ الأمانِ والاطِئنانِ، فيهِ نَرى
ميلادُ بِنتي وكلُّ الكَوْنِ يرقُبُهُ
يهفو لِقيْدِكَ يا (أحمدْ) وقَدْ كُسِرَ
(ريمٌ )تُناشِدُ : يا ربّي لِتُفرِجَها
هَنِّ الجميعَ وهنِّ الطّفلَ قد صبَرَ
أبْعِدْ كُورونا وشافِ الجُرْح خالِقَنا
أنتَ الرّحيمُ وَمَنْ للذّنبِ قدْ غَفَر
أفرجْهَا ربّي على(أحمدْ)وهَنِّ بِهِ
كلَّ الخلائقِ……هنِّ الإخوَةَ الأُسَرا
كلٌّ يُناجيكَ يا رَبّي ؛ لِتُفرِجَها
طالَ الإسارُ وغابَ الفَرْحُ واندَثَرَ
طلّ الصّباحُ يُمَنِّي الكَوْنَ يوقِظُهُ
يستَحلِفُ اللهَ عَوْدَ الفرْحِ والسّمَرَ
يستَحلِفُ اللهَ كسْرَ القيْدِ يُفرِحُنا
أحمد يعودُ لِحِضنِ الأُمِّ قد نُصِرَ
صهيونُ زَجّ بِهِ طفلاً وعذّبهُ
ألهِمهُ ربّي يُعيدُ اليوْمَ …مَن أسَرَ
لنْ أُطفِي شمعِيَ إلاّ بعدَ رؤيتِهِ
يمشي لأهلِهِ مسروراً….. بِلا عبَرهْ!
-عيدٌ سعيدٌ أيا بِكْري وغاليَِتي
عُمرٌ مديدٌ تهانِي القلبِ مِن شُعَرا
ألخيْرُ فيكِ ومَن دوّى ليُفرِجها
شعبٌ أصيلٌ لِعَوْد الأرضِ قد نذرَ
روحاً وَعمراً وأبناءً لِنُصرَتِها
عاشت فلسطينُ معهاشعبُها الأُمَرا
كلُّ يُهَنّيكِ عنْ بُعْدٍ وَيَرجُو لَكُم
زَوْجاً وبنتاً معاكِ السّعْدُ قد حُشِرَ
شَهُرٌ مُبارَكُ والأفراحُ تجمَعُنا
(للقَدْرِ )تُبْلِغُنا……. عِتْقاً بِها قُدِرَ
واللهُ يُسعِدُنا بالنّصرِ يوعِدُنا
للقُدسِ)يُرْجِعُنا(للأقصَى)والأُسَرا!
ماما / عزيزة بشير

الثلاثاء، 12 أبريل 2022

وفاة الشاعر العراقي الكبير حسب الشيخ جعفر… بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

  وفاة الشاعر العراقي الكبير حسب الشيخ جعفر…


توفي يوم أمس الإثنين الشاعر العراقي الكبير حسب الشيخ جعفر الذي يعتبر من أهم شعراء العربية في النصف الثاني من القرن العشرين ..
وقد ولد حسب الشيخ جعفر في العمارة سنة(1942) و درس الابتدائي والثانوي في مسقط رأسه والتحق بموسكو عاصمة الاتحاد السوفياتي حيث تخرّج في معهد غوركي للآداب عام 1966 وحصل على ماجيستر آداب.
وقد عين رئيساً للقسم الثقافي في إذاعة بغداد حيث عمل من 1970 – 1974،ثم اشتغل محرراً في جريدة “الثورة” وهو عضو في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق.
منذ الستينياتو ساهم في الصحافة العراقية وحضر المؤتمرات الأدبية والشعرية في العراق والدول العربية والاتحاد السوفيتي. من دواوينه الشعرية‌ نذكر” نخلة الله والطائر الخشبي”و”زيارة السيدة السومرية “و”عبر الحائط في‌ المرآة”و”في مثل حنو الزوبعة”.
وله عدة مؤلفات سرد فيها سيرته التي تحدث عنها العديد من النقاد والباحثينوقد ترجم عن شعراء الروس للتعريف بالأدب السوفياتي وحصل على الجائزة التقديرية الكبرى في بغداد لأعماله الشعرية الكاملة كما نال جائزة السلام السوفياتية في سنه 1983 وجائزة مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية للشعر الـدورة الثامنة عام 2002وللعلم له أصدقاء من الشعراء والاعلاميين التونسيين منذ عشرية السبعينيات التي كانت زاخرة بالعطاءات الأدبية والشعرية في البلاد العربية رحمه الله رحمة واسعة وصبرا جميلا لعائلته ..

محمد المحسن


القصة القصيرة جداً..رؤية تأصيلية كتاب نقدي جديد للكاتب والناقد السوري د. محمد ياسين صبيح متابعة الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 القصة القصيرة جداً..رؤية تأصيلية كتاب نقدي جديد للكاتب والناقد السوري د. محمد ياسين صبيح

صدر للكاتب السوري د. محمد ياسين صبيح عن دار خطوط وظلال في الأردن الكتاب النقدي الجديد الذي يهتم بالقصة القصيرة جدً، هذا الجنس الأدبي الجديد نسبياً والذي يحتاج إلى المزيد من الدراسات النقدية التي تفتح أفاق الكتابة الإبداعية.
يحتوي الكتاب على الكثير من الفصول التي تناقش وتدرس الكثير من المواضيع مثل (التناص والشعرية والتجريب والخطاب السردي الخاص بها، وإلى علاقتها الحساسة بالشعر النثري وتداخلاتها معه، والذي يعتبر إشكالية كبيرة ترافق الشعراء وكتاب القصة القصيرة جداً، والى الغوص في تعالقاتها مع الثنائيات اللغوية والضدية وغيرها من المواضيع)، والتي ستساهم في خلق رؤية إبداعية جديدة لها، وتعزز الفهم الأفضل لماهيتها السردية ولتقنياتها المتعددة.
يقدم الكتاب دراسة شاملة عن كل ما يتعلق بالقصة القصيرة جداً مدعّم بالكثير من الدراسات التطبيقية للعديد من الكتاب العرب،وتأتي أهمية الكتاب من خلال محاولته تقديم رؤية تنظيرية ونقدية للكثير من المواضيع الخاصة بالقصة القصيرة جداً، فهي لا زالت تحاول أن تجد لها مكاناً راسخاً على الساحة الأدبية، من خلال ترسيخ أحقيتها الأجناسية وتقنياتها السردية وتأصيل الحالة النقدية والتنظيرية لها، من هنا تأتي أهمية هذه الدراسة في دراسة ومناقشة هذه المواضيع، حيث الأجناس الأدبية السردية الأخرى (الرواية والقصة القصيرة)، حظيت بدراسات تنظيرية ونقدية كثيرة جداً.
تحاول هذه الدراسة، تقديم رؤية تأصيلية ممكنة للقصة القصيرة جداً،ومدعّمة بدراسات تطبيقية واسعة وللعديد من الكتّاب العرب الذين نشروا مجموعاتهم عبر الوطن العربي.
متابعة محمد المحسن
Peut être une image de 1 personne

الاثنين، 11 أبريل 2022

قراءة في نص " مرهم الروح " للشاعرة " إيمان بن حمادي" ... بقلم الناقدة و الشاعرة السورية المبدعة "باسمة العوام"

 هكذا كانت القراءة النقدية التي خطتها أنامل الناقدة و الشاعرة السورية المبدعة "باسمة العوام" لقصيدتي "مرهم الروح":

قراءتي في نص " مرهم الروح " للشاعرة " إيمان بن حمادي" ... Imen Ben Hamadi
ا☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆ا
هل قرأت حروفاً فرقص على وقعها النبض وحلّقت الروح بين السطور ؟!
هل تكدّس على شفتيك صوت العصافير، فنطقت في أعماقك القصيدة ؟! ، وأزهر الحبّ المعتّق من قلب الرماد ؟! ..
الحبّ الصادق الذي يداوي الجروح ويبدد مرارة الزمن ، يعبر الألم ويمزق الأحزان ... كما تقول شاعرتنا " إيمان بن حمادي " في هذا النص ؟!
" مرهم الروح:
ظل يغمر كلماتي
يملك عرش قلبي
يبدّد مرارة الزمن
يحيك روحي...يتلاشى بجسدي
يرقص في نبضي...يسكن ازمنتي
ظل يغمر مخيلتي
يعبر ألمي
يمزق احزاني ...يمدد فرحي
ظل يلاعب افكاري...يحضن شعري
ظل من الوله يجدد ذاكرتي
يبذر شذرات الحنين اليه؟
صوته انفجارات الرجولة و الوله
جسده مناخات العشق ومرافئ الضوء
فانا القتيلة و الاسيرة في ازمنة العشق. "
__/☆☆ شاعرة تهادن الحروف من خلف المسافات ، كالطير تحلّق فوقها ، تنقر على طاولة الاعتراف . وعلى ضفاف البوح ، تتلو العشق ياسميناً وفرحاً ، ترشفه عقاقيرَ حبٍّ وطهرٍ وشفاء ، ثم في كوخه تغفو .
بحر من المشاعر والأحاسيس اختزلته الشاعرة في سطور حمّلتها صورا مكثفة فيها التخييل والاستعارة والتشبيه وبعض من تقنيات الشعر ، لتعبّر عمّا يجول في فؤادها ، وتعكس صورة حبيبها عندما تقول :
" صوته انفجارات الرجولة والوله
جسده مناخات العشق ومرافئ الضوء "
__/☆☆ أسلوب من أساليب التجديد في الشعر أو في كتابة قصيدة النثر . كلمات سهلة واضحة وتراكيب بسيطة معبرة مُستَخدَمَة للتعبير عن عاطفة جيّاشة وأحاسيس وانفعالات تحاكي مايجول في أعماقها .
ومن أقدر من الشاعر على عكس مايعتمل بداخله بكلمات وسطور تتراقص على متنها القلوب وظلال تجدد الذاكرة وتحفظها بعيدا عن النسيان ؟! كما ورد بين سطور هذه القصيدة في قول الشاعرة :
" ظل من الوله يجدد ذاكرتي "
__ صورة أخرى تأخذك في عالم السحر والخيال :
" يبذر شذرات الحنين إليه "
__/☆☆ شاعرة متجددة استطاعت بكثير من المهارة والإتقان تقديم نصها الشعري مستخدمة لغة تصوير مكثفة لها وقعها لا تخلو من الموسيقى والخيال ، وعاطفة صادقة من صميم واقع الفؤاد وأزمنته وعهوده التي فيها هي القتيلة الأسيرة المكبّلة بقيود عشقه .

الأحد، 10 أبريل 2022

قراءة نقدية في نص (عمالقة الهذيان) للكاتبة التونسية القديرة جميلة بلطي عطوي بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 قراءة نقدية في نص (عمالقة الهذيان) للكاتبة التونسية القديرة جميلة بلطي عطوي

تقديم محمد المحسن
إن أهم ما يلفت الانتباه،في قصة. القاصة التونسية القديرة ـ ـجميلة بلطي عطوي- المعنونة ب ـ -عمالقة الهذيان ـ.أنها لا تشتمل على ذروة،وأنها مجرد عرض صو،ولا تربطها إلا فكرة عامة، وتتلخص في التعبير عن خواطر النفس.إ ضافة الى الاسراف في الذاتية.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل نجيز لأنفسنا إعتبار نصها القصصي بعيدا عن مواصفات القصة؟.
الجواب في كلتا الحالتين يحتاج الى تبرير؟. والى نقد مؤسس على ضوء التجارب المعمول بها في جنس القصة.لأنه من الظلم إصدار أحكام تفتقر الى أدلة في فن من فنون الأدب بدون سابق معرفة؟.
وبعبارة أدق وأوضح.أن عملية النقد في القصة تحديدا تعتبر جد حساسة.بحكم تعدد مدارسها. وتنوع قواعدها الفنية.لذلك يتطلب منا دراسة عميقة لكل مدرسة من المدارس القصصية على حدة،حتى يتسنى لنا تصنيف النص أولا المراد قراءته لإ ستحضار مفاتيح القراءة.
لقد تطرقت إلى ما تطرقت اليه للفت إ نتباه بعض الأقلام التي تحاول الخروج ببعض الانطباعات النقدية،في غير محلها عبر الملاحق الثقافية لكثير من الجرائد.وهذه بعض العينات : فبمجرد عدم احتواء النص على ذروة،أو إستعمال القاص لذاتيته في نصه،أو التعبير عن خواطره النفسية فإن ردود أفعالهم.أما رفض النص،أو تصنيفه ضمن الخاطرة.
وهذا غير مقبول في عرف جنس القصة؟.بل يعد تفتيت للبنية التحتية لحركيتنا الابداعية المشكلة من الأقلام الشابة.لذلك فان اختياري لنص ـ عمالقة الهذيان ـ كان عن قصد،ولسببين اثنين: لأنه عمل مميز،وظفت به القاصة تجربتها الفنية الراقية.ولأثبت أن نص ـ عمالقة الهذيان ـ به جميع مواصفات القصة الحديثة.
النص هو عبارة عن لوحة فنية أصبغتها القاصة بالمذهب السريالي،بحيث كل لفظ منها يحوي إشارات على شكل مستقيم وكل فقرة منها ترغب القارئ على تلذذ متعتها.بتعطش لتثير فيه لاحقا حيرة التساؤل عن واقعه بدهشة لا نظير لها؟.
ففي مستهل النص القصصي :القاصة تستغني عن العقل الواعي وتلجأ الى العقل الباطن.نتيجة الشعور بتجفيف الأوهام وبخيبة الآمال،في العالم الخارجي المقرف والمتخم بالهذيان.لتفريغ ما ترسب بداخلها،وفي مستهل النص،أيضا القاصة تبدو في حالة ذهول،وهو ما يفصح عن المقطع التالي ـ" في زمن الهذبان يختلط الخيط الأبيض بالأسود ،تحتار الشمس وقد أردتها المتاهة فلا تدري شروقها من غروبها-.ما يستشف من هذا المقطع أن القاصة تمهد للتعبير عن خواطر النفس في مجراها الحقيقي يعيدا عن كل رقابة يفرضها العقل الواعي ودون أي حساب لأي اعتبارات..؟."
وفي الهامش الفاصل بين العقل الباطن والعقل الواعي تتقلص المسافات بنص القصة محاولة من القاصة للمزج بينها.بدون أن تخضعنا القاصة لأصول المنطق والتفكير المعقد السليم،وهذا لا يعد مساسا بمواصافات القصة أوإخلالا باجراءاتها.بل بالعكس.فبالرجوع الى تجربة الكتاب السرياليين فيما يتعلق بالتوظيف السليم لتقنياتهم نجد أن أهم قواعدهم أن تتغلب سمات العقل الباطن وصبغته على سمات العقل الواعي وصبغته في عملية المزج بين تجارب كل منهما.
المبدعة التونسية جميلة بلطي عطوي في قصتها القصيرة جدا هذه-عمالقة الهذيان-انسجمت مع ذاتها لتعبّر عما يمور داخلها من أفكار في زمن"الجنون"على حد توصيفها،فهي لم تنصب نفسها قاضية لهذا الزمن الذي يتربّع عليها دون خجل أو وجل"عمالقة الهذيان" ولا وعدتنا بباقات من ورد،أو عبارات المديح،هي نأت بنفسها عن كل ذلك،وأبقت للقارئ تلك المساحة من التخييل لربما هي دعوة للقارئ،أن يكون شريكا معها في العمل الإبداعي الذي أصبح القارئ به مكونا رئيسا،وتحديدا في هذا الجنس الأدبي ( القصة القصيرة جدا) بصفته لا يحمل أو غير متاح له اللغة كثيرا،لذلك عمدت -جميلة-وبأقل أقل الكلمات أن تذهب إلى الترميز الحقيقي والحداثة باعتبارها انقلابا على الثابت.
هنا في هذه القصة القصيرة جدا،تذهب القاصة إلى أبعد حدود المفارقة الحقيقية التي ساهمت بشكل فعال في إحداث تلك الدهشة التي ينتظرها القارئ،وأرى أنها بهذه القصة عملت على تعرية المجتمع المنافق والذي يظهر ما لا يبطن.
ولأن لا عمل سردي كامل،لجأت الكاتبة إلى الرمز الذي يشوبه شيء من الضبابية من خلال رؤيتها الخاصة،فظهر جزء من القصة وكأنه مغطى بالكامل وبحاجة إلى إعادة تفكيك من قبل القارئ.
هذه القصة الني نسجت خيوطها ببراعة واقتدار الكاتبة التونسية القديرة جميلة بلطي عطوي من وحي الواقع المعيش هنا / الآن..وهي ليست محاكاة للواقع كالصور الفوتوغرافية،لأننا أمام عمل أدبي..و ليست في ذات الآن مجرد تقارير وصفية لحكايات حدثت فعلا وعاينتها الكاتبة كشاهدة مباشرة،وإلا جردنا العمل الأدبي من بعده الجمالي المرتبط به عضويا و وظيفة وامتدادا..و يفسر النقاد واقعية هذا النوع من الكتابة القصصية بظاهرة المشابهة la vraisemblance أي تخيل قصة شبيهة بالواقع إلى حد التماهي،و ظاهرة التماثل la représentation أي كيف يتم تقريب الحدث من القارئ على أنه واقع،لكن من وجهة نظر الكاتب..
فلسفيا النص يثير قضية الصراع الجدلي الدائم بين المتناقضات في زمن ضللنا فيه الطريق إلى الحكمة..زمن متخم بالزيف في"زحمة الجعجعة."زمن موسوم في جزء منه بالزور والبهتان،حيث ستذهب الأوهام والأراجيف زبدا وطواحين ريح.
نحن نتاج هذا الديالكتيك..
نحن التركيب في دورة نفي و نفي نفي لا تنتهي..
لكن الخلاص و الإمساك بالحقيقة لن يكون إلا بالتعالي حدسا و إشراقا لمعانقة الجوهر خارج التناقض و الحيرة و التشظي الذي يحيل عليه الوعي و هو يحاول الإمساك بالأنا..
و ما زال النص يوحي بالكثير .
لك مني سيدتي القاصة-جميلة بلطي عطوي-باقة من التحايا المفعمة بعطر الإبداع..
عمالقة الهذيان
في زمن الجنون يبيع الهذيان اللغة للضّجيج،تشهق المفردات وهي كأوراق الخريف تتلاعب بها أوتار الفحيح المجروح .
في زمن الهذبان يختلط الخيط الأبيض بالأسود ،تحتار الشمس وقد أردتها المتاهة فلا تدري شروقها من غروبها .
أما الحكماء،أدعياء اللّغة والبيان فيرفعون راية مخاتلة تقهر البصر فلا يدرك أسوداء هي أم بيضاء لأنّها ببساطة كالحرباء على قدر المكان وغاية القول تصنع لونها.
في دائرة الهذبان تتشكّل،تتحوّل إلى طواحين ريح ،بل عواصف وما اكثر العواصف الكاذبة في زمن البهتان.جعجعة قول ينتفض لها البوح.تجثو اللغة القرفصاء استعدادا للركض،بحثا عن منافذ الخلاص من العيّ الموبوء.هروبا من عمالقة الزيف،من الحيتان،يرفعون شعار النصر ولا طعان،كأبطال الورق في حكايات جدتي الخيالية يمرحون ليلا وحين الضوء يتيهون في الدّوّمات العصيّة،لا عصا بها يهشّون،لا لغة بها بقنعون.،يتحوّلون مجرّد خفافيش لا حول ولا قوة لهم ولا حكمة تنجي من الانهيار.
لك الله ايّها العقل،لك الله أيّها البيان،ضعتما في زحمة الجعجعة.
في زحمة ادعاء الفروسية ولا فرسان.
تونس...7/ 4 / 2022
بقلم جميلة بلطي عطوي