الهزيمة الحضارية
بقلم كريم بوخالفة -الجزائر
في اعتقادي الهزيمة الحضارية اقسى بكثير من هزائم الحروب. لانه عندما تنتهي الحرب، يعاين العاقل الأضرار ويحاول ترميم نفسه والوقوف من جديد. هي كالتجارب الشخصية المؤلمة، ينهض بعدها الانسان الطموح قوياً خبيرا.
هزيمتنا الحضارية اننا منفيين بإرادتنا في زنزانة التاريخ ومحاصرين بجدران أحداثه، نشاهد العالم ينمو ويتغير دون اي رغبة في الخروج والمشاركة. كل همنا التبرير، والتمسك بأننا على صواب، وكل ما نفعله تبييض تاريخنا وثقافتنا واستخراج نسخة منقحة للإستخدام الخارجي فقط، اما نسختنا الاصلية فلن نقترب منها.
ان تكون مستهلك غير منتج حتى لطعامك، مكشوف ضعيف بلا مخالب، كل نشاطك الاقتصادى هو عملية تبادل سلعي، كما كان يفعله الانسان القديم، تعطيهم النفط فيعطونك ما تحتاج، ان تكون مؤسساتك التعليمية خارج نطاق التوصيف، ان يكون خطاب التخلف وثقافة الانحطاط وانعدام الذوق وتعظيم قيم العشيرة، ومحاربة مظاهر التمدن والرقي واستبدالها بلغة البذاءة، هي السائد، فأنت مهزوم وستبقى كذلك الى ان تنتبه وتجرب طريق اخر مختلف.
نجح الاخرون عندما تبنوا العقل البرهاني الشكاك النقدي، وفشلنا لكوننا نفكر بعقل عرفاني لا يصلح الا للحالمين، وهذا العالم واقعي جداً، يسير وفق قوانيين طبيعية لا حيود عنها، ولكي ننجح علينا ان نفكر بعقلية مكتشف فقط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق