تحليل نقدي بقلم الأستاذ الصحفي الشاعر محمد الوداني
لقصيدة محبرتي مدنسة بالخطايا للشاعر طاهر مشي
النص يحمل طابعًا وجدانيًا عميقًا يتشابك فيه الحب بالفقد، والتوق بالمصالحة، والبحث عن الذات بالعودة إلى الآخر. يُظهر حالة من التمزق الداخلي نتيجة صراع بين الرغبة في النسيان والاشتياق لاستعادة العلاقة المفقودة.
الكاتب يوظف رموزًا متعددة، مثل "المحبرة المدنسة"، التي تشير إلى خطايا الكتابة أو الذكريات المثقلة بالندم، و"الدروب" التي ترمز إلى مسارات الحياة الملتبسة. النهاية تأخذ منحى تصالحيًا، حيث يُقترح التغيير والمضي قُدمًا، في إطار من الأمل الممزوج بالحزن.
النص يعتمد على أسلوب شعري نثري تتخلله صور بلاغية مبهرة. من أبرز السمات: التكرار، كالتكرار في "أي دروب هذه"، وهو يعكس الحيرة والضياع. التضاد يتجلى بين "حبلى دون سحاب" و"عل اليباب ينجلي"، حيث يعبر عن صراع بين الواقع المؤلم والأمل بالخلاص. التصوير البلاغي يبرز في استعارات مثل "محبرتي مدنسة بالخطايا" و"تخيطين عباءة البعد"، مما يضفي طابعًا دراميًا قويًا.
اللغة عميقة ومشحونة بالعاطفة، تدمج بين العبارات الرمزية والمباشرة. يظهر استخدام الكاتب لمفردات مثل "يباب"، "ينجلي"، و"منثالة" لخلق إحساس بعمق الزمن وعبء الفقد. النص يتبع بناءًا حلزونيًا يتراوح بين الحاضر والماضي، وينتهي باستشراف المستقبل. يبدأ بالحيرة والندم، ينتقل إلى سرد التجربة ومآسيها، ثم يفتح باب الأمل والتغيير.
الرسالة الأساسية تكمن في أن الغفران والمصالحة مع الذات والآخر هما المفتاح للشفاء من الجراح العاطفية. النص يدعو إلى التجديد والخروج من دائرة الألم عبر إعادة بناء العلاقة من جديد.
النص يحتاج إلى ضبط الإيقاع في بعض العبارات المطولة أو المتكررة التي تُضعف التدفق الشعري. كما أن التداخل بين الصور قد يجعل الفكرة أقل وضوحًا أحيانًا.
ومع ذلك، يظل النص محمّلًا بالعاطفة والعمق، يجمع بين الشاعرية والرمزية في معالجة موضوع إنساني حساس. الكاتب أبدع في إيصال مشاعر الحزن والاشتياق، لكنه ترك بصيص أمل يُضفي على النص بعدًا إنسانيًا راقيًا.
مع تحيات ادارة مجلة غزلان للأدب والشعر والابداع الفني العربي للنشر والتوثيق والقراءة النقدية التحليلية الثقافية العربية
محبرتي مدنسة بالخطايا
ااااااااااااا اااااااااااااااااااااااا
أي دروب هذه التي يعلو صهيلها
كلما وطئتها قدماك
وتناثر عطرك المنسلخ على تلك السفوح
ورددت صدى نبضك المرتعد كل التجاويف
فأين تجدينني وقد فقدت بوصلتي
واجتاحت نار الفقد أوردتي
وخطواتي المثقلة بالغياب
باتت مكبلة
فلا ترى عيناي سوى بعض الضباب
أي دروب هذه التي تحملني مسجى
أتعبد أرضا موسومة باليباب
وأنت هناك تجرين أثوابك المنسدلة
فتتعثر الخطى وتهطل الأمطار حبلى
دون سحاب
ولا يزال البعض منك
مسروجا على خاصرة الربيع
لنمضي
سينقضي فصل المطر
منثالة أوراقي
ومحبرتي مدنسة بالخطايا
وفي أنفاسي شذرات شرخ في الصميم
وأنت هناك
تخيطين عباءة البعد في اشتياق
لنجز المسافات
وننصهر
ونرمم ما تبقى من الشتات
تعالي نكفّر عن ذنوبنا
ونغوص في بحر النسيان
ونمحو أهزوجة الأشواق
تعالي
نتعطر من جديد بحبرك المسكوب على الورق
تعالي نراقب الشفق
عل اليباب ينجلي
وتتحرر أرواحنا من الغرق
ونسلو الدرب
قد نمضي بعيدا
ننسج ثوبا جديدا
ونعيد البوح
ما نبغي الفراق
ونتفق
ااااااااااااا ااااااااااااا
طاهر مشي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق