رماد البرق
النَّخلةُ تشدُو
وزهرة عُبَّادِ الشَّمسِ
تُرَاوِدُ سُنْبلةً تتلَوَّى
والبيدرُ يَغْسِلُ يَخْضُورَ الفزَّاعةِ بالتَّعب
***
النَّخلةُ تشدُو
حفار قبور الموتى يدفن جثتَّهُ ...
فيْروزُ الكرْمَةِ يرحَلُ في أوْرَدَةِ العاشِقِ و المعشوقِ,ِ
و سيفُ العطرِ يُوزِّعُ بين القاتلِ و المقتولِ
صباحَ العِنبِ.
***
النَّخلةُ تشدُو
قنديلُ السَّوسنِ فوق الجمرِ بِغير ِفتِيلٍ
الرِّيحُ جوادٌ...
و رمادُ البرقِ
يُجمِّعُ تحت الصَّحراءِ تباشيرَ اللَّهبِ.
***
النَّخلةُ تشدُو
الفرسُ الميِّتُ
فوق العُشْبِ الدَّموِيِّ
خريفٌ...
و فراشاتُ البرق
تُدحْرِجُ نحو الحُلْمِ
شُوَاظَ الشُّهُبِ.
محمد علي الهاني- تونس
____________
هِلالُ الخمِيلة
وَجْهُكَ الْمُنْتَمِي لِلَّظَى في دمِي
وَجْهُكَ الْمُنْتَمِي لِلدُّجَى فِي الْحِصَارْ
يا هِلاَلَ الخَمِيلَةِ ، ذا حُلُمِي
نِصْفُهُ صِيغَ مِنْ قمَرَيْنِ ونارْ
نِصْفُهُ المُخْتَفِي كانَ لِي شَفَةً
يَتَوَالَدُ مِنْهَا النَّشِيدُ بِحَقْلٍ مِنَ الْجُلَّنَارْ
يا هِلاَلَ الخَمِيلَةِ ... مِنْ حُلُمِي يَطْلُعُ اللَّيْلُ في حُلُمِي يَسْتَرِيحُ النَّهَارْ
فإِذا ماتَ في حَدَقِي أَمَلٌ
قبلَ أَنْ يمتطِي صَهْوَةَ الاحْتِضَارْ
لَنْ يَمُوتَ مَعِي ...
لَنْ يَمُوتَ مَعِي ... لَنْ يَمُوتَ مَعِي الانْتِظَارْ
يا هِلاَلَ الخَمِيلَةِ... لاَ حُلْمَ لِي
غَيَرَ أَنْ أَتَلاشَى ضِيَاءً بِلَيْلِكَ حتَّى نَمُوتَ مَعًا
ثَمَّ تُبْعَثَ فِيَّ وأُبْعَثَ فِيكَ
رَبِيعَيْنِ بَيْنَ سَمَاءَ يْنِ مِنْ أَلَقٍ واخْضِرَارْ
الهَزِيعُ الأخيرُ ِمن الجمْرِ
أَثْخَنَتْنِي الجراح وسال دمِي في خريفِ البيادِرِ…
لمْ أنسحبْ …
كُنْتُ أغزِلُ نجْمَ الأغانِي على ضفَّةِ الموتِ فوقَ فمِي،
والشَّظَايَا تُحاصِرُنِي، وتُطاردني …
آهِ، يا شفتي القاتِلهْ !
كفَّنَتْنِي المواويلُ ،
وانْتَصَبَتْ باسِقاتُ النَّخيلِ تُظلِّلُ قبري...
وهاجرتِ السَّوسناتُ خمائِلَها
لِتُمارِسَ كُلَّ طُقُوسِ التَّوَحُّدِ في جُثَّتِي الصاهلهْ
قُمْ بِنَا أيُّها العاشِقُ المُنْتَمِي لِلَّظَى
قدْ تكلّمَ في المهْدِ عيسى …
عَلاَمَ تُدَارِي هواكَ
وليْلُ الكوابِيسِ لا ينتهي بالمنى الخامله ؟
قُمْ بِنَا، انْتَفَضَتْ جُثَّتِي في الخرابِ
وهزّتْ إليْها بِجِذْعِ المرارةِ في اللّيلِ كَفُّ السَّنى الباسِلهْ
قُمْ بِنَا... هذهِ آخِرُ الحَشْرَجَاتِ بدرْبِ المُنَى..
إنْ أَمُتْ في الهَزِيعِ الأخير ِمن الجمْرِ
دَعْ جسدي - يا رفِيقُ - بِلاَ كَفَنٍ ،
إِنَّ جسمي المُدّجَّجَ بالسَّوسناتِ مُشَاعٌ لِطيْرِ الفضاءِ وللسَّابِلَهْ
قُمْ بِنَا لِنَمُوتَ معًا أوْ لِنحيا مَعًا ...
باسِقاتُ النَّخيلِ تُظلِّلُ قبري،
وكُلُّ الفراديسِ في جُثَّتِي اخْتَبَأَتْ...
والمسافةُ بيني وبين المواوِيلِ حُلْمٌ :
لماذا يمُوتُ العبيرُ
وتبْقَى مع الشَّوكِ - في روْضتِي- زهرةٌ ذابِلَهْ ؟!
محمد على الهاني -تونس __________
الشُّحرورُ والصَّاعقة
شحرورٌ نارِيٌّ في المنفى
يرسُمُ فوق مرايا الرَّمْلِ صهيلاً
وصليلاً بنجومِ عبيرْ
ينْبُشُ جمْرَ الأحزانِ غُرابٌ
تُوغِلُ في الصَّحْوِ سنابِلُ شامِخَة
فَأُصَلِّي فوق سكاكينِ الكلماتِ
وأُبْحِرُ بين الوردةِ والسَّيْفِ شِراعَ خريرْ
يتلأْلأُ بين القاتلِ والمقتولِ شَذًا؛
فتكاشِفُني بفوانيسِ الْعِشْقِ الصَّحْراءُ،
وأغرَقُ في طوفانِ النُّورْ
يَفْجَؤُنِي قُرْصانٌ تحت النَّخْلِ أُغنِّي...
يَلْقُمُنِي حجرًا ، يسْحَبُنِي منْ حبْل ِدَمِي؛
أتلاشى فوق الرَّمْلِ شَظَايَا بِلَّوْرٍ مكسورْ
أجْمَعُنِي شحرورًا، أتزوَّجُ صَاعقةً...،
أتسلَّقُ أشجارَ اللَّيلِ، وأمْتَشِقُ البرْقَ على جبَلِ الرَّعْدِ،
يفُورُ التَّنُّورْ.
محمد علي الهاني-تونس ______________ قنديل الحــــــــــــزن
أشعِــــــلْ قـنْديلــكَ يا حزْنـــــــــي تعْشـوْشَبْ قِممــــــي وسفوحـــــي
أشعِــــــلْ قـنْديلــكَ ، تُــزْهِــــــــــرْ
زنَبقــةٌ فـي روْضِ جُروحـــــــــــي
اِغْــــرِزْ أنْـيابـــَك في كبِـــــــــــــدي كـــــيْ تكْتـــظَّ بنــارِكَ ريحــــــــــي
! لا أرْوعَ آه... مــــن شعْــــــــــــــــرٍ
يتدفّـــــــقُ مـن قلــبِ جـريـــــــح
محمد علي الهاني-تونس
_______________
أيْنَعَتْ فِي دَمِي وَرْدَةٌ
حُلُمِي فِي رَمَادِ السُّفُوحِ
طُيُورٌ بِلاَ أَجْنِحَهْ
والْخَفَافِيشُ فِي قِمَّةِ الْوَهْمِ
زَهْرٌ بِلاَ رَائِحَهْ
أَيُّهَا الْوَاقِفُونَ عَلَى جُثَّةِ الْحُلْمِ
إِنَّ الْمَسَافَةَ شَاسِعَةٌ بَيْنَ لَوْنِ التَّرَاتِيلِ والنَّحْنَحَه
فِي كِتَابِ الْمَرَاثِي دَمِي شَفَقِيُّ الْمَدَى
غَازَلَتْهُ النَّوَارِسُ بَاكِيَةً
واخْتِلاَجُ السَّنَى فِي عُيُونِ النَّوَارِسِ قَدْ وَشَّحَهْ
الْحَصَى فِي الثَّرَى
والثَّرَى بَارِدٌ
والْبُرُودَةُ لاَ تَنْتَمِي لِلَّظَّى.
أَيُّهَا الْفَارِسُ الْخَشَبِيُّ اتَّئِدْ
لَنْ يَصِيرَ الْحَصَى فِي يَدَيْ مُلْحِدٍ مِسْبَحَهْ
بِيَدٍ يَسْكُنُ الْغَدْرُ فِي وَحْلِهَا
أَنْتَ تَذْبَحُنِي
وأَنَا بُرْعُمٌ فِي خَمِيلَةِ حُلْمِي،
تُشَيِّعُنِي نَحْوَ قَبْرِي،
وتَبْكِي عَلَيَّ مَعَ النَّائِحَهْ
بِيَدٍ يَسْكُنُ الْوَحْلُ فِي غَدْرِهَا
أَنْتَ تَسُلَخُنِي
وأَنَا غَابَةٌ مِنْ بَرَاعِمَ
لاَ ... لَمْ أمُتْ فِي الْهَزِيعِ الأَخِيرِ مِنَ الْمَوْتِ
فَامْسَحْ سَوَادًا تَدَحْرَجَ مِنْ مُقْلَتَيْكَ
فَدَمْعُ التَّمَاسِيحِ لاَ يَسْتُرُ الْمَذْبَحَهْ
أَيْنَعَتْ فِي دَمِي وَرْدَةٌ مِنْ لَظًى
إِنْ حَسَوْتَ دَمِي
وحَسَوْتَ اللَّظَى ،
وجَرَحْتَ الْمَرَايَا ...
فَعِطْرُ التَّوَهُّجِ لَنْ تَجْرَحَهْ.
أَيُّهَا الْمُنتَمِي لِلْخَرَابِ
قُصُورُكَ بِالدُّرِّ شَيَّدْتَهَا . . .
وعِظَامُ الَّذِينَ انْتَمَوْا لِلثُّرَيَّا بِلاَ أَضْرِحَهْ
هَذِهِ آخِرُ الأُمْنِيَاتِ... فَقِفْ
هَذِهِ آخِرُ الْحَشْرَجَاتِ... فَمُتْ
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الضَّحِيَّةِ تَرْفُلُ فِي الأَسْلِحَهْ؟
كُنْتُ فِي قَطَرَاتِ النَّدَى
أَتَمَلَّى تَفَاصِيلَ وَجْهِي
مَدَدْتُ إِلَى جَسَدِي قَمَرًا؛
فَانْشَطَرْتُ..
تَدَلَّى اخْضِرَارُ الأَهَازِيجِ ؛
لَمْلَمْتُ جِسْمِي
وعُدْتُ إِلَيَّ
ولكِنَّ خَيْطًا مِنَ اللَّيْلِ
يَسْحَبُ ظِلِّي إِلَى الْمَشْرَحَهْ.
أَيُّهَا الظِلُّ ، لاَ تَرْتَبِكْ
أَنْتَ أَبْيَضُ... لاَ تَرْتَبِكْ
قَدَمُ الثَّلجِ تَعْرِفُ دَرْبَ الشَّذَا .
ألَقُ الْفَجرِ يَعْرِفُ زَاوِيَةً فِي دَمِي
يَتَعَهَّدُ فِيهَا فَوَانِيسَهُ ،
ويُشَيِّدُ فِي نَبْضِهَا مَسْرَحَهْ
أَيْنَعَتْ فِي دَمِي وَرْدَةٌ مِنْ لَظًى
فِإذَا ذَبَحَ اللَّيْلُ حُلْمَ الْغُرُوبِ ،
وغَطَّى الزَّخَارِفَ في خَاطِرِ الْمَوْجِ ،
مَسَّحَ بَوْحَ الْوُرُودِ...
فَلنْ يَسْتَطِيعَ - إِذَا دَمْدَمَ الفَجْرُ - أَنْ يَمْسَحَهْ. محمد علي الهاني-تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق