حكاية نغم وجدّها
"جدّي انتَظِرْ!" صرختْ مُحذّرةً نغَمْ
"متوتِّرٌ وضْعُ المدينةِ في الحرمْ،
لا تخرُجَنَّ لِمَ التَنكُّرُ للهَرَمْ،
يكفيكَ ما بكَ منْ همومٍ أو سقمْ."
"هيّا اتركيني، لستُ بالمُتخاذِلِ،
لستُ الذي يرضى بأيِّ تنازُلِ،
لا تستهيني بانتفاضِ مناضلِ،
لا تستَخفّي بانبعاثِ مقاتلِ."
"خُذْني إذًا، فهناكَ معْ أحرارِنا
نحمي ربوعَ بلادِنا وديارِنا،
فالقدسُ رمزُ كَيانِنا وَفَخارِنا
بالروحِ نفديها وعزمِ قرارِنا."
خرجا معًا حتى انْتَهتْ بِهما الطريقْ
ليشاهِدا الثوارَ في قلبِ الحريقْ
وبنادقًا للموتِ أعياها البريقْ
وقنابلًا للغازِ تحْتَبِسُ الشهيقْ
زرعَ الغريبُ ظلامَهُ في كلِّ بابْ
خُطَطٌ رعاها لا رقيبٌ أو حسابْ
عربٌ! أَتسْأَلُ أيْنَهمْ؟ ماتَ الجوابْ
وَقَضتْ كرامتُهمْ فأحياها الشبابْ
خرجوا معًا بكبارِهمْ وصغارِهمْ
تَركوا منازلَهمْ ودفءَ دِثارِهِمْ
نَبذوا الأَنا وتّمسّكوا بقرارِهمْ
وَسعوْا لصدِّ الغاصبينَ وَنارِهِمْ
أدّوا الصلاةَ بعزّةٍ وكرامَةِ
وعلى الثرى بِصلابَةٍ وصَرامةِ
رفضوا المذلّةَ وانْحناءَ القامةِ
وتسلّحوا بشجاعةٍ وشهامةِ
"جدّي هنا الأوضاعُ قدْ تتفاقمُ
وبدونِ عُذرٍ ربّما تتأزّمُ
مَنْ معْ جنودٍ مثلِهمْ يتفاهمُ
يا ويلتي معهم فقط تتصادمُ"
غضِبَ العجوزُ وقالَ ويلك لم تعِي
ما قلتُهُ لكِ قبلَ أن تأتي معي
إنْ لمْ تعِي فتحمّليني واسمعي
إمّا نناصِرُ بعضَنا أوْ ترْجَعي."
"كيفَ الرجوعُ وَقُدْسُنا مُسْتنْفرَهْ
والعربُ صمتهمُ كصمتِ المقْبرَهْ،
برعوا أعادوا قدْسَنا في الثرثرهْ
لا عُذْرَ ينْفُعُهمْ وما من مغفِرَهْ."
وقفَ العجوزُ يصُدُّ كيدَ الغادِرينْ
وبِدونِ خوفٍ ردَّ شرَّ الماكِرينْ
وبعزّةِ المُتَوكِّلينَ الصابرينْ
سقَطَ العجوزُ سقوطَ قومٍ ظافرينْ
د. أسامه مصاروه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق