من رواية الجثة :
حلّ الليل بغتة وكنّا نجلس متجانبين بحنان مثل طفلين فقدا والديهما يخفي الصمت كآبتنا عن بعضنا كنّا أشبه بزوجي حمام بلّلهما القطر فانكمشا تفحّصت أم السعد وجهي وقد ارتسمت عليه ابتسامة حزينة وهشاشة طفل يتيم ،هذا ماقالته لي بعد سنوات ونحن نسترجع مشهد البوح ذاك الذي متّن عُرَى تعلّق روحينا بعضنا ببعض وصرنا زوجين قبل ان تتشابك أحداث كثيرة في حياتنا، يوم بحت لها بصوتي الخفيض الذاوي "اني أعشقك يا أم السعد"، وقالت بصوت مشحون بانفعلات كثيفة صادرة من قلبها المكسور" الحب لا يأتي عنيفا في ردْكات الرعد على جدار سماءٍ صمّاء، الحب لو دريتَ يقْوَى كل يوم بعد نزول المطر فينْساب بين حنايا القلب جدولاً لا ينضب حتى لو مُتْنا ستذكرنا الناس بإجلال القدّيسين." ثم رفعت رأسها الى أفق مجهول فسَحّت الدموع على وجنتيها. عندها قمت فمسحت براحتي على وجهها واحتضنتها فاندسّت في حضني ونحن صامتين وقتا غير محسوب. كانت خيباتنا تسيل مع العرق الشبقي الذي ينز من مسامّ جسدينا الملتصقين والمتعطّشين للحب.للحب فقط . جاءالصباح قامت أم السعد ملتحفة بإزار لا يكاد يغطي نصف جذعها الفوقي اليانع وأزاحت بيدها ستار النافذة قليلا فانساب نور الشمس على ذراعها البضّ وتوقّف عند وجهها الذي نام ذابلا وأصبح متورّدا التفتت لي وهي تقول مابال الدنيا ؟ سألتها دون ان أتكلم فأردفت انها متجهمة وكئيبة ثم قفزت مثل طفلة لاهية فوق السرير وهي تخفي جسمها تحت الغطاء. وبقينا حتى الظهر حين جعنا.
منصف الصالحي أبو خالد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق