عازفة "القانون*" التونسية أ-نورة حمدي :-الموسيقى نسيم عليل تتنفّس به رئتايَ
"الموسيقى هي قانون أخلاقي يمنح الروح للكون ويمنح أجنحة للعقل، تساعد على الهروب إلى الخيال، وتمنح السحر والبهجة للحياة". (أفلاطون)
-"الموسيقى لغة عالمية تقرب بين الشعوب وتنشرالحب والجمال والمعنى العميق للإنسانية.." (أ-نورة حمدي)
موهبة فنية واعدة،وقعت في غرام القانون بصندوقه الخشبي الموشى بنقوشاته البديعة، وبإيقاعاته الشرقية الفريدة التي تعزف أعذب الألحان.
تقول : "مشاعري هي محرك شغفي بالموسيقى،فكل نغمة تخرج من عزفي على آلة القانون تعزف على أوتار قلبي..القانون ذو صوت عذب،يدخل القلب دون استئذان،كما لصندوقه الخشبي ذي الزخارف البديعة التي تفصح عن هويته الشرقية ما يزيده جمالاً على جماله.."
وتضيف هذه الموهبة الفنية الواعدة أ-نورة حمدي (أصيلة جهة تطاوين) :" «مشاعري هي محرك شغفي بالموسيقى،فكل وتر تلمسه أناملي،وكل نغمة تخرج من عزفي على آلة القانون تعزف على أوتار قلبي،وتزيد شغفي بهذه الآلة الرائعة أكثر فأكثر،فالقانون من الآلات البارزة،ويغطي جميع المقامات الموسيقية،لذا يعد بمثابة دستور للآلات الموسيقية العربية».
وتقول أيضا أن القانون بالنسبة لها هو عبارة عن آلة لتنظيم العمل الاروكستري بأصواته الخاصة وخصوصياته ودوره المحوري وسط العزف المنفرد للآلات الموسيقية''، مضيفة أن القانون من خلال أصواته الخاصة قد وجد مكانته حتى بالدول غير العربية وذلك ما يثبت جمال أصواته.
يقول الفيلسوف أفلاطون «الموسيقى تعطي روحاً للكون،أجنحةً للعقل،طيراناً للمخيلة،وحياةً لكل شيء»،
كلمات بسيطة تحمل معنى عميقاً،تلخص وظيفة الموسيقى ودورها في حياة الإنسان،بصرف النظر عن سنه،لأن الموسيقى لا تفرق بين الأعمار،تجذب الصغير والكبير،تنفذ إلى قلب المستمع بكل قوة،تؤثر فيه وتتفاعل معه،لتحرك عواطفه وأحاسيسه.
ومما لا شك فيه أن الموسيقى فن العقلاء..بل هي قمة الفكر،ولذلك فهي قمة الشعور والأحاسيس..فلا يوجد إحساس ولا عاطفة إلا وخلفهما عقل محرك واع سليم..وطالما قرر “برامز”-الذي عاش في القرن التاسع عشر..عصر الرومنتيكية-أن الموسيقى هي فن العقل فقط ..وبالفكر والتحكم العقلي..تحمل الموسيقى إمكانيات العلوم التي هي هرمونيات جميلة معبرة..وإيقاعات نابضة بالحياة..وقوالب معمارية متناسقة،وألوان أوركسترالية عميقة،رائعة..أي أنه بالفكر وحده تغني الموسيقى نداء القلب وأنشودة السلام
والفن في مجمله هو رسالة سامية تحمل في طياتها كل معانى الحب والجمال،والقيم الإنسانية الراقية لم تكن مجرد مرحلة بل سيظل الفن يعبر عنها طالما هذه القيم ما زالت تنبض في دواخلنا..
ومن هنا،فالموسيقى تعبر عن كل شيء في حياتنا وعن كل مشاعرنا وأحاسيسنا..
المبدعة التونسية أ-نورة حمدي تخفي في جيبها خجل اللحن وريح النغم،لتبسط كفّها وقد أينعت منها موسيقى تحيك الواقع بالحلم،واثقة من مسارها غرّد لها بأن النشيد نبع لذاتها مستسلم.ابتسم لها الوتر،رافق روحها و قد ملأها بأمل مخضرّ،لملمت أنفاسها تنهيدة صافحتها الشمس والقمر.
من دواخلها تروي عطشنا للجمال،تأخذنا خطواتها لمجالسة ترانيمها لنكون معها في اتصال..
في بصرها أينعت أزهار الإصرار لتحيك لهدفها لحاف الوصال.تخاطب فينا صفير الإقدام عبر شرايين الحياة،لتوشوش مسمعنا بالتماعة الإرادة لقطف ثمار ما هو آت،سُنبلات خُضرٍ تدنو نحوها بثبات..
انطلاقاً من الدور المحوري الذي تلعبه الموسيقى في عملية التربية والتنشئة السليمة للأجيال الصاعدة،تؤكد هذه الأستاذة الفذة (أ-نورة حمدي) المفعَمَة بعطر الإبداع الموسيقي أهمية استمرار الأنشطة والفعاليات الموسيقية** على مدار العام،من أجل الإسهام بشكل فعّال وبنّاء في عملية التوجيه السلوكي والتربوي للتلاميذ،إيمانا منها أن تعليم الموسيقى يغرس في نفوس النشء كثيرا من الأسس التربوية وفي مقدمتها تنمية القدرات الشخصية من حيث التدريب على الاستقلالية والقدرة على مواجهة الغير والتعاون مع الآخرين عبر المشاركة في الأنشطة والفعاليات المختلفة التي تقام في المؤسسات التربوية أو خارجها،والتي تتيح الفرصة لإبراز المواهب لدى التلاميذ،ونوهت أ-نورة حمدي إلى أهمية دور الموسيقى في تهذيب النفس والسلوك لدى التلاميذ،وتحقيق التوازن الانفعالي لهم..وترى أن تعليم الموسيقى يعمّق الوعي الثقافي لدى الأجيال الناشئة،ويساعدهم على تنمية الثقة بأنفسهم،وزيادة تركيزهم وانضباطهم من خلال عملهم مع بعضهم البعض،وفق إيقاع موسيقي متناغم،كما تجعل الأطفال أكثر ذكاءً وتواصلاً مع الآخرين..
أما بخصوص أحلامها الفنية تقول العازفة الشابة أ-نورة حمدي :" أتمنى المساهمة من خلال معزوفاتى فى التأكيد على أن الفن رسالة يمتزج فيها الحب والجمال والسمو بالإنسانية،كما أحلم بتطوير الموسيقى العربية وأن أنجح فى توصيل معشوقتى-آلة القانون-إلى فضاءات واسعة فأخرج بها من حدود الأغانى العربية والتركية إلى العالم كله بنجاح،كما أتمنى العزف عليها فى المسارح العريقة العالمية.."
وعن المشهد الموسيقي الكلاسيكي العربي اليوم تقول :"يشهد العالم العربي في أيامنا نهضة موسيقية تقلّص الهُوّة بين الموسيقى الجادّة والمتلقي العادي (غير المتخصّص).نشهد حركة نشطة بريادة جيلٍ من الشباب المتطلّع إلى استقلالية لغة الموسيقى،وجعلها تنطق باسم ذاتها، بعيدًا عن ارتباطها التاريخيّ الملازم للغناء والشعر،أو بوطأة الموروث الشعبي بكلّ مكوّناته.
أما حكم القيمة على هذه الأعمال والإنتاجات،فالزمن كفيلٌ بذلك.
وبخصوص المرأة التونسية في المجال الفني والموسيقي،صرحت أ-نورة حمدي أن المرأة التونسية"حققت تقدما كبيرا في الإنتاج الثقافي والموسيقي والأدبي والسينمائي والمسرحي'' ومع ذلك فإن وجودها في مجال الإبداع الموسيقي ''لازال يتأرجح وراء حالتها الاجتماعية وعبء التقاليد وهذا ما يفسر سبب بقاء الموسيقى حكرا على الرجال باستثناء عدد قليل من الموسيقيات والفنانات الحاضرات داخل فرق الاوركسترا وغيرها من الفرق الموسيقية عبر الوطن".
وتختم بالقول : المواهب الموسيقية طاقة المستقبل،والثروة الأغلى القادرة على حمل رسالة الوطن ورسم مستقبله في فضاءات العالم.ويتأتى ذلك من خلال إعدادهم منذ نعومة أظفارهم وفق خطط مدروسة،ومقاربات تمزج بين المحلية والعالمية،حتى نصل لبناء أجيال متميزة، عازفة تعشق الموسيقى،وتبتكر أسلوبها ولونها الموسيقي المستوحى من الإرث الفني التونسي وتحمله إلى المنصات العالمية.
"أنا متفائلة،ومبتهجة بنهوض الإبداع الموسيقي وإبحاره إلى مرافئ التعبير الإنساني،دون التذرّع بالظروف،غير الدّاعمة،أو انتظار اكتمال الوعي والنُّضج عند المتلقي..الفن هو الذي يقود الذائقة،وليس العكس"
نقرة أ-نورة حمدي واضحة و صافية،تحمل معها عواطف أخّاذة،وكأن الصوت الموسيقي المنتشر من القانون،لا يأتي من نقرٍ جارحٍ،وإنما من نقرِ محبٍ،ما يجعلك تحس،بأن هذا الدفق العاطفي،موجهٌ إلى القانون أساساً،وليس إلى أي جهة أخرى..!
إذا كانت أ-نورة حمدي معروفة حاليا كموسيقية موهوبة نادرة ومبدعة،من طرف المتخصصين بالموسيقى،فهي تقول أن الطريق لا تزال طويلة أمامها على الساحة الفنية الوطنية لكي يتعرف عليها الجمهور الواسع بشكل جيد.
قبعتي..يا مبدعتنا الواعدة أ-نورة حمدي..
محمد المحسن
*القانون آلة موسيقية وترية من الآلات البارزة في التخت الشرقي والعزف المنفرد،حيث أخذت مكانا مرموقا بما تتميز به من مساحة صوتية واسعة،فهي تشمل على حوالي ثلاثة دواوين أي (اوكتاف) ونصف الديوان تقريبا،وبذالك فإنها تغطي كافة مقامات الموسيقى العربية،ولهذا السبب تعتبر آلة القانون بمثابة القانون أو الدستور لكافه آلات الموسيقى العربية، حيث نستطيع أن نقول إن آلة القانون هي الآلة الأم والآلة الأساسية عند الشرق مشابها بذلك آلة البيانو عند الغرب وأهميتها،وذلك لاعتماد باقي الآلات الموسيقية عليها في ضبط ودوزنة آلاتهم إضافة إلى تمركزها في وسط الأوركسترى.
**يحتضن فضاء المركب الثقافي بتطاوين يوم السبت القادم 02/03/2024 بداية من الساعة الرابعة مساء عرض موسيقي "مزيج" لفرقة المعهد الجهوي للموسيقى بتطاوين،يتخلله فاصل مسرحي نصرة لفلسطين.وبحضور وسائل إعلام محلية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق