الأربعاء، 9 مارس 2022

لحن الحياة / أحمد بوحاجب/ تونس/جريدة الوجدان الثقافية


 ~ لحن الحياة ~~

حضر كل الحاضرين
فبحثتُ عنِّي
فوجدتُني مختبئا بين حنايا القلب
كلاجئٍ منفرد
أستمعُ إلى لحن صامت
لا يشترط حضوري
ولا يبتغي تصفيق أحد
عسى أن أضبط نبضي
على الساعة العاشقة والنِّصف
بتوقيت الصّمت
حيثما أراني سابقا عصري
في عيون حبيبتي
فهي مذ أحبّتني من قبلِ أن نتعارف
وحُبّي لها مصاب ببعد نظري إلى هناك
حيث لا أدّعي معرفة الحقيقة
بل أسعى
إلى الهروب من واقعها المفتعل
عبر حقيقة مطلقة
لا يقدر أحدٌ على خلع أبوابها المفتوحة
إذ كيف لشياطين الإنس
أن يتنكّروا لنا في هيئة ملائكة
ويلوِّحوا أمامنا بأجنحتهم
ليحجبوا عنّا الرؤية
وكأنّهم لا يعلمون
بأنّنا نبصر بقلوبنا لا بعيوننا
ألا إنّنا نتنفّس العالم مِن ها هنا
وما أضيق العالم لولا اتّساع الصدر
من ها هنا المسافات
غير عادلة
لكنّ مساحة القلب تعدل بينها
من ها هنا نحقن وريد النبض
بعطر الهمسات
عسى أن نرفع سقف التّنبُّؤات
فلا نكون بحاجة إلى الكلام
إلّا إذا احترمنا هيبة الصمت
من ها هنا نستلهم النور
حيثُ الروحُ تبصرهُ
لا خاب ظنٌّ إلى الأعماقِ يحتكمُ
ومن ها هنا حبيبتي
شمسي وقرّة عيني
وأنا قمرها
ومرآة روحها
أباهي بها النجوم
ولا أتذمّر أبدا من غيابها
بل أنتظر شروقها كل يوم
لأغيب أنا
على أملٍ أراه فيها يحييني
ولو في الغياب
فعلام اللّوم يا مهجتي ولمَ العتاب
ما دام قدري أن أحبّكِ وأنتِ غائبة
وكُلّما مرّ طيفكِ أمامي سألتُكِ بلا مجاملة
ألا ليت شِعري ما سرُّ جمالكِ دون مساحيق
وكلّما تنزّل عليّ وحيُ المجاز
أدركتُ أنّكِ لحن الحياة الجميل
في زمن النّشاز
ومن عينيكِ تتّسعُ رؤيتي
وأدركُ كيف تتعتّقُ الأبجديّة في خوابي الكلام
فما حاجتي إلى القراءة
ما دمتُ أجيد قراءتكِ يا مهجتي
ثمّ إني لستُ بقارئٍ للمكتوب
إذ لقلبي رأيٌ آخر في كتابة ما يقرأ
وفي قراءة ما لم يُكتب بعد
~~~
أحمد بوحاجب/ تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق