السبت، 1 فبراير 2025

**غربة النفس** بقلم الشاعرة عائشة ساكري تونس

 **غربة النفس** 


ما أصعبَ أن يكونَ بداخلك آلافُ الكلمات ولا تستطيعَ أن تعبّر عنها وأنتَ مقيّدا بالصّمتِ...وما أصعبَ أن تموتَ الكلماتُ بينَ جوفِك وحلقِك وأنت مكسور الخاطر. وما أقسى أن تصرخَ، ولكن يظلُّ صوتُك مخنوقاً، يموتُ بداخلك آلافُ المرات...وما أمرَّ من أن تتألمَ، ولا يشعرَ أحدٌ من حولك.فكم هي موحشةٌ وقاسيةٌ غربةُ النفس التي تركت فينا هشاشة الروح.!!!

وما أصعبَ أن يطالبَك البعضُ بالابتسامة في الوقتِ الذي تعيشُ فيه عمقَ الألم...وأيُّ ألمٍ يعيشُ بينَ جوانحِك، أيها الصامت...

عذراً عذراً إن فاحتْ رائحةُ الوجعِ بينَ السطور، فربما لبعضِهم هي مجردُ كلماتٍ تافهة، لا معنى لها، وربما تعني لآخرين إحساساً وشعوراً متدفقٌ من القلبِ. في هذه الحياة، لا تكن خياراً ثانياً أو خطةً بديلة...لا تعشْ بنصفِ أمل، ولا تكنْ نصفَ الطريق...

فكم من حروفٍ تقمصت التودد ولكن الحبرَ كان مزيفاً، والقلمَ منافقاً بدرجةٍ أولى!!!

وكم من مشاعرَ صامتةٍ غريبةٍ بأعماقِ الحنين والأشواقِ تعجزُ عن البوحِ بها أعظمُ الكلمات...فرفقاً بما تبقى منا أيها الزمن، فحياتنا أصبحتْ أزلية والنهايات متعبة..نهايات كل شيء، نهاية يوم شهر عام..تتعبنا لأننا نوقن أن لا عودة لها مجدداً وهي الخط الأخير والخطوة الأخيرة التي نخطوها ملوحين بالوداع بقلوب باكية مدركين أنها الساعة الحاسمة للرحيل حيث اللاّحضور بعدها..فكم هي موجعة النهايات حقاً  ومؤلم موت مشاعر كانت تحيا في قلوبنا..صعب جداً نسيان من عشنا معهم تفاصيل مشتركة. نحن نتجاوز راغبين ويبقى كل إحساس وكل عاطفة وكل شعور لن يُمحى من داخلنا ببساطةٍ.

 ايها الطيف  ستبقى كاليدِّ الخفيّة التي تزورنا ليلاً فتصفعنا بالذكريات ثم تنام مجدداً في هدوء الليل.. فتخشع كل العواطف إحتراماً للحنين، ذلك الزائر الثقيل الذي يأتينا فجأة في مطلع كل فجر نقي فيبعثرنا من جديد بعد أن ظننا لوهلة بأننا تجاوزنا أحلام  الزمن.!


الشاعرة عائشة ساكري تونس 🇹🇳

1 فيفري 2025



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق