الثلاثاء، 11 فبراير 2025

خواطر طبية "المودة والرحمة"«®» من مذكرات : د/علوي القاضي.

 «®»خواطر طبية "المودة والرحمة"«®»

من مذكراتي : د/علوي القاضي.

... جاءت عيادتي برفقة زوجها مستندا على كتفها ، وكان يبدو عليه الإجهاد النفسي والبدني والذهني ، ولم يستطع حتى الكلام وكأنه في النزع الأخير 

... وكعادتى مع مرضاي أن أتطرق في حواري معهم كما تعلمنا من أساتذتنا (أيام ماكان التعليم الطبي أكثر إحتراما) أن نسأل عن بعض المعلومات الشخصية ، التي تفيدنا في تشخيص وعلاج المرض (وليس من باب التسلية) ، مثلا طبيعة عمله (شاق أو مريح) ، حالة السكن (صحي أو غير ذلك) ، علاقته بمن حوله في البيت والعمل ، نظامه الغذائي ، والتدخين من عدمه ، وشخصيته هادئ أم عصبى وهكذا ؛.؛.؛.؛

... كل هذه الإستفسارات توجهنا لإستكمال التشخيص ووصف العلاج الصحيح ، ثم مع العلاج أقدم النصائح لتعديل نمط الحياة (Life style) ودائما أوجه نصائحى لمرافقيه

... لم يستطيع عرض شكواه فصوته لايتعدى شفتيه وتطوعت زوجته بالكلام وكان ملخصه أنه غير قادر على القيام بواجباته الحياتية والزوجية (وأعتقد أن هذا مايهمها)

... وبعد الفحص وعمل تخطيط القلب وقياس النبض والضغط تأكدت أن المريض يتمتع بأجهزة سليمة ولكن كفاءتها ضعيفة كما أن مناعته ضعيفة ، ويعاني من إكتئاب ، ولاينقصه سوى التغذية السليمة والراحة النفسية

... وصفت له بعض الأدوية المقوية للمناعة ، وأعطيته النظام الغذائي السليم ، وبعض الإرشادات السلوكية 

... وقلت ﻟﻠﺰﻭﺟﺔ ﻋﻠﻰ إﻧﻔﺮﺍﺩ : ﺯﻭﺟﻚ ﻳﻌﺎﻧﻲ الإﺣﺒﺎﻃ ، ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻹ‌ﺟﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺒﻴﺖ ، ﻭﺷﺮحت ﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ عليها ﻓﻌﻠﻪ :

.. ﺩﻋﻴﻪ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ ﻭﻗﺖ ﻣﺎﻳﺸﺎﺀ 

.. ﻻ‌ ﺗﻌﺎﺭﺿﻲ ﺃﻗﻮﺍﻟﻪ ، ﻭأﺣﺮﺻﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺰﺍجه الجيد 

.. ﻭﺃﻋﺪّﻱ ﻟﻪ ﻭﺟﺒﺎﺕ ﺧﻔﻴﻔﺔ وﻟﺬﻳﺬﺓ 

.. ﻭﻻ‌ﺗﺰﻋﺠﻴﻪ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﻣﻨﺰﻟﻴﺔ 

.. ﻭﻻ‌ﺗﺜﻴﺮﻱ ﺟﺪﺍﻻ‌ﺕ ﺗﺎﻓﻬﺔ ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺇﺟﻬﺎﺩﻩ

.. ﻭﺷﺠﻌﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﺔ والترفيه 

.. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﻛﻮﻧﻲ ﺑﺸﻮﺷﺔ ﻭﺣﻀﺮﻱ ﻟﻪ ﻋﺸﺎﺀً ﻓﺎﺧﺮﺍً ﻭﻻ‌ترفضي ﻟﻪ ﻃﻠﺒﺎً 

.. ﻭﺍختتمت ﻛﻼ‌مي : ﺇﺫﺍ إﺳﺘﻄﻌﺖِ ﺍﻟﻤﺜﺎﺑﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻮﺍﻝ ﺃﺅﻛﺪ ﻟﻚ ﺃﻥ ﺯﻭﺟﻚ ﺳﻴﺴﺘﺮﺩّ ﻋﺎﻓﻴﺘﻪ ﺗﻤﺎﻣﺎً خلال شهر واحد ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﻔﻌﻠﻲ ﺳﻴﻤﻮﺕ ﺑﻌﺪ ﺷﻬﺮ 

... وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺮﺝ ﺍﻟﺰﻭﺟﺎﻥ ﻣﻦ غرفة الكشف سمعته يسأﻝ ﺯﻭﺟﺘﻪ : ﻣﺎﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﻟﻚ الدكتور علوي ؟! 

.. ﺭﺩّﺕ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ : ستموت ﺑﻌﺪ ﺷﻬﺮ (وهذا في نظر القانون الإنساني والمدني قتل مع سبق الإصرار والترصد) ‫

... هذا الموقف ذكرني بوصية الأم لإبنتها قبل الزواج ، حينما كان هناك أمهات فعلا ، صدق الشاعر إذ يقول :

.. الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعبا طيب الأعراق

... قالت أم لابنتها ليلة زفافها وهي تودعها : 

               .. أي بنيّة .. 

.. إنك قد فارقت بيتك ، الذي منه خرجت ، ووكرك الذي فيه نشأت ، إلى وكر لم تألفيه ، وقرين لم تعرفيه ، فكوني له أمة ، يكن لك عبدا ، واحفظي له عشر خصال ، يكن لك ذخرا : 

..أما (الأولى والثانية) فالصحبة بالقناعة والمعاشرة بحسن السمع والطاعة 

..أما (الثالثة والرابعة) فالتعهد لموقع عينيه ، والتفقد لموضع أنفه ، فلا تقع عيناه منك على قبيح ولايشمن منك إلا أطيب ريح ، والكحل أحسن الحسن الموصوف ، والماء والصابون أطيب الطيب المعروف 

..وأما (الخامسة والسادسة) فالتفقد لوقت طعامه ، والهدوء عند منامه ، فإن حرارة الجوع ملهبة ، وتنغيص النوم مكربة 

..وأما (السابعة والثامنة) فالعناية ببيته وماله ، والرعاية لنفسه وعياله 

..أما (التاسعة والعاشرة) فلا تعصين له أمرا ، ولا تفشين له سرا ، فإنك أن عصيت أمره أوغرت صدره ، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره 

..ثم بعد ذلك ، إياك والفرح حين إكتئابه والإكتئاب حين فرحه ، فإن الأولى من التقصير ، والثانية من التكدير ، وأشد ماتكونين له إعظاما ، أشد مايكون لك إكراما ، ولن تصلي إلى ذلك حتى تؤثري رضاه على رضاكي ، وهواه على هواكي ، فيما أحببت أوكرهت ، والله يصنع لك الخير ، واستودعتك الله 

... تحياتي ...



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق