صلاة على حافة الموت
ندور بأجنحة وعطرها
عمّ المكان وما ائتلف
صار قريبا والمدى
تملؤه الفراشات يطفى
اقتربت لحظات الوداع والفنى
باتت تُمازج الروح بالجسد زَلفا
صار الصراع سريعا
ما بين كفّين وصُدُفا
اصطدم الحنين بالثرى
لا لم يعد بيني وبين الفناء خوفا
طفلٌ رضيعٌ سابحٌ
بدماء لم تكن بينه وبينها ألفة
همدت أعضاؤه في طوع
وبدت عيناه تسبح في السماء تطفى
أيْنك يا حضن أمّي سريعاً
اختفيت وما كدت بك أدفأ
عينان غارتا مع السحاب امتزجتا
فُتحت بوابة الجنان أمامها تتخفّى
حورية الجنان تهفو وتعتلي
فرحاً بالأرواح القادمة
تزفهم إلى محرابها زفّا
لا معنى للصبر يا أنا
ولا معنى للموت والأجساد رجفا
هل ستكفينا الدموع يا أنا؟
نبكي العراق أم لبنان او سوريا
ام اليمن أو السودان أو القدس
نبكي السلام المسلوب منا
نبكي السلام المخطوف خطفا
يا أيها الموت انتظر قليلاً
مازلت لم اتمم صلاة الفقد
ما زالت روحي تحوم حول المنفى
يا أيها الموت انتظر
سأسكب ماء الطّهر
على الجثث الرميّة
ها هنا
وأضمّد بالصبر كفَّ الجرحى كفَّا
أُأَمّم بماء البدء أرواحَ أحبّتي
وأجفِّفُ عرقاً تصبَّب صيفا
بلَّلَ تراب الأرض حتى الرّضى
غزا الأركان حُبّا لا عنفَا
يا أيّها الموت انتظر
وانظر كم بصوت المدافع نجيد عزفا
وكيف ارتوى التراب بدمنا
لا صوت فوق صوت الألم يخفى
كلّ المرايا تهشّمت
وامتدت بالعروق النّزفى
يا أيها الموت الرّهيب لا نخافك
سَنُرتّق ثُقب الرّوح طرفا طرفا
تعلّمنا من الآلام سرَّ أنينها
واطنبنا في عمق الأحزان الصّرف
الموت يلوذ بالأرواح على عجل
ويقطف عمر الزهور قطفا
يا أيّها اللّئيم الخاطِف أرواح الأبرياء
عمر الزهور جفت عروقها جفا
سقطت أقنعة الخيانة والرّدى
كُشفت كل النفوس المريضة كشفا
وترانا نمضي للوريد نمتصّ نبضاته
لعلّها الخفقات تستعيد الرّجف
كم أنت سريعا أيها الموت!
هزمْتَ أمنية البقاء وأدرجت
قائمة الشهداء خطفا
هنيئاً للأرواح الزكي عبيرها
بجنان الخُلد تصطفُّ صفاّ صفّا
يا أيّها الموت كم أنت حبيب الله
وكم الشهيد بأحضانك يدفأ
القلب يرهقه مروى السؤال
يا إلهي هل لأنفسنا المعذّبة بالجراح
تندمل يوما وتشفى
هل نعود من غربتنا في المدى
وهل لنا بجناحك ركنا ومرفأ
بقلمي
نجوى النوي
تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق