الأحد، 24 نوفمبر 2024

ملحمة الفتنة بقلم الكاتب عبد الكريم يوسفي

 ملحمة الفتنة 

( هَيْتَ لك ..صورة عميقة ..في النفس في طبيعتها ..ضعفها و قوتها..حين ترتج الموازين..يقف رجل على قدميه ..و تشتعل الأمانة في قلبه كقبس من نور ) 


ليلة البئر رغم أني كنت غلاما ....

كان بإمكاني أن أنام ...

أن أتوسد حجرا كأني به من حرير ...

أن أفترش القعر كأني على سرير ..

كان بإمكاني أن أرى النور وسط الظلام ....

لكن ليلتي اليوم يا أمي سجن لا يشىبه السجون ...

عرس لا يخيّل إليّ أن شَاهَدَتْ مثله العيون ...

ملحمة من مُلْهَمَة ...أعدّت فيها من كل الفنون ..

كان قلبي يخفق ويطير .....

وسط العطور 

ألم أقل لك يا أمي إنها الفتون ... 

طعمها حلو ...لذيذة ..

سجن لا كالسجون 

لم تَرَيْ يا أمي حُسْنَها حين أرخت الستور ....

وتنثر الورود ..

أمشي فوقها كأني فوق البساتين ...

وتلك الفساتين...

 المعلقة ...ألوانها كالزهور ... 

كان قلبي تائها ..كأنه في صحراء 

لكنها من حرير...

وكانت هي أمامي شاهقة ...باسقة كالنخل .. 

شفافة كالندى ...

كالهدى...... رأيتها ...

لكن لِمَ يتلبس لي.. يأتي كالسدى ..

كالسنبلة تنهدت شامخة فشق ثوبها الشموخ ...

كل شيء من حولي كان ينبض 

المرايا ..والشموع ..والكؤوس ..

والنوافذ ..والنمارق المفروشة ..كلها تخفق في نسق...

 كأنها على ميعاد. .. حية كأن بها قلوبا تكاد تكسر الضلوع ..

كأشجار الجنة كانت 

 تعبر حواسي ..تتخلل جسدي ..تدلي ثمارها .لا مقطوعة ولا ممنوعة شهية ..بلا حصر ..نحيفة الخصر ..

تَبَدّى لي اللعين في أوج فرحته ..

وتبدى لي أبي آدم حين خرج من جنته ..

عبد الكريم يوسفي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق