السبت، 30 نوفمبر 2024

كَـــــــفــــــى بقلم الشاعر محمد الدبلي الفاطمي

 كَـــــــــــــــــــــــفــــــــــــــــى


كفى فَهذا الأَسى قدْ صارَ يَكْفينا

وكَيْـفَ تَقْبلُ بَيْعَ العِـــرْضِ أَيْديــنا

إنَّ الحقائِقَ في الآفاقِ قدْ ظَهرَتْ

والبُؤْسُ أَصْبَحَ بِالأَوْجاعِ يَـــسْقــينا

صِرْنا ضِعافاً وَلمْ نَشْعُرْ بِنَكْسَتِنا

كَاَنَّ الجَهْلَ قدْ أَعْــــــــمى مَآقينا

نُمْسي وَنُصْبِحُ والأَوْجاعُ تَنْهَشّنا

وَلَيْـــسَ يوجَدُ منْ بالعَدْلِ يَحْــمينا

تَغَلْغَلَ الجُبْنُ في أَهْلي فقَهْقَرَهُمْ

وَمِنْ تَمَلُّقِــــهِمْ زادتْ مآســـينا


يا عارِفاً دَهْرَهُ يَكْفيكَ ما يَقَعُ

منَ الجـرائِمِ فالإِرْهابُ يتَّــــسِعُ

دارَ الزَّمانُ علينا واسْتَبدَّ بِنا

حُبُّ الحياةِ وَحُبُّ المالِ والطَّـــمَعُ

يَكادُ يُقْرَأُ ما يَجْتاحُ أُمَّــــتنا

وَكُلُّنا صوْبَ سـوءِ الحالِ نَــنْدَفِعُ

نَجْري وَنَلْهَثُ والأَيَّامُ مُسْرِعَةٌ

وَلَيْسَ يَقْنعُ مَنْ أَوْدى بِهِ الجَـــشَعُ

وأنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ النَّاسَ في وَطَني

نامَتْ عَزائِمُهُمْ مِنْ بَعْدِما وَقَـــعوا


يا وارِداً سوءَ عَيْشٍ جاوَزَ الكَدَرا

إذْ صارَ كَالنَّتْنِ إِنْ أَخْفَـــيْتَهُ ظَهَرا

لا يَرْتَقي اليَوْمَ إلاَّ عاقِلٌ فَطِنٌ

ولا يَنالُ العُــــلى إلاَّ مَنِ ابْتَـــكَرا

وَإنْ سَقى الغَيْثُ أَرْضاً مِنْ مَواطِرِهِ

مَنْ شاءَ فالْيَجْنِ مِنْ خَيْراتِها الثَّمَرا

مَنْ حَرَّرَ العَقْلَ بالتَّفْكيرِ دامَ لَهُ

صَفْواً وأَبْقــى مِنْ نَفْــــــعِهِ الأَثَرا

لا يَنْهَضُ العَقْلُ إلاَّ بعْدَ صَحْوَتِهِ

كَالغيْثِ إنْ صَبَّ أَحْيا النَّجْمَ والشَّــجَرا


ساءَتْ بِأُمَّتِنا الأَخْلاقُ والقِيَمُ

واجْـــــتاحَ واقِعنا الإِمْـــلاقُ وَالأَلَمُ

وَقدْ رأَيْتُ ضِعافَ النَّاسِ في وَطَني

مِنْهُمْ صَقيعُ الجوعِ يَنْتَــــــقِمُ

تَبْكي العوائلُ ما عانَتْ وَحَقَّ لها

أنْ تُدْرِفَ الدَّمْعَ والمَأْساةُ تَحْـــــــتَدِمُ

عَمَّ البَوادِيََ فَـــقْــرٌ فاسْتَبَـتـدَّ بِها

لَوْلا التَّسَلُّـطُ ثـــارَ النَّاسُ كُـلُّـهُـــــــمُ

لا يَخْـتَـفي الفَقْرُ إلاَّ بِاسْـتِـقامًـتِـنا

بِذاكَ أَخْبَرَنا القِـرْطـاسُ والقــلَـــمُ


ماذا سنَفْـعَــلُ والأَقــوامُ جُـــهَّـــالُ

كَأَنَّما البُـــؤْسُ بِالظَّـلْـماءِ هَــطَّــالُ

عادَ الفَـــــسادُ بِنا خَـلْـفاً فَأَغْرَقَـنا

تَحْتَ الكَسادِ وَسوءُ الحالِ أَشْــكالُ

وَراعَنا مِنْهُ رِجْسٌ طالَ أُمّتَنا

وَاجْــتاحَنا في غِــيابِ العَـدْلِ إِهْـمالُ

وَكَيْـفَ أَسْـتُرُ سوءَ الحالِ في وَطني

والنَّهْبُ طاغٍ وَسوْطُ القَمْعِ صَوَّالُ

إنَّ الشُّـعوبَ إذا ما الحُكْمُ أَفْسَدَها

طَغى اللُّصوصُ بِها والجَـــهْلُ وَالمالُ


دَعْني أُفَكِّرُ في سوريا وَفي اليّمنِِ

وَكَيْفَ أَصْبَحَ حالُ النَّاسِ في زَمَنــي

تَجاهَلَ العَرَبُ الأَرْحامَ فَانْحَرَفوا

مِنْ بَعْدِما غَـــــرِقوا في الوَيْلِ والمِحَنِ

وَأَصْبَحوا أُمَماً تَحْيا بِلا نَسَبٍ

والوَضْعُ يَعْكِسُ حَجْمَ العَجْزِ في وَطَني

أَلَمْ تَرَ العَرَبَ الجُهَّالَ ما ارْتَكَبوا

مِنَ الجرائِمِ باسْمِ الدّين في الفِـــتَنِ

يُريكَ مَنْظَرُهُمْ أَسْرارَ مَخْبَرِهِمْ

وَالعَجْزُ يُظْهِرُ ما بِالــقـوْمِ مِنْ وَهَـنِ

                                   

أَرى التَّقَــدُّمَ في الأَعْمارِ نُقْصانُ

وَكَمْ تَقَــــدَّمَ قَبْلَ الشَّيْبِ شُــــبَّــانُ

لا تَغْـتـَرِرْ بِرَبيعِ العُمْرِ في زَمَنٍ

بهِ مِنَ الإنْسِ عِـــفْريتٌ وَشَيْطانُ

وَاعْلَمْ بِأَنَّـكَ للأَمْواتِ مُنْتَسِــــبٌ

فــــما لِداءِ وَفاةِ المَرْءِ عُــــنْوانُ

دَعِ المَشيئةِ تَجْري نحْوَ غايَتِها

فَنَحْـــنُ في مَلكوتِ اللهِ عُبْــدانُ

وَكُلُّ ذَنْبٍ فَعَفْوُ اللهَ يَغْفِــــــــرُهُ

إِنْ طــــهّرَ النَّاسَ إِخْلاصٌ وَإيمانُ


محمد الدبلي الفاطمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق