بَكَتْ لَيْلى
دعِ الأيّامَ تزهـــــــرُ بالأماني
لِنقطِفَ ما يروقُ منَ المـجاني
مَشيْنا في الطّريقِ بهمسِ خَطوٍ
على طرفِ الرّصيفِ منَ الزّمانِ
وكنّا نرقُـــــــبُ الأيّامَ فيــــنا
ونبحثُ في الزّمانِ عـــنِ المكانِ
وعنْ فصْلِ الشّتاءِ سألتُ ليْلى
فكانَ جوابُــها قبـــــــلَ الأوانِ
وقالتْ لي كلاماً جلّ قولاً
وفيه جرى اللّســــانُ مع البيانِ
نظرتُ تأمُّلاً في جوْفِ ليْلي
كأنّ اللّيــــلَ منْ أعداءِ أهْلي
سألتُهُ عنْ ربـــــــيعٍ فرَّ مِنّا
وعنْ وطـــــنٍ تبدّدَ في خَيالي
فجاءَ الرّدُّ ضرباً بالرّصاصِ
وشَنْقاً في المَـــــعاقلِ بالحبالِ
وأرْعَبني الرّصاصُ ببطْشِ نارٍ
تردّدَ وقعهُ وســـطَ الجبالِ
فما وجدَ الرّبيعُ عدا هُروبا
وقد فقدَ العــــديدَ من الرّجالِ
بكتْ ليلى وأهلُها في بلادي
وكُبّــــــلتِ القــــــوائـمُ والأيادي
وصَبّتْ راجِماتُ النّارِ حِقْداً
فحوّلتِ الحــــياةَ إلى رَمـــادِ
بكتْ ليلى وحقّ لها البكاءُ
وقد هجـمَ الخرابُ على البـــلادِ
وأُدْرِفَتِ الدّموعُ على خدودٍ
بها التّــفّاحُ أزْهرَ في البـــوادي
وفي الشّرّقِ الأبيّ جرتْ دماءٌ
بضربِ النّارِ فـي وسطِ العــبادِ
أتى فصلُ الرّبيعِ منَ الجَنوبِ
فأرغمَهُ الشّـمالُ على الهــروبِ
وما أهلُ الجنوبِ سوى عبيدٌ
وقوْمٌ منْ سَــــماسرةِ الشّـعوبِ
بهائمُ في الخُضوعِ قد اسْتمرّتْ
بِمشْرقِها تســيرُ إلى الغـــروبِ
أرادت أنْ تَعيشَ على المآسي
وتفْــرحَ بالشّـقاءِ وبالكــــروبِ
وتنعَمَ بالتّقَـــــشُّفِ في زمانٍ
يمارسُهُ الشّمالُ على الجــنوبِ
محمد الدبلي الفاطمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق