الاثنين، 22 مايو 2023

المقال الثاني حول أثر الهندسة الصوتية في النص الشعري. .....(الروي...) يكتبه الأديب سامي ناصف

 المقال الثاني حول
أثر الهندسة الصوتية في النص الشعري.
  .....(الروي...)
يكتبه /سامي ناصف
..........
إن القيمةَ الجماليةَ للهندسة الصوتية الخارجية في القصيدة العربية والحديثة منها، نتلمسها أولا  من خلال الوقوف على العتبة الأولى  لفهم النص، وهي العنوان الذي يُعد مفتاحًا من مفاتيح الدخول لعوالم القصيدة، ويُعد العنوان من أهم العتبات النصية  والمصاحبة للنص الأدبي، والذي من خلاله يقتحم المتلقي عوالم النص، ويكشف عن مكنوناته ليطلع على خفاياه.
ويأتي بعد ذلك دور الشاعر بوظيفة المهندس من خلال مَقْدِرَتِه: الجمع بين  الصوت الحاضر الكامن في الداخل، والصوت الغائب الوافد من الخارج.
ويُعد الإيقاع أساس الشعر وقوامه،ومن أبرز الحدود الفاصلة بينه وبين الفنون الأخرى، جاعلا منه جنسًا أدبيًا متفردًا عن باقي الفنون، له خصائصه لا يشاركه فيها أيُّ لون من الألوان الأخرى، فلولا الإيقاع لكان كلُّ خطابٍ شعرًا،ولا أمكن تمييز المنظوم من المنثور .
ولو تناولنا  دور القافية في القصيدة الشعرية العربية،لوجدناها عنصرا مهما في بناء الخطاب الشعري،كونها جزءً من البنية التوازنية للقصيدة، إذ بفعل تتابع منتظم بين حالتي الصوت والصمت في قالب متحرك ومنتظم في الشكل الفني للقصيدة، يتشكل الإيقاع وظهر على خطاب  النص الشعري جماله لندرك المعنى الحقيقي للتجربة الشعرية ويعمل على  تحقيق  أعلى نسبة ممكنة من الإنسجام والتوافق في القصيدة،وتشكل  القافية عنصرا مهما في بناء الخطاب الشعري،إذ بفعل ارتساماتها المنسجمة والمتنوعة، (وأصوب الضوء على القافية المنسجمة ) التي تسهم في توجيهه، إيقاعيا ودلاليا، وبهذا فإن وظيفتها لايقتصر على تكرار حرف الروي ،وإحداث جرس موسيقي في نهاية كل بيت،ترتاح له الأذن ويطرب له الذوق، وإنما تُمَارِسُ دورًا فعالًا وحيويًا في البناء الإيقاعي للقصيدة العربية،ومن هنا يقول الغزالي:أدإنه لا سبيل إلى استثارة خفايا القلوب إلا المتعة السمعية،ولا منفذ إليها إلا من دهليز الأسماع فالنغمات الموزونة تخرج متعتها، وتظهر محاسنها أو مساوئها،ومثل هذه العلاقة بين النغم والروح سر يعجز البشر عن تحليله.
فالشعر يحرك القلب،ولا ينبغي أن يظن أنّ ذلك لفهم معاني الشعر،بل هذا جار  في سحر  أصواته،لهذا يدرك الشاعر أن جرس أصوات حروف قصيدته عامل مهم في بنيتها وأنه يجب أن يكون صدى للمعنى،وللقافية سحرها  في نقل لطائف المعنى  وأحاسيس قائلها وذلك من خلال الشعور الذي يوجهه جرسها،فالجرس الموسيقي للقافية من أبلغ الطرق للوصول إلى هذه الغايات.
كتبه/سامي ناصف


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق