الجمعة، 30 يوليو 2021

ليْلةٌ ليْلاَء.. بقلم الشاعر منير الصّويدي

 ليْلةٌ ليْلاَء..

***
وحدي.. في وادي الشياطين..
لا أرى منّي شيئا..
أمدّ يدا عرجاء..
نحو القبّة الزّرقاء.
فلا أبصرني.. ولا أسمعني..
ولا حتّى أذكر مَن أنا..
**
سيجارة أولى..
داعبتها..
تشمّمتها..
أشعلتُهَا..
راقبتها..
شربتُها..
فإذا هي مثلي..
تتوهّج..
تَحتَرقُ..
تذبُل..
تَنْطَفِئُ..
ثمّ تُلقى في متاهات النّسيان..
**
وحدي.. في وادي الشياطين..
ظُلمَة كيفَما قلّبتها..
لا شَيْء مَعي..
إلا خُرافات جَدّتي..
وبعض خوف..
يسْكنُني كلّما تَذكّرتُ..
الأشبَاحَ والغيلان..
أتحَسّسُني بأنامِل مُتيبّسَة..
أحاول التّخفيفَ عَنّي..
أمسَحُ القشَعريرة المتناثرة فِيّ..
أهَدهِدٌني من رأسي حتّى قدميّ..
أقرُصُني بعنف..
علّني أنسَى وحشتي..
وأنتفض مثل الشُّجعَان..
**
سيجارة ثانية..
مع كلّ نَفَسٍ طَويل..
يَزدادُ تيهي.. وَشُرودي..
قلت: ماذا؟..
هل هي قبَس من وهم..
أم خليط من سهاد العُمر..
وَجُنُون السّكارى..
وطلاسم الجَان..؟.
لاطَفتُها..
غازلتُها..
استنشقت بعْضَ ريحِهَا..
سَاءلتُها عن سرّها..
قبّلتُها بحرارة..
فلم أفِق من حضنها..
إلا في عالم الثّرثرة..
وَالصُّداع.. والهَذيَان..
***
وحدي.. في وادي الشياطين..
أتلمّظ طعم الهزيمة..
أمام اللّيل.. والزّمان..
تُطلّ من شقوق الذاكرة..
جنيّة إنسيّة..
نصفها من نور..
وشطرها من نار..
قِرديّة الملامح..
رقيقة الكلام..
نَحيبُها مزلزلُ..
وصوتها رَنّان..
كأنّها سعلاة..
تترنّم بالألحان..
تقهقه ساخرة..
من ثفاهة الإنسان..
..
***
في ذات الدّهشة..
ورَتابّة المكان
سيجارة أخيرة..
أمامَ مارِدٍ جبّار..
يقطف الرّؤوس..
يَسْفك الدّماء..
يَسْتعذبُ التنكيل..
يغتصِبُ النّسَاء..
مُعلنا ببطشهِ..
التمَرّدَ.. والعِصيَان..
..
أنتفضُ في وحدتي ..
مُستأنِسًا بمُهجَتِي..
وَتوْقي إلى الأمان..
فتسقُطُ الأقنعَة..
وتُورق الأغصان..
***
منير الصّويدي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق