ـــــــ دفاعا عن المرأة في المجتمع المدني ـــــــــــــ
لم يكن مفاجئا لي ولا لكثير من الإعلاميين والمثقفين خبرُ تعيين وزيرتين جديدتين في الحكومة التونسية وهما : السيدة فريال الورغي حرم السبعي وزيرة الاقتصاد والتخطيط ، والسيدة فاطمة ثابت حرم شيبوب وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة ، وكم هو جميل أن نرى المرأة التونسية في مثل هذه المناصب الراقية معنى ومبنى ! وكم نشعر نحن بالفخر بنساء بلادي وهن يتصدرن هذه المهمات الخطيرة عن جدارة وأحقية ! خاصة وأن تونس تأتي في المرتبة الثانية عالميا من حيث نسبة النساء صاحبات الشهادات العليا في اختصاص العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ..
ولو لم ير رئيس الحكومة في هاتين السيدتين القدرة على تسيير مثل هذه الوزارات الحساسة لما رشحهما لهذين المنصبين، ولو لم يثق الرئيس قيس سعيد في هاتين السيدتين الجديرتين بمنصبيهما لما منحهما ثقته ..
ولكن المفاجئ حقا بل المباغة هو أن نتلقى بمزيد من الاستغراب اسم كل واحدة منهما مذيلا بكلمة ) حرم فلان ؟؟ (ألا تكـتـفي الوزيرة باسمها وبلقب عائلتها لنحترمها ونمنحها نحن ثقتنا؟ فلماذا إذن تذييل اسمها ولقبها بهذه زائدة دودية التي لا تضيف شيئا من الإكبار لها بل العكس .. لعل فيها الكثير من الاحتقار للمرأة التونسية التي هي كاملة بذاتها وليست في حاجة لذيل يذب عنها الذباب كما لو كانت هايشة لا تدرك معنى النقص في اسمها والذي لا يكمل إلا بحرم فلان مصداقا لتلك المقولة الشائعة خطيئة وخطأ وهي غزل سمج يقول : ــ ( نساء بلادي نساء ونصف ) فهل المرأة التونسية فعلا هي في حاجة أكيدة للنصف ؟ بل من أين لها بهذا النصف ؟ ومن سيتفضل به عليها ؟ ولا فضل له بل هو فضول .. ولا فضيلة له بل إجرام في حق مجتمع نصفه المرأة ونصفه الآخر هي التي تلده وتربيه وهي ليست في حاجة لنصف تكمل به نقصها المتهمة به وهي بريئة من تلك التهمة والتي عبثيتها النكراء تقول : ــ ( نساء بلادي نساء ونصف ) والصواب عند شاعرنا التونسي الأول الذي يقول :
ــ نساء بلادي نساء فقطْ ..
ومن زاد نصفا لهن فنصفه منه لهن سقطْ
وهل تعشق المرأة الرجل النصف ؟ كلا .. فذلك عين الغلطْ
فإن عشقته فليست هي المرأة الرمز .. بل وقعت في الشططْ
إذن .. لماذا يصرّ المجتمع التونسي على أن يجعل المرأة تتكئ على لقب زوجها كما لو كانت عرجاء بينما هي ليست في حاجة للاتكاء إلا على ما اكتسبته من معارف بها كانت جديرة بالوزارة التي لها اختارها الرئيس لكي تقوم بتحمل مسؤوليتها والوقوف شامخة وحدها دون الحاجة لا إلى حرم السبعي ولا إلى حرم شيبوب ؟! بل ــ وبكل احترام ــ للسيدين : السبعي وشيبوب ما دخلهما في عمل الوزيرتين ؟؟
أما آن لتونس أن تحرر المرأة التونسية ومن ورائها العربية ومن خلف التونسية والعربية المرأة المسلمة بصفة عامة التي لابد من تحررها من وصاية القهر المسلط عليها حتى تتخلص من براثن الدولة الدينية لتلتحم بمجد الدولة المدنية ؟ فكلمة : ( حرم فلان ) هي مرجعية دينية متأتية من ذهنية الوراثة المفروضة على الواقعين تحت كسور الوحي المحاصر لا بالتجديف باتجاه المنبع بل بالتجديف باتجاه المصب المليء بالطمي والغرين أعني : ( الحرام والحلال ) بينما الدولة المدنية من المفروض أن لا تكون متشبعة إلا بإكسير الوعي المعاصر الذي لا خضوع فيه إلا للقانون المدني وهو: الممنوع والجائز لا غير .. فقانون العقيدة لاغ .. وهي ما سميت عقيدة إلا لكثرة ما فيها عقد مؤبرة معقدة معقودة حول رقبة الإنسان وكل ما في اليهودية والمسيحية والإسلام من إبر والأباري هي صناعة بشرية وليست صناعة ملائكية ولا شيطانية فالإنسان هو إبرة الميزان المتذبذبة قبل الوصول إلى الإنصاف الذي تقف فيه كل إبرة إلاهية هي خليفة الله في أرضه وسماه .. وكل ما سوى الله هو شيء مخلوق وكل مخلوق متحول وكل متحول باطل وكل باطل ( أي يأتي عليه الدهر فيبطل لأنه شيء ويفنى ليصدق قوله : ــ ( كل شيء هالك إلا وجهه ) هذا ما جاء في الوحي المحاصر ببشرية اللغات التي بها كل الديانات بلا استثناء جاءت من الرحمان الرحيم جل جلاله وتقدست حكمة الغيب لديه . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الإمضاء: الصادق شرف
١١ س
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق