شذرات لغوية /
بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر ٠
-----------------------------
( إعراب و معنى آية ٠٠!! )
قال تعالى :
( سورة الحجر : الآية ٤٧)
٠٠٠٠٠
عزيزي القارىء الكريم ٠٠
مازال حديثنا موصولاً مع حلقات ( شذرات لغوية ) نقطف من خلالها بعض آي القرآن الكريم كي نتعرف على اللغة و الإعراب و التفسير لفهم المعاني و المقاصد و الأحكام تفاديا لتفشي اللحن و فساد النطق و الكتابة معا ٠
و في هذه الآية الكريمة قد استمعت لها من خلال القارىء و كأنني أسمعها لأول مرة عندما كرر كلمة ( و نزعنا ما في صدورهم من غل )
و النزع يدل على الاستئصال و مدى عمق المشقة لهذا المرض الخبيث و المستوطن بمثابة سوسة تنخر في الكيان ، و من ثم تجسيد الشيء المعنوي إلى مادي للتوكيد على حجم الضرر و أهمية علاجه ، و قد جاءت كلمة ( غل ) أيضا نكرة لتدل على الشمول و العموم و تحرك العقل و الفهم و الإدراك لدرجات هذا الغل الذي يتحول إلى حقد و حسد و كراهية مفردات تقشعر منها الجلود و الأبدان و تُخرس منها الأرواح و تقطع الاوصال بين الفرد و المجتمع هكذا ٠
* أولاً - الإعراب :
--------------------
الواو : حرف استئناف.
نزع: فعل ماضٍ مبنيّ على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ٠
و "نا" : ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محلّ رفع فاعل.
ما : اسم موصول مبنيّ على السكون في محلّ نصب مفعول به.
في صدورهم : جارّ ومجرور متعلّقان بـ "فعل محذوف تقديره: استقر ٠
وجملة "استقر في صدورهم" صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب.
و"هم" : ضمير الغائبين مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة.
مِنْ غِلٍّ : جارّ ومجرور متعلّقان بـ "حال محذوفة من الموصول "ما".
إخواناً : حال منصوب بالفتحة.
عَلَى سُرُرٍ : جارّ ومجرور متعلّقان بـ "أصبحوا".
مُتقابلين :حال منصوب بالياء، لأنه جمع مذكر سالم.
وجملة "ونزعنا " استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب.
* ثانيا المعنى العام :
-------------------------
وقد جاء في كتب التفسير عند الطبري و ابن كثير بعض القول :
وأخرجنا ما في صدور هؤلاء المتقين الذين وصف صفتهم من حقد وضغينة بعضهم لبعض.
واختلف أهل التأويل في الحال التي ينـزع الله ذلك من صدورهم ٠
فقال بعضهم:
ينـزع ذلك بعد دخولهم الجنة.
و قيل أن معنى كلمة ( غلّ ) في القرآن الكريم
من الفعل " يغل " يخون ، ومعنى " يغل " يخون ، ويحتمل معنيين :
أحدهما يخان أي يؤخذ من غنيمته ٠
والآخر يخون أن ينسب إلى الغلول ٠
ثم قيل : إن كل من غل شيئا في خفاء فقد غل يغل غلولا ٠
و من ثم سميت غلولا لأن الأيدي مغلولة منها ، أي ممنوعة .
وثمة فرق بين الحقد والغل و الغبطة على النحو التالي :
فإن ( الحقد ) :
هو الغل الشديد ٠
وأما ( الحسد ) :
فهو تمنى زوال النعمة عن الغير.
وأما ( الغبطة ) :
فهي أن يتمنى نيل وتحصيل مثل تلك النعمة. والغبطة مباحة بدون أن يتمنى زوالها عن غيره، وقد تسمى في اللغة حسدا ٠
= مع غل القلب :
تعريف الغلّ :
هو العداوة المتأصلة المتغلغلة في القلب، وهذه العداوة هي كراهية تصاحبها رغبة في النفس للانتقام من الشخص المكروه إلى درجة إنهائه من الوجود ، وهذا الغلّ يلزم أن يكون مذموماً دائما قولا و عملا ٠
و أخيرا ً بعد هذا العرض الموجز للخطوط العريضة لهذه الآية الكريمة و تسليط الضوء على مفهوم ( الغل ) و خطره على الفرد و المجتمع ، و أرى أنه أخطر أمراض العصر بلا أدني مزايدة و مكاشفة بالحقيقة فقد نعايشه ليل نهار و آثاره السلبية و المدمرة السلامة القلب و الجسد و هو سبب لكل نقيصة و مفتاحا لكل آفة شر باتت تهدد السلم الاجتماعي و تنغص الحياة و توابعه المزلزلة من حقد و حسد و كراهية و نقيصة و تمني زوال النعم عند الأخرين و الانتقام منه في صور و أشكال متعددة دائما ٠
فيا رب انزع من قلوبنا الغل و الحقد و الجسد و الكراهية و طهرنا من كل شر ٠
و على الله قصد السبيل ٠
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق