الجمعة، 15 نوفمبر 2024

قصة قصيرة " لفح الجليد " بقلم الكاتب عادل عبد الله تهامي السيد علي

 قصة قصيرة 


       " لفح الجليد " 


تقبله بين حاجبيه وتهرول إلى المطبخ ، تنتظر ملاحقته وهي تغني لفيروز ، تشعل العين الكبرى لموقد الغاز ، وتضع 

ماجور المياه ، تنظر للحبيبات تتحرك

وتتابع حتى يتصاعد البخار ، يحطمها التجاهل.

 حين يأتيها صوت نشرة الأخبار ، تزم شفتيها وتعقد حاجبيها تتحرك نحوه ، يطالعها بابتسامة باهتة ..!

 يحيرها انشغاله بأحداث العالم ، حتى حديثهما الحميمي يرتكز على أهم الأخبار وتأجج الصراع ..!

قالت في نفسها:

منذ متى وهو يهتم بالسياسة ، لا تذكر

له شراء جريدة ، ولم تعهده قارئا جيدا.

تقلق من انشغاله وتفسر عزوفة بامرأة أخرى..! 

تقلق من الحوارات الجانبية مع صديقه

مازن ،تراقب امتعاض زوجته وضجرها

حتى أنها تركت له المنزل و زادت الأزمة بينهما لدرجة مطالبتها بالإنفصال عنه . 

جلست مع مديحة و تبادلا الوجع .

نصحتها بكلمات لا تقتنع بها ، وبوجهات

نظر فلسفية لا ترى طائلا من ورائها. 

بين مازن و رمزي تقاطع يخرج بنظرية

و بين مديحة و هيام نظرية أخرى تسير 

في عكس الاتجاه. 

مديحة لا تتحمل الوجع و تريد فك ارتباط مع مازن ،و هيام تعاني ولكنها تبقي على سنوات العشرة..! 

تعيش مع رسائله وصورهما التي توثق

سنين عمرهما التي مرت كشريط سينمائي ، ضحكاتهما، و لعبهما داخل

متنزهات ،و وروده التي كان ينتقيها

 و يجثو على ركبة ونصف؛ ليقدمها مع

قصائد العشق التي أدارت رأسها .

مديحة عاشت نفس التجربة بتفصيلاتها

و مازن الرقيق بحسه الفني كان يرسمها

تحت شجرة الزيزفون و الطيور الصغيرة فوق أغصانها بألوان زاهية..!

صورة وضعتها بغرفة نومها حتى تعيش

ذكريات الحب الرومانسي.

يعقدان جلسة بحث مضنية لا تثني مديحة عن موقفها.

تواجه زوجها بقاعة المحكمة و ترد على

القاضي حين يسألها عن دوافعها لطلب

الطلاق ، تتلعثم غير قادرة على نظم

عباراتها ، تسبقها دموعها و حشرجة صوتها .

يعطيها القاضي فرصة للتروي و يؤجل الجلسة. 

تحاول هيام استمالة رمزي فترتدي

ملابس نوم فاتنة و تعطر جسدها بعطر

باريسي أنثوي يحبه .

تتغنج عليه بدلال فيقبلها ببرود يقتل عندها كل مشاعر الحب ، تتركه

 و تستلقي على سريرها ،وصوت بكائها يعلو على صوته مستجديا ، فتخرج كلماته متقطعة ، تراه يبكي للمرة الأولى فتمسح دموعها وتربت على ظهره بعطف قائلة:

أخبرني عن أسباب تغيرك ، لماذا عزفت

عني ، هل هي أجمل مني ؟!

هل تعطيك أكثر مما أغدقه عليك ؟!

ينظر نحوها و الحزن يخيم على وجهه

قائلا:

الأطفال ،والنساء،والشيوخ يموتون بدم

بارد ،والآليات تسحقهم حتى تتعلق أشلاؤهم بجنزيرها.

تلتفت نحو جريدة ورقية وتقرأ العنوان:

(حرب إبادة). 

تحتضنه وتمسد فوق يديه بأصابعها الرقيقة قائلة:

إن مع العسر يسرا ..عسى ربك أن يفرج الهم وينصرهم نصرا عزيزا .


عادل عبد الله تهامي السيد علي 

مصر



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق